عادي

ثمانية أيام في ضيافة لشبونة وأشهر مدن البرتغال

03:55 صباحا
قراءة 5 دقائق
على ساحل الأطلسي في أقصى غرب القارة الأوروبية تقع مدينة لشبونة، أو «ليسباوا» كما ينطق البرتغاليون اسم عاصمتهم الزاخرة بتاريخ عريق.
تزخر البرتغال، هذه الأمة الأيبيرية، بتاريخ وثقافة ومناظر طبيعية جميلة وقد تجد نفسك يوماً تستكشف براري الينتيخو والشواطئ الرائعة، وفي اليوم التالي تتمتع بالسير في أحياء العاصمة لشبونة النابضة بالحيوية. أو يمكنك ببساطة الهروب من كل هذا إلى وادي دورو، القريب من بورتو، حيث تستكشف المناطق النائية، بما فيها من المزارع والبساتين التي يعود تاريخها لقرون خلت. وعلى الرغم من أن المنطقة قد تكون حارّة ومزدحمة، فإن شهور الصيف ما بين أبريل/نيسان، وسبتمبر/ أيلول تعتبر المواسم السياحية الرئيسية في هذا البلد الأوروبي الفريد.
ولا شك تبقى بدايات الخريف في أكتوبر / تشرين الأول أوقاتاً رائعة للزيارة، وكذلك فصل الربيع الذي يبدأ مبكراً في فبراير / شباط حيث تكون فيه البلاد أكثر برودة وأقل ازدحاماً.
عموماً، تعرف لشبونة بالمناخ المتوسطي شبه الاستوائي الدافئ إلى الحار صيفاً والمائل إلى البرودة شتاء، وغالبية أيام السنة تكون مشمسة، أما المطر فيتركّز في شهري ديسمبر / كانون الأول ويناير / كانون الثاني. لشبونة مدينة سياحية بامتياز، وتتميز شبكة النقل العمومية فيها بالكفاءة مما يجعل التنقل من مكانٍ إلى آخر أكثر سهولة.
ويُعد المترو الوسيلة المُثلى للسياح ويعمل يومياً من السادسة صباحاً، وحتى الواحدة فجر اليوم التالي. ويتحدث الجميع اللغة البرتغالية جنباً إلى جنباً مع عدد قليل من اللهجات المحلية، إلا أن اللغة الإنجليزية مفهومة على نطاق واسع وخاصّة في المراكز السياحة الرئيسية. تعتبر لشبونة، وهي عاصمة البرتغال منذ عام 1256، أكبر مدن البلاد، وتقع في محافظة لشبونة في الوسط على ساحل الأطلسي، ويبلغ عدد سكان المدينة حوالي نصف مليون نسمة فقط بدون احتساب سكان التجمعات المجاورة لها. تضم المدينة العديد من الميادين والكاتدرائيات والمعالم التاريخية والمقاهي والمحلات، بالإضافة إلى العمارة المعاصرة.
واشتهرت إحدى تلال لشبونة السبع، بصومعة بيليم التي تم تشييدها في العام 1515 لحماية ميناء لشبونة، وقد تم تصنيفها من قبل اليونيسكو بالإرث العالمي. صمم الصومعة الأخوة أرودا، وشيدها الملك مانويل الأول، وهي واحدة من المعالم التاريخية للمدينة.
وبيليم، التي تعني باللغة العربية بيت لحم، هي النقطة التي انطلق منها فاسكو دي غاما في رحلته التي استمرت سنتين، اكتشف خلالها رأس الرجاء الصالح والطريق إلى الهند، الأمر الذي عزز مكانة البرتغال العسكرية والمالية. وإضافة إلى بيليم، في لشبونة ومدن البرتغال الرئيسية الكثير مما يتطلع السائح لاستكشافه، والذي تتيحه «الإمارات للعطلات» في برنامج خاص لاستكشاف البرتغال الكلاسيكية في 8 أيام في جولة قيادة ذاتية تستعرض المدن التاريخية ومعالم الطبيعية ومجموعة واسعة ومثيرة من الثقافات والمناخ والمناظر الطبيعية التي لا بد من تجربتها. وتطير طيران الإمارات إلى مطار لشبونة بورتيل الذي يبعد 7 كيلومترات فقط عن مركز المدينة. وفي اليوم الأول عند وصولك إلى المطار تستلم سيارتك المستأجرة وتتوجه إلى الفندق، وتستعد لبداية مغامرات شيّقة مع العائلة أو من تحب.
في اليوم الثاني، تعيش تجربة المدينة القديمة في لشبونة من خلال المشي في حي ألفاما المغربي الأقدم في المدينة وتقوم برحلة على متن إحدى عربات الترام العتيقة. تشاهد روعة متحف إيدن وكاتدرائية سي دي لشبونة والمقاهي ومتاجر الأزياء في حي شيادو الأنيق، قبل أن تنطلق إلى إيفورا التي تبعد 134 كيلومتراً. في اليوم الثالث تقوم بزيارة إيفورا، أحد مواقع اليونيسكو للتراث العالمي، حيث يمكنك برؤية الكاتدرائية والمعبد الروماني وساحة خيرالدو. ثم تواصل إلى تومار لمشاهدة دير السيد المسيح المسجل أيضاً ضمن لائحة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي قبل الوصول إلى كويمبرا، وتكون قد قطعت مسافة 364 كيلومترا.
في اليوم الرابع تزور واحدة من أقدم الجامعات في العالم ومكتبتها أيضاً، كما تزور الكاتدرائية القديمة في الحي القديم وكنيسة سانتا كلارا، ومن ثم تنطلق من كويمبرا إلى بورتو، وفي الطريق تتوقف في المتنزه الفاخر في بوساكو، كما تتوقف في أفييرو أيضاً الشهيرة بسوق السمك قبل أن تصل إلى بورتو، وتكون قد قطعت 162 كيلومتراً.
في بورتو، تقوم باكتشاف ثاني أكبر مدن البرتغال، وطوال اليوم الخامس تزور مركز المدينة التاريخي المسجل ضمن لائحة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي، حيث يحلو التنزه عبر الشوارع النابضة بالحيوية وتشاهد معالم المدينة مثل قصر الأوراق المالية المعروف أكثر ببالاسيو دا بولسا، مع غرفه العربية الجميلة وكنيسة القديس فرانسيسكو.
وفي هذا اليوم تمتّع بإطلالات نهر دورو، بينما تتجول في منطقة ريبيرا على ضفاف النهر. بين بورتو وبراجا وجيماريش والعودة إلى بورتو مسافة 134 كيلومتراً. تواصل رحلتك بسيارتك لليوم السادس انطلاقاً من بورتو إلى باتالهما ونازارى وصولاً إلى أوبيدوس قاطعاً 298 كيلومتراً، وخلال اليوم تزور التحفة الفنية القوطية باتالها المسجلة على لائحة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي أيضاً، وفي قرية نازاري تتعرف على تاريخ صيد الأسماك على الأطلسي، ويمكنك أن تتمتع بوجبة أسماك طازجة قبل أن تصل إلى أوبيدوس التي يرجع تاريخها إلى القرون الوسطى، مع جدرانها التي حظيت بالعناية الفائقة.
إلى لشبونة مجدداً التي تبعد 90 كيلومتراً عن أوبيدوس، وفي العاصمة تمكث اليومين المتبقيين على الرحلة، قم بزيارة حي بيليم الثقافي وساحة ماركيز دو بومبال وبرج فاسكو دي غاما، قبل أن تسلم سيارتك المستأجرة في مطار لشبونة وتستقل رحلة العودة إلى دبي أو إلى أي مكان آخر.
تاريخ لشبونة الزاخر

للبرتغال عامّة ولشبونة على وجه التحديد، تاريخ عريق يعود لما قبل العصر الروماني، ولا يعرف بالتحديد من أسس المدينة، الكلت أو الرومان أم الفينقيون، إلا أن المدينة كانت جزءاً من المقاطعة الرومانية لوسيتانيا، ولكن ليست أهم مدنها، فاميرتا اوغيستا (مريدا) كانت عاصمة المقاطعة. وفي العصر العربي الإسلامي، فُتحت البرتغال إبّان الحكم الأموي على يد طارق بن زياد عام 714 للميلاد، وأطلق عليها المسلمون اسم أشبونة أو لشبونة، وصارت قاعدة من قواعد الأندلس.
كانت لشبونة في العصر الإسلامي مدينة شديدة الحصانة منيعة، وكان يحيط بها سور، وبداخلها حصن، وينفتح في سورها خمسة أبواب فقط.
في العصور الوسطى قاد المغامرون البرتغاليون رحلات استكشاف لأجزاء كبيرة من العالم المتمثل في رحلات البحث التي كانت تخرج من لشبونة. وفي سنة 1147 احتلت لشبونة على يد ألفونسو الأول ملك البرتغال الأول. وفي 1256 اعتمدت كعاصمة للبرتغال في عهد ألفونسو الثالث.
في 1531 دمرت المدينة في زلزال لشبونة الشهير، وقتل الآلاف من سكانها، ومع هذا فقد كان القرن ال16 مرحلة ذهبية للامبراطورية البرتغالية، وانتعشت لشبونة اقتصادياً بعدما أصبحت بوابة للبضائع الآتية من الشرق البعيد ومن الذهب الآتي من البرازيل.
في 1755 شهدت لشبونة زلزالاً آخر دمّر 85% من المباني وقتل 90 ألف إنسان، فبنيت المدينة من جديد حسب تخطيط عصري في حينه. وفي أواخر 1807 سقطت لشبونة في يد نابليون بونابرت، حيث هربت العائلة المالكة إلى أكبر مستعمراتها في ذلك الوقت، البرازيل، وتم نقل العاصمة الإمبراطورية من لشبونة إلى ريو دي جانيرو (1821-1808)، وفي عام 1815 رقى الملك البرازيل إلى مملكة، قبل خمس سنوات فقط من تظاهرات شعبية عمّت لشبونة تطالب برجوع الملك وعائلته، وكذلك رجوع البرازيل إلى وضعها السابق كمستعمرة، وقد حدث ذلك بالفعل عام 1821، وأبقى الأمير الملكي للبرتغال بيدرو في البرازيل الذي أعلن لاحقاً استقلالها عن البرتغال.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"