عادي
مكاتب تسجيل تتقاضى عمولات لإصدار «البوالص»

وسطاء بدون «رخصة» سوق موازية لبيع وثائق تأمين السيارات

01:51 صباحا
قراءة 15 دقيقة
تحقيق: فاروق فياض

ترتدي عشرات الشركات ومكاتب تسجيل المركبات في مختلف إمارات الدولة عباءة «الرخص التجارية» التي تخولها ممارسة أنشطتها أمام القانون والدوائر الاقتصادية وتحمل في طياتها الكثير من الممارسات غير القانونية كعمليات بيع وثائق تأمين المركبات بغير وجه حق وتتقاضى «عمولات نقدية» قد تتراوح بين 50 - 250 درهما بحسب الخدمة المقدمة للعملاء.
تستعرض «الخليج» في هذا التحقيق الاستقصائي جملة من الحقائق التي ظهرت «كخلاصة» بحثٍ ميداني استغرق عاماً كاملاً لعل أهمها تذمر شركات التأمين والوساطة من هذه المظاهر غير القانونية والتي تساهم في كثير من الحالات بأسعار تأمينية محروقة على مستوى السوق المحلي، ناهيك عن وجود سوق موازية لبيع وثائق تأمين من «تحت الطاولة» يضاعف أعداد مزودي خدمات التأمين في الدولة في ظل العدد الهائل من الشركات والوسطاء والوكلاء والمندوبين والاستشاريين ويتجاوز عددهم 300 شركة ومكتب وساطة ووكالة، بالإضافة إلى عدم وجود آلية عمل ذات طابع رقابي وتنظيمي للحد من هذه الممارسات، وغياب وعي العملاء من تلك الممارسات في ظل تلقفهم المستمر للأسعار الدنيا على حساب الجودة والمزايا.
أجمع رؤساء ومديرون تنفيذيون في شركات التأمين على وجود مثل تلك الممارسات التي ترتكبها بعض مكاتب وشركات تسجيل المركبات والتي تزيد حصتها السوقية عن 5% من مجموع وسطاء التأمين والشركات، كما عبر وسطاء التأمين عن تذمرهم جراء تلك الممارسات لما تخلفه من مشاكل في أعمالهم اليومية مع عملائهم، بالإضافة إلى حرق أسعار تأمين المركبات في ظل العدد الكبير من مزوديه، في حين اعتبر مديرون وعاملون في شركات ومكاتب تسجيل المركبات أن خدماتهم المقدمة للجمهور هي بحت قانونية ونصّت عليها رخصهم التجارية حيال ذلك.
قالت الجهات التنظيمية والرقابية «كهيئة التأمين» إنها تقوم بدورها المنوط بها حيال تلك الممارسات على أكمل وجه، وهي تترصد بالمخالفين بجملة من العقوبات والمخالفات المالية والقانونية الرادعة بحقهم، بينما طالبت «جمعية الإمارات للتأمين» الهيئة بالحد من هذه الممارسات غير القانونية لما تمثله من عبء كبير على الوسطاء أو سوق التأمين بشكل عام، في حين اعتبرت «هيئة الطرق والمواصلات» في دبي أن دورها التنظيمي يقتصر فقط على استصدار رخص تجارية لهذه المكاتب وشركات التسجيل وليس من اختصاص عملها مراقبة استصدار وثائق تأمين من قبل هذه الشركات.
ومن بين الحقائق التي خلص إليها «التحقيق» أن بعض الرخص التجارية التي منحت لشركات ومكاتب التسجيل قد تضمنت صراحة إصدار وثائق التأمين للعملاء على أن يتم ذلك عبر وسيط أو وكيل أو مندوب تأمين، وألا يتقاضى مكتب أو شركة تسجيل المركبات أي عمولة نقدية لقاء إصدار بوليصة التأمين وأن تقتصر عمولاتها على خدمات تسجيل المركبة والفحص الدوري للمركبة، في حين تخصص العمولة النقدية للوسطاء والوكلاء والمندوبين وأي إجراء خلاف ذلك يعد غير قانوني بحسب قانون هيئة التأمين التي تمنح خلاله الرخص التجارية للوسطاء والوكلاء والمندوبين.

انحسار الظاهرة

وقال رامز أبو زيد، المدير العام لشركة «دبي الوطنية للتأمين وإعادة التأمين»، رئيس لجنة تأمينات السيارات والشؤون القانونية في «جمعية الإمارات للتأمين»: «مما لا شك فيه وفي ضوء التعاميم الصادرة من هيئة التأمين فإننا نجد يوما بعد يوم أن تعاملات هذه الفئة تنحسر في سوق التأمين، فبعد أن كانت لها حصة كبيرة في الماضي، نعتقد بأن حصة هذه الفئة الآن لا تتعدى 5% من تعاملات السوق ونتوقع لها أن تتلاشى قريبا». وأضاف: «مما لا شك فيه أن ظاهرة إصدار وثائق التأمين من خلال مكاتب السيارات والوكالات غير المصرح لها بالتعامل في قطاع التأمين داخل الدولة، قد انحسرت بالفعل نتيجة للإجراءات العديدة والتعاميم الصادرة بهذا الشأن من قبل هيئة التأمين، إلا أنه على الرغم من تلك اللوائح لا يزال بعض هؤلاء السماسرة يتعاملون في السوق بشكل غير قانوني، وهو الأمر الذي يعود بالسلب على قطاع التأمين ككل، إذ يلجأ هؤلاء إلى طرق ملتوية لإقناع عملائهم بشراء الوثائق مع إعطاء انطباع بأن التغطية التأمينية شاملة وواسعة بخلاف الحقيقة، عطفا على تحصيل أقساط تأمينية مبالغ فيها لا تتناسب مع التغطية الحقيقية للوثيقة، الأمر الذي لا يعلمه حاملو هذه الوثائق إلا بعد وقوع الخطر للمؤمن عليه، وهنا تظهر خطورة هذا الأمر والعوامل السلبية التي تصاحب الإصدارات المتعلقة بهؤلاء السماسرة».

تعاملات ملتوية

وتابع أبو زيد: «إن الغالبية العظمى من الشركات ترفض تماما مثل هذه التعاملات الملتوية لعدة أسباب، ففضلاً عن الجانب القانوني، فإنه بالتأكيد التعامل معهم سوف ينعكس سلبا على سمعة واسم كل شركة نظرا للأسباب التي تم ذكرها بالإضافة إلى أن هذا الأمر لا يتعلق بمجرد بيع للوثائق، بل يتعدى لما هو أكبر من ذلك».
ويفترض أن التعامل مع الشركات يجب أن يكون مباشرا، أما إذا كان التعامل من خلال وسيط فيجب على الشركات التعامل مع الوسطاء المرخصين من قبل هيئة التأمين، إذ إن هؤلاء هم فقط من يحق لهم مزاولة هذا النشاط ولا يجوز التعامل مع أي وسيط غير مرخص، ونحن «كشركة دبي الوطنية للتأمين وإعادة التأمين» نحرص على ذلك الأمر لما فيه من حصانة وشفافية في التعامل مع عملاء الشركة ويضمن حقوق الشركة في تحصيل أقساط التأمين، فضلا عن أن الوسيط المرخص هو الذي من المفترض أن يتعامل بمهنية وحرفية».

ملاحقة قانونية

من جانبه، قال جهاد فيتروني الرئيس التنفيذي لشركة دبي الإسلامية للتأمين وإعادة التأمين «أمان» إن «بوليصة التأمين» هي عقود قانونية موثقة لا يمكن إصدارها إلا بالطرق القانونية، لذلك تعقد وكالات السيارات اتفاقيات مع وسطاء تأمين مرخصين أو مع شركات تأمين لتقديم هذه الخدمة للزبائن، حيث يمكن بيع الوثائق بصورة منفصلة مقابل أقساط يدفعها المشتري، أو أن يتم تقديم الخدمة مجانا ضمن العروض والحملات الترويجية، وفي هذه الحالة تقوم وكالة السيارات بتسديد قسط التأمين نيابة عن المشتري. وأضاف فيتروني: «الوثائق التي تصدر عن شركات التأمين يتم توثيقها وتحميلها إلكترونيا في أنظمة دوائر المرور والترخيص تمهيدا لإصدار ملكية السيارة أو تجديدها، لذلك تتمتع العملية بدرجة عالية من الأمان ويمكن اعتبارها غير قابلة للتزوير وأي شخص يعرض أو يبيع وثائق تأمين بدون ترخيص، فهو معرض للملاحقة القانونية».

شروط جيدة

بدوره، قال أيمن خميس، مدير عام شركة «الشارقة للتأمين»، إن هذه الشريحة تشكل خطرا كبيرا على عمل الشركات، ووضعت «الهيئة» شروطا جيدة أمام من يرغب بمزاولة مهنة «وساطة التأمين» وعلى رأسها الضمان البنكي الذي يجب ألا يقل عن 3 ملايين درهم، وألا يقل رأس المال عن 3 ملايين درهم. ويجب أن يكون هنالك تدقيق كبير على عمل شركات تسجيل وخدمات السيارات، فيكفينا دور وسطاء التأمين الذين يقدر عددهم ب 165 وسيطا، وإذا أردنا إضافة مثل هذه الشركات والمكاتب التي لها مصالح خاصة مع بعض وسطاء وشركات التأمين فهذا يدفع بالسوق باتجاه الخطر. وأضاف أن شركات التسجيل تقوم ببيع منتجات التأمين خاصة تأمين المركبات بشكل غير مهني ودون أدنى رقابة وهذا ما تم محاربته من قبل هيئة التأمين، لكن هنالك بعض الشركات والوسطاء الذين ما زالوا يتعاملون مع مثل هذه الفئة، وعليهم محاربة هذه الممارسات غير القانونية، والتي ساهمت بتردي أسعار التأمين وانعكس سلبا في كثير من الحالات على الأرباح الفنية للشركات خلال السنوات الماضية.

تراخيص مناسبة

وأشار خميس إلى أنه لا مانع لدى شركات التأمين بأن تصدر مكاتب تسجيل وخدمات السيارات وثائق تأمين، شريطة أن تكون هذه الشركات قد قامت بالحصول على التراخيص المناسبة من هيئة التأمين لتفادي الأخطاء الحالية والقيام بالتسويق على أسس سليمة ضمن سوق تأمين منظم يحفظ حقوق حملة الوثائق وشركات التأمين، فهل يجوز أن يقوم طرف غير خاضع لأدنى أنواع الرقابة ودون أية قيود مفروضة عليه بهذا العمل وأن يستوفي أقساطا تأمينية من حملة الوثائق أعلى مما يتم توريده إلى شركات التأمين؟، ولا يجوز صرف أي عمولة إلا لوسيط تأمين أو منتج شركة تأمين أو وكيل ومندوب الشركة، فأين شركة التسجيل ضمن هذه المسميات. وشركات التأمين تدفع غرامات مالية حال ثبت عليها منحها عمولة لأي شخص أو مكتب أو شركة أخرى ضمن اللوائح الثلاث التي ذكرت سابقا، والجهة المصدرة لوثيقة تأمين يجب أن تكون معتمدة من «هيئة التأمين».

بيع «بالشنطة»

وأكد عبدالمطلب الجعيدي العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة «الاتحاد للتأمين» أن هذه الممارسات من قبل مكاتب وشركات تسجيل المركبات، معتبراً أنها قضية لن تنتهي طالما بقي هناك باعة تأمين «بالشنطة» وبشكل غير قانوني، ولا يوجد رقابة وقانون رادع ضدهم. وقال إن ميزات ممارسة الأعمال والاقتصاد في الدولة مفتوحة ومرنة وينطبق الحال على القوانين المنظمة فيما يقع اللوم أولا وأخيرا على العميل والزبون الذي يشتري الوثيقة من الوسيط غير المرخص، على اعتبار أن الوسيط غير القانوني همه الأول والأخير هو البيع بأقل الأسعار على حساب الشروط والمزايا والمنافع التي تحملها «البوليصة». وأضاف: «يوجد قانون يلزم شركة التأمين بعدم التعامل مع وسيط غير مرخص، في حين لا يوجد قانون يمنع أي شخص أو مكتب أو شركة تسجيل من بيع وثائق التأمين، ونحن كشركات تأمين عاملة في الدولة مطلعون على مثل هذه الممارسات غير القانونية لكن لا يوجد لدينا إحصائيات دقيقة وبيانات حول تلك الشركات والمكاتب.

رخص قانونية

وأشار الجعيدي إلى أن هذه الشركات ومكاتب التسجيل تمتلك رخصاً قانونية لمزاولة عملها والمتمثل بتسجيل وفحص المركبات، لكنها في ذات الوقت لا تمتلك رخصة قانونية ببيع وثائق التأمين لعملائها، أو أن تتقاضى أجرة مالية وعمولات نقدية لقاء خدماتها التأمينية، وكثير من هذه المكاتب والشركات تتلاعب بأسعار التأمين التي تصدر من الشركات. بما انه لا يوجد أي ضوابط قانونية تمنعها من التعامل مع هذه الشريحة.
وساهم أداء هذه الشركات بالحد من مصداقية سوق التأمين ودور الوسطاء المرخصين، لأنهم في نهاية الأمر قد فرضوا أسعارا دنيا على شركات التأمين، في حين أنهم يعيدون بيعها للعملاء بأسعار مرتفعة وهذا قد سبب إحراجاً كبيراً لسمعة الشركات ومثل هذه الممارسات تؤثر إلى حد كبير في سياق واتجاه سوق التأمين في الدولة وخاصة على حملة الوثائق.

ممارسات غير قانونية

وطالب وسطاء تأمين الجهات الرقابية والتنظيمية وعلى رأسها «هيئة التأمين» بضرورة الحد من هذه الممارسات غير القانونية التي تلجأ إليها شركات ومكاتب تسجيل المركبات في مختلف المناطق في الدولة لا سيما في المناطق الحرة التي يستفيدون خلالها من الإعفاءات والحوافز الاستثمارية مقارنة مع غيرها من المناطق الأخرى في الدولة. وقال طارق جريش المدير العام لشركة «أوبتيما لوساطة التأمين»: «يقدر عدد شركات ومكاتب تسجيل المركبات في دبي بين 200-250 شركة، وعشرات من هذه المكاتب والشركات تبيع «بوالص» تأمينية من تحت الطاولة بعيدا عن الوسطاء والمندوبين، أي أنهم يقومون بمهام «الوساطة» بين شركات التأمين وحملة الوثائق».

مراقبة إلكترونية

وأضاف: «هنالك بعض الحالات الأخرى التي يتم خلالها عمليات بيع بشكل غير قانوني بالاعتماد على الإنترنت والتواصل الاجتماعي، أو أن يتم بيعها من خلال وسطاء غير مصرح لهم في بعض «المناطق الحرة» ويسقطون بذلك الرسوم المالية المفروضة عليهم والتي تقدر ب3 ملايين درهم، ومن شأن تلك الأعمال والممارسات غير القانونية أن تضر بأرباح المكاتب وشركات وساطة التأمين أو أن تلحق بها خسائر كبيرة لفرضهم أسعارا سوقية محروقة.
وطالب جريش هيئة التأمين بضرورة انتهاج خطوات اكثر رقابية وأشد صرامة على عمل هذه الشركات والمكاتب، بحيث يتم اعتماد نقاط بيع معتمدة بالتعاون بين شركات التأمين وشركات الوساطة بالإضافة إلى شركات ومكاتب خدمات تسجيل المركبات، مشيرا إلى انه من المهم جداً إدارة المخاطر الحقيقية التي تنتج جراء حوادث المركبات، كاستحداث نظام إلكتروني شامل في كل أرجاء الدولة لمراقبة حوادث المركبات ومعرفة متسببيها ووقت حدوثها والأماكن التي يقصدها السائقون لتصليح مركباتهم المتضررة.

شروط وضوابط

وقال إسكندر ذيب مدير عام شركة «إنتر آكتيف لوساطة التأمين»، إن التراخيص الممنوحة لشركات تسجيل السيارات تقتصر على أعمال التسجيل والفحص والإصلاح، في حين أن أغلب هذه الشركات تستفيد من هذه الرخص التجارية الممنوحة لهم لبيع «بوالص» تأمين بحق عملائها وتتقاضى عمولات نقدية لقاء ذلك. وأضاف: «خصصت «الهيئة» لمن يحق لهم بيع «بوالص» التأمين جملة من الشروط والضوابط والمعايير المالية والقانونية والفنية وعليهم الالتزام بها، وهي منوطة بعمل «البروكر» أو مندوب التأمين أو الوكيل الذي يمثل شركة التأمين في مكاتب التسجيل، ومن ضمن المهام المسندة إلى هذه المكاتب هي تسهيل عمليات شراء «البوليصة» لا أن تتقاضى بذاتها أي عمولات نقدية لذلك، وبات واضحا أن معظم هذه الشركات والمكاتب تروج بيع وثائق التأمين عبر الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى من خلال الإعلانات المبوبة في الصحف اليومية.

آلية رقابية

وطالب ذيب «هيئة التأمين» بالعمل على إيجاد آلية رقابية تشدد من خلالها على متابعة وتنظيم عمل مثل هذه الشركات والمكاتب، أو أن تضمن عدم حصولها على أية بدلات أو عمولات نقدية جراء بيع وثائق التأمين، إلا إذا اقتصر ذلك على المندوبين والوكلاء الذين يمثلون شركات التأمين لدى هذه المكاتب. وأوضح أن من جملة الشروط والمتطلبات القانونية الواجب توفرها لدى «وسيط التأمين» لمنحه رخصة المزاولة هو وجود رأس مال بقيمة 3 ملايين درهم وضمان بنكي بنفس قيمة رأس المال «3 ملايين درهم» وأن تكون شهادته الأكاديمية مطابقة تماما لنفس شروط «مدير أو رئيس شركة تأمين» في حين أن مكاتب تسجيل المركبات لا تتعدى قيمة إصدار رخصتها 25 ألف درهم.
وتساءل ذيب: هل تقوم الشركات بالتأكد والبحث والتدقيق على كل بوليصة تأمين صادرة من طرفها؟ أو حتى من هي الجهة الوسيطة التي حصلت على هذه «البوليصة» أو التي بيعت البوليصة من خلالها. واعتبر ذيب أن من أسمى مهام وساطة التأمين هي تحسين شروط عقد التأمين أمام شركات التأمين، وهذا يتطلب من قبل الوسطاء بأن يكونوا على دراية تامة بكافة تفاصيل وشروط صناعة التأمين والعقود المبرمة بين العملاء من جهة والشركات من جهة أخرى.

سحب رخصة

بدوره، قال محمود حسون المدير العام لشركة «الأولى لوساطة التأمين»: إن عشرات من مكاتب وشركات تسجيل المركبات تلجأ في كثير من الحالات إلى مخاطبة الشركات بشكل مباشر للحصول على باقات تأمينية وبيعها إلى زبائنها وعملائها دون الرجوع إلى وسطاء التأمين، ومعظم تلك العروض ترتبط فقط بالتأمين على المركبات. وأشار حسون إلى أن توجهاً عاماً لدى الهيئات الرقابية والتنظيمية على قطاع التأمين في الدولة يقضي بضرورة سحب التراخيص الممنوحة لدى هذه المكاتب والشركات التي تلجأ إلى عمليات البيع غير القانوني.

عمولات نقدية

من جهته، قال محمد مصطفى وهو موظف في إحدى شركات الوساطة: إن بعض شركات ومكاتب تسجيل المركبات تبيع وثائق تأمين بشكل غير قانوني وتأخذ عمولات نقدية لقاء ذلك، وهو يتعامل مع أكثر من 15 شركة ومكتب تسجيل تمارس مثل هذه الإجراءات علما بأن الرخص الممنوحة لهم لا تخولهم بيع وثائق التأمين أو أن تتقاضى عمولات نقدية لقاءها قد تتراوح بين 200-250 درهما، مطالبا «هيئة التأمين» بضرورة تشديد دورها الرقابي على هذه الشركات، بحيث تلتزم بما هو منوط به في الرخصة التجارية وليس أن تتقاضى عمولات نقدية خلال بيع «بوليصة» التأمين.

تنافس غير شريف

وقال كريم جبري، رئيس اللجنة الفنية لوسطاء التأمين في «جمعية الإمارات للتأمين»: «نعم هنالك بعض الشركات التي لا تلتزم بالشروط والمتطلبات التي تفرضها هيئة التأمين بالتعامل مع وسطاء التأمين أو العملاء بشكل قانوني، حيث يلجأ بعضها إلى التعامل مع مكاتب وشركات تسجيل السيارات ووكالات السيارات لبيع وثائق التأمين بغض النظر عن قيمة الأسعار الفنية على مستوى السوق، وذلك من اجل اكتتاب حصة أكبر من الأقساط مقارنة مع غيرها من الشركات الأخرى». وأشار إلى أن هذه المسألة هي مسألة في غاية الخطورة جدا لما تفرضه من واقع تنافسي غير شريف في القطاع برمته، ويتوجب علينا كجمعية التأمين ووسطاء التأمين وشركات التأمين وهيئة التأمين بالإضافة إلى العملاء أنفسهم، العمل على ضرورة توحيد الجهود للقضاء على مثل هذه الممارسات ويجب معالجتها بشكل حاسم وعاجل من أجل الحفاظ على مستوى عال من الكفاءة المهنية في السوق المحلي، وزيادة آفاقه وضمان مصالحه المستقبلية وتقديم الخدمة المثلى والجودة العالية للعملاء.

كيف يتم إصدار التصريح للفاحص؟

تقوم المؤسسة بإصدار التصريح للفاحص وقيده في سجل الفاحصين، وإصدار بطاقة فاحص له بعد تأكدها من استيفائه للشروط المطلوبة. وتكون مدة التصريح سنتين قابلة للتجديد لمدد مماثلة بذات الشروط والمتطلبات والإجراءات المعتمدة لإصدار التصريح والقيد في سجل الفاحصين. ويجب أن يكون هناك 3 ملايين درهم كضمان مصرفي لمنح ترخيص وسيط تأمين، ومليون درهم كضمان مصرفي لمنح ترخيص فرع وساطة تأمين، و5 ملايين درهم كضمان مصرفي لمنح ترخيص فرع شركة أجنبية و3 ملايين درهم لفتح فرع أجنبي، ومليونا درهم كحد أعلى «البوليصة» المسؤولية المهنية لمنح رخصة وسيط تأمين وألا تقل عن 30 ألف درهم، و3 ملايين درهم حدا أعلى على بوليصة المسؤولية المدنية للشركة الأجنبية في الدولة أو المنطقة الحرة ولا يقل عن 50 ألف درهم.
ويعتبر وسيط التأمين هو الشخص الذي يتوسط عمليات التأمين أو إعادة التأمين بشكل مستقل فيما بين طالب التأمين أو طالب إعادة التأمين من جهة وأي شركة تأمين أو إعادة تأمين من جهة أخرى، ويتقاضى مقابل أتعابه عمولة من شركة التأمين أو شركة إعادة التأمين التي يتم التأمين أو إعادة التأمين لديها. أما وكيل التأمين فهو الشخص المعتمد من قبل الشركة والمفوض لممارسة أعمال التأمين نيابة عنها أو عن أحد فروعها.

قانون لبيع الوثائق

اعتبر مديرو مكاتب وشركات تسجيل المركبات أن من جملة البنود التي تضمنتها «الرخصة التجارية» الممنوحة لهم الحق في بيع وثائق التأمين للعملاء وذلك بالاستناد إلى الخدمة المقدمة لهم، على أن يقتصر ذلك على وكيل أو وسيط أو مندوب تأمين معتمد من شركات التأمين لتمثيلها في بيع «البوالص» لحملة الوثائق. وقال عزت عبد الرحمن الخطيب مدير عام شركة «النجوم لتسجيل المركبات في دبي»: إن آلية عمل الشركة هي تجديد ملكية السيارة وإجراء صيانة شاملة لها وفحص دوري وتسديد المخالفات المرورية على المركبة بالإضافة إلى إمكانية استصدار وثيقة تأمين للمركبة. وأضاف: «يوجد بند قانوني في قانون العمل والعمال يتيح لنا بيع وثائق التأمين وأن نتقاضى عمولات من وسطاء التأمين وشركات التأمين بشكل مباشر ولا تقل عن 5%، ونحن على تواصل مباشر مع هؤلاء الوسطاء من أجل هذا الغرض وهنالك عقد خاص بيننا كشركات تسجيل ووسيط أو شركة التأمين يشرح كافة الأمور المطلوبة من الطرفين.
فيما نفى محمد عبدالباقي مدير شركة «المروة لتسجيل المركبات» أن تتقاضى الشركة أي عمولات نقدية بشكل مباشر لقاء تسهيل إصدار وثيقة التأمين لعملائها. وقال: «تتقاضى الشركة عمولاتها النقدية لقاء تجديد ملكية السيارة وتجديد رخص السائقين وإجراءات الصيانة الدورية للمركبة، حيث تتراوح تلك العمولات بين 200-300 درهم بحسب نوع الخدمة وطبيعة المركبة».

القيد في السجل

أكدت «هيئة التأمين» ووفقاً لأحكام القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2007 بشأن إنشاء هيئة التأمين وتنظيم أعمالها فإنه لا يجوز لأي شخص أن يزاول أعمال وسيط التأمين إلا بعد قيده في السجل المخصص في الهيئة ووفقا للشروط المحددة، وعليه فإن قيام أي شخص بممارسة أي مهنة دون ترخيص يعد مخالفاً لأحكام القانون. وأضافت الهيئة: «وحيث أن موضوع إصدار وثائق التأمين مناط بشركات التأمين ولا يصدر عن الوسيط، فإن شركات التأمين ووفقا لأحكام قرار مجلس الإدارة رقم (3) لسنة 2010 بشأن قواعد ممارسة المهنة وآدابها الواجب اتباعها من قبل شركات التأمين العاملة في الدولة» ملزمة بعدم التعامل مع أي شخص أو جهة من ذوي المهن المرتبطة بالتأمين غير حاصل على ترخيص من الهيئة بما في ذلك أعمال الوكالة أو الوساطة أو الاستشارة أو الخبرة في تسوية المطالبات أو الخبرة الاكتوارية وأن تتأكد من حيازة الأشخاص أو الجهات المشار إليها على الرخصة اللازمة.«وهو ما يمثل حظر التعامل مع غير المرخصين من الجانب القانوني».
وتابعت الهيئة: «من جانب آخر تبين الهيئة أنها دأبت ومنذ تأسيسها ومن خلال إدارة الرقابة بالتفتيش على الشركات وأصحاب المهن المرتبطة بالتأمين من وسطاء تأمين ووكلاء تأمين ومستشارو التأمين والاكتواريين للتأكد من أنهم يمارسون عملهم وفقا للأصول والقانون والتشريعات، وتبين الهيئة بأنها قامت باتخاذ العديد من الإجراءات بحق المخالفين بغية إلزامهم بتصويب أوضاعهم». وأكدت الهيئة ضرورة الامتثال للقانون وكافة الأنظمة والتعليمات والقرارات الصادرة عن الهيئة في هذا الشأن، فإنها وبمجرد أن يصل لعلمها وجود أي مخالفة لتشريعاتها فإنها تعمل على ملاحقة المخالفين ( غير المرخصين لدى الهيئة) وذلك بالتعاون والتنسيق مع الجهات المختصة ذات العلاقة، وإحالتهم للنيابة العامة والمطالبة باتخاذ العقوبات بحق المخالفين، على المخالفات الإدارية التي يتم اتخاذها بحق من يتعامل مع هذه الفئة غير المرخصة من الشركات والمهن المرتبطة بالتأمين.

قنوات التسجيل

قال عبدالله يوسف آل علي، المدير التنفيذي لمؤسسة التراخيص في «هيئة الطرق والمواصلات»: يتم تقديم خدمة تسجيل المركبات في دبي، من خلال ثلاث قنوات معتمدة لدى الهيئة، وتتمثل بمراكز إسعاد المتعاملين التابعة للهيئة وعددها 6 مراكز، وثانيتها تتمثل في وكالات السيارات المنتشرة في الإمارة وعددها 20 وكالة، وثالثتها ضمن مراكز مزودي الخدمات المعتمدين من الهيئة، من خلال صالات خدمة العملاء في مراكز الفحص والتسجيل وعددها 30 مركزاً. في حين، يوجد فرع لمركز «تسجيل» التابع لشركة بترول الإمارات الوطنية المحدودة «إينوك» في المنطقة الحرة بجبل علي، وأضاف: «من شروط اعتماد وترخيص مراكز الفحص والتسجيل في دبي تتمثل بموقع المركز، وعدد حارات الفحص، وعدد كاونترات تقديم الخدمة في الصالة وتصميم هذه الكاونترات وتوزيعها، وميثاق خدمة المتعاملين والخدمات المضافة. ويتم قياس مؤشرات الأداء بشكل دوري، ويتم منح هذا الاعتماد بشرط الوفاء بمتطلبات دليل ترخيص، واعتماد مراكز الفحص والتسجيل، حيث يتم توثيق هذه العلاقة عن طريق عقود واتفاقيات عمل موثقة ومعتمدة، بين هيئة الطرق والمواصلات والشركة المرخصة أو المعتمدة.
وفيما يتعلق بإصدار بعض مكاتب وشركات تسجيل المركبات لوثائق التأمين، قال آل علي: «إصدار وثائق التأمين يتم عن طريق الشركات المرخصة لدى هيئة التأمين أو الوسطاء؛ حيث إن هذه الشركات أو الوسطاء ترتبط مع مراكز الفحص والتسجيل بعقود تأجير لمكاتب هذه الشركات، والتي من خلالها تمارس شركات التأمين والوسطاء نشاطها التأميني على المركبات الذي تحكمه شروط خاصة تصدرها هيئة التأمين». واعتبر أن فرض أي غرامات أو عقوبات رادعة بحق شركات ومكاتب تسجيل المركبات في دبي هو ليس من اختصاصها، بقدر ما هو اختصاص هيئة التأمين، ولا يوجد أي فروق في أسعار رسوم التراخيص الممنوحة لهذه المكاتب بين المناطق الحرة أو غيرها من المناطق الأخرى في دبي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"