الاستثمارات الصينية الخارجية والترحيب الحذر

05:00 صباحا
قراءة 3 دقائق
«فاينانشال تايمز»

تتدفق الاستثمارات الصينية خارج البلاد بوتيرة عالية وتصب في مختلف قطاعات الاقتصاد العالمي، بدءاً من العقارات السكنية وانتهاء بشركات صناعة الأسمدة، وهناك مؤشرات على أن هذا التدفق سوف يتسارع. إلا أن الشركات والمؤسسات، وحتى الحكومات في دول الغرب غير مستعدة لهذا الطوفان من النقد.
وبلغت الاستثمارات الصينية في صفقات الاستحواذ والاندماج خارج الحدود منذ بداية العام الحالي 106 مليارات دولار، بفارق 3 مليارات دولار عن كامل استثمارات العام الماضي. وكان المثال الصارخ على هذا التوجه العرض الذي قدمته شركة «أنابانغ إنشورانس» الصينية مؤخراً لشراء مجموعة «ستاروود» و«ستراتيجيك هوتلز» الفندقيتين الأمريكيتين بقيمة 20 مليار دولار. ويشكل الصينيون الأفراد الفئة الأكثر شراء للعقارات في معظم المدن الغربية الناطقة باللغة الإنجليزية.
ولا شك في أن اندماج المستثمرين الصينيين والشركات الصينية في الاقتصاد العالمي أمر إيجابي. وسياسة الحمائية الغربية ستقابل برد انتقامي صيني وبالتالي يعزز موقف المتشددين في بكين الذين يؤيدون توجهات الحكومة لمنافسة الولايات المتحدة وسلبها دورها والحلول محلها على المسرح العالمي. وهذه سياسة أكثر احتواء مما قد يظن الكثير من حكومات الغرب رغم أن مؤيديها لا يشكلون القوة الأيديولوجية النافذة في السياسة الصينية.
وفي الوقت الذي يمكن اعتبار تدفق الاستثمارات الصينية خارج الحدود أمراً مفيداً، إلا أنه يحمل في طياته بعض المخاطر. فالعديد من الشركات الصينية التي تبرم صفقات اندماج خارج بلادها تنوء تحت عبء ديون ضخمة داخلها ما يثير الشكوك حول ديمومة صفقاتها تلك.
وتبذل الصين جهوداً ضخمة للحد من هروب الأموال المثير للقلق وهذه الصفقات هي جزء مما تستهدفه الجهود الحكومية. وإذا كان هدف بعض الشركات الصينية من وراء إبرام صفقات الاستحواذ هو تهريب أموالها خارج الصين فهذا مبرر كاف كي لا تلتزم على المدى البعيد بالسعي لنجاح تلك الاستحواذات.
وينبغي على حكومات الغرب مطالبة الشركات الصينية بمزيد من الشفافية كما فعلت قبل عشر سنوات، عندما احتدم الجدل حول صناديق الثروة السيادية. وهكذا تضمن عدم استغلال صفقات الاستحواذ ومشتريات العقارات كوسيلة لإفساد المسؤولين أو رجال الأعمال عديمي الضمير بتهريب الأموال خارج البلاد. وإذا افترضنا أن نسبة 3% من الاستثمارات الصينية لعام 2000 تم تهريبها عبر مسؤولين فاسدين، وهذا رقم شديد التحفظ صادر عن الحزب الحاكم، فإن هذا المبلغ يعادل حالياً 1.1 تريليون دولار حالياً.
ورغم أن الشركات الصينية الحكومية والخاصة تروج لاستثماراتها خارج الحدود على أنها تصب في المصلحة الوطنية الصينية، إلا أن هناك خوفاً غير مبرر في العديد من الدول من أن الاستثمارات الصينية هي «حصان طروادة» الذي يفتح الباب أمام ألاعيب الحزب الشيوعي الصيني السياسية.
ولا تزال إجراءات الحصول على موافقة للاستثمار خارج الصين غاية في الصعوبة. وعلى أرض الواقع، وبغض النظر عن الطريقة التي تتم بها صفقات شراء الأصول في الدول المستهدفة إلا أنها في الغالب تتم لأغراض تجارية بحتة. ولا بد أن يسفر رفع مستويات المكاشفة والشفافية في ما يتعلق بالوضع المالي للشركات الصينية ومالكيها عن تبديد المخاوف المتعلقة بأهدافها الخفية إن وجدت.
والمؤكد أن استثمارات الصينيين في الخارج سوف تستمر في الزيادة. وعلى دول العالم أن تستعد لها وتهيئ التشريعات والبيئة المناسبة للاستفادة منها. وعلى حكومات الغرب أن تعتمد مبدأ «اعقل وتوكل» عند استقبال تلك الاستثمارات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"