الولايات المتحدة لن تقضي على «كوفيد-19» بمفردها

02:17 صباحا
قراءة 3 دقائق

يتطلب القضاء على كوفيد-19 بأسرع ما يمكن، بذل جهد عالمي حقيقي تتصاعد فرص نجاحه إذا تمكنت إدارة ترامب من التغلب على شكوكها في جدوى التعاون الدولي، والقيام بدورها القيادي كاملاً وبشكل مدروس.

فحتى هذه اللحظة تتمسك واشنطن بالعمل منفردة على طريقتها الخاصة. وأطلقت الإدارة حملة غير مسبوقة للإسراع بتطوير لقاح محلياً، وبقيت بعيدة عن الجهود الدولية الخاصة بتنسيق عمليات تمويل وتوزيع أي لقاح مرشح لتحقيق النجاح. ولا تزال مستغرقة في جهوها الخاصة لتحقيق اختراق. وعلى الرغم من رفض الصين المساهمة في مؤتمر التمويل الذي تقوده أوروبا، انضم الرئيس شي جين بينغ إلى الدول الأوروبية يوم الاثنين، في تأكيد الوعود بأن أي لقاح تطوره بلاده سيتم التعامل معه على أنه «مصلحة عامة عالمية».

لكن مثل هذه التعهدات التي توحي بانفتاح عقلي عالٍ، لا تنفي احتمال «تأميم» اللقاح، ما يعني أن أي بلد يسبق لتطوير لقاح، سوف يمنح الأولوية لعلاج مواطنيه حصرياً، بغض النظر عن المكان الذي تكون الحاجة فيه أكثر إلحاحاً. وقد يكون حرص الدول على علاج مواطنيها أولاً مبرراً ولا مفر منه، و قد أعلنت بعض شركات صناعة الأدوية أن الإمدادات سوف توزع في الدول التي مولت أبحاث اللقاح وعمليات إنتاجه أولاً.

لا شك أن إدراك هذه النقطة قد يعزز فرص التعاون المفيد. على سبيل المثال، إذا كانت مشاريع البحث مجرد تكرار لما يتم في مكان آخر، فلا شك أن كمية الهدر في المال والجهد كبيرة جداً. يجب تجميع المعلومات في كل مرحلة، بحيث يمكن توجيه فرق البحث المختلفة والمخططين اللوجستيين بناء على ما توصل إليه كل فريق منهم. وهذا ينعكس إيجابياً على الرأي العام الذي يرحب بالالتزامات المشتركة بين الدول لتطوير لقاح، خاصة لحماية عناصر الرعاية الصحية في خط الدفاع الأول، بغض النظر عن أماكن إقامتهم.

وربما تكون الولايات المتحدة أكبر الرابحين من هذا الإدراك. وبداية، لا ينبغي الافتراض أن أبحاثها ستكون أول من ينجح. يمكن للولايات المتحدة الاعتماد على الأموال والموارد العلمية الوافرة، وهناك مشاريع لقاح قريبة من النجاح، ولكن لدى الصين والمملكة المتحدة تجارب واعدة مماثلة.

ويمكن أن تؤدي الجهود المفرطة في الأحادية إلى نتائج عكسية أيضاً. فقد تستغل سلاسل التوريد الفرصة إذا حاولت إدارة ترامب احتكار مخزون اللقاحات، وربما تحتكر المصانع الأمريكية المواد الأولية مثل الزجاج الطبي الذي سيكون دوره حاسماً للتصنيع والتوزيع. ومن المهم أن نتذكر أنه لن تكون أي دولة آمنة أو قادرة على رؤية اقتصادها ينتعش بالكامل، ما دام الفيروس غير خاضع للسيطرة في مكان ما من العالم.

هذا هو الوقت المناسب للتوصل إلى فهم مثمر حول طرق التعاون، لأن الفائز في سباق اللقاح لا يزال غير واضح. من المؤكد أن التوترات بين الولايات المتحدة والصين تزداد بشكل كبير بحيث يتراجع احتمال الشراكة الحقيقية بينهما،و في هذه الحالة، قد يكون الاعتراف الخجول بالمصالح المتبادلة هو أفضل ما يمكن تحقيقه. لكن يجب على الولايات المتحدة أن تتعاون دون تحفظ عندما يتعلق الأمر بالاتحاد الأوروبي والأصدقاء الآخرين.

وفي مواجهة عدو مشترك، يجب على واشنطن مشاركة الأبحاث وتكنولوجيا تصنيع اللقاحات دون تردد. وينبغي التوافق على الأقل، على أن الدولة الأولى التي تتوصل إلى لقاح فعال ستوفر شريحة من الجرعات للعاملين في خط الدفاع الأول على الجبهة الصحية، وغيرهم من العناصر الأكثر عرضة للخطر خارج حدودها، قبل أن يتم تطعيم سكانها بالكامل.

وقيادة الأمريكيين لهذه الجهود يمكن أن تحفز التقدم في جميع هذه المجالات وبسهولة، من خلال مجموعة السبع، التي ستترأس قمتها في يونيو /حزيران والبنك الدولي. وحتى الآن، أدى إصرار إدارة ترامب على إلقاء اللوم على الصين ومنظمة الصحة العالمية في إساءة التعامل مع الوباء، إلى عرقلة التنسيق من خلال هذه القنوات. بدلاً من ذلك، يجب على الولايات المتحدة توجيه هذه المؤسسات للعب دورها. صحيح أن دولاً غيرها حاولت ملء فراغ القيادة، ولكنها غير قادرة على فعل الكثير.

وتفوقت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة في هذا النوع من الدبلوماسية العالمية. وعندما تدرك أن هذه الجهود لا تهدف لتحقيق امتيازات من نوع خاص، سوف تصبح المعركة العالمية ضد (كوفيد-19) مضمونة النتائج. وعندها سوف تتذكر واشنطن أهمية استعادة دورها المنسي في تحقيق مصالحها العليا على أكمل وجه.

* بلومبيرج

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"