عادي

سقوط «لاكين كوفي»..«احتيال صيني» بنســخة جـديــدة

02:40 صباحا
قراءة 4 دقائق
إعداد: بنيمين زرزور

لم تكن قصص التلاعب والاحتيال أمراً مألوفاً في أسواق المال العالمية المحترمة إلا ما ندر منها خاصة عندما يتعلق الأمر بشركات تنتمي إلى اقتصادات ناشئة مثل الصين، مدرجة على بورصات من الدرجة الأولى.

لكن في يناير/‏ كانون الثاني الماضي، بعد أيام من بلوغ أسهم «لاكين كوفي» مستوى قياسياً في سوق ناسداك للأوراق المالية، ما رفع تقييمها إلى فوق 12 مليار دولار، وصلت رسالة بريد إلكتروني مشفرة إلى صناديق البريد الخاصة بالعديد من البائعين على المكشوف. جاء فيها: «نسخة جديدة من الاحتيال الصيني 2.0. كل الشركات التي تبدأ كنموذج عمل مشكوك فيه بشكل أساسي وهيكلي، تتطور إلى قضية احتيال».

وعرض مرسل الرسالة مشاركة إيصالات العملاء ومقاطع الفيديو من منافذ بيع الشركة، وأرفق تقريراً طويلًا عنها، وقال إن البائعين على المكشوف يمكنهم نشر تلك الفيديوهات مقابل مردود مالي.

عكف مديرو صناديق الاستثمار على دراسة وتدقيق تلك الادعاءات التي تتهم «لاكين كوفي» بالمبالغة في تقدير مبيعاتها. ونشر كارسون بلوك مدير شركة «مادي ووترز» تقريره المكون من 89 صفحة على تويتر في 31 يناير. ثم اكتشف مدقق «لاكين» لاحقاً أن العديد من الموظفين زوّروا تقارير الإيرادات والنفقات وفي 2 إبريل، كشفت الشركة أن ما يصل إلى 310 ملايين دولار من مبيعات 2019 كانت وهمية. ثم انهارت أسهم الشركة، بعد أقل من 11 شهراً من طرحها للتداول، وسيتم شطبها قريباً.

أثار السقوط المدوي لشركة «لاكين»، وهي منافس مبتدئ لشركة «ستاربكس» في الصين، الكثير من التساؤلات في نفوس المستثمرين الذين ندموا على تجاهل نصائح بلوك وهل يجب عليهم تجنب الاستثمار في الشركات الصينية ؟ هل كان بإمكانهم بذل المزيد من الجهود الواجبة لتحديد ما إذا كان نمو «لاكين» الذي تم الإبلاغ عنه جيداً جداً بحيث لا يمكن تصديقه؟.

ومن أبرز المستثمرين الذين تكبدوا خسائر نتيجة فضيحة «لاكين» شركة «لون باين كابيتال» و«بوينت 72 أسيت مانجمنت» و«لويس درفوس» التي دخلت معها في مشروع تحميص البن وأعمال العصير - إضافة إلى شركتين صينيتين من شركات الأسهم الخاصة الصينية لديهما استثمارات كبيرة في أسهم «لاكين كوفي».

وقال العديد من مديري الصناديق الاستثمارية الذين استثمروا في وقت سابق في «لاكين» إنه ليس لديهم سبب يدعو للشك في الشركة لأنها تحظى أيضاً بدعم مستثمرين بارزين آخرين مثل «بلاك روك» والصندوق السيادي السنغافوري. وقالت صناديق أمريكية كبيرة إنها أخضعت «لاكين» للتمحيص والتدقيق قبل قرارات شراء اسهم فيها.

لكن بعض المستثمرين الذين زاروا متاجر «لاكين» شخصياً كانت لهم تحفظات على أعمال الشركة واستراتيجيتها. فقد أرسلت شركة «بايلي جيفور» البريطانية لإدارة الأصول مديراً مالياً رفيع المستوى ومحللاً مالياً إلى الصين العام الماضي لزيارة العديد من الشركات بما في ذلك «لاكين»، حيث التقى المحلل، الذي يتحدث لغة الماندرين، بإدارة الشركة، وتوجه إلى أحد متاجرها في شنتشن وتحدث إلى العملاء. ثم صرفت «بايلي» النظر عن الاستثمار في «لاكين» في نهاية المطاف.

في سبتمبر 2019 اتصلت شركة «بي سي سي جلوبال»، وهي شركة متخصصة في دراسات نفي الجهالة، ومقرها شنغهاي، مع بعض صناديق الاستثمار تعرض عليهم مراقبة حركة العملاء والمبيعات في عينة مختارة بعناية من مقاهي «لاكين». وبعد أن حظي مقترحها بالاهتمام وإجراء البحث والتحليل، وجدت «بي سي سي جلوبال» تناقضات في حسابات «لاكين» المبلغ عنها، وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني التي استعرضتها والأشخاص المطلعين على عمليات الشركة.

وعندما نشرت «مادي ووترز» تقريرها على تويتر في وقت مبكر من هذا العام، شكك بعض البائعين على المكشوف في الادعاءات المتعلقة بتضخيم مبيعاتها.

وتبين لاحقاً أن شركة «سنو ليك كابيتال» أعدت تقرير «لاكين» المجهول المصدر، وهي صندوق تحوط صيني له مكاتب في بكين وهونج كونج. تأسست الشركة في عام 2009 من قبل شون ما، كبير مسؤولي الاستثمار المولود في الصين وتلقى تعليمه في الولايات المتحدة والذي عمل سابقاً في صندوق تحوط.

وبني تقرير «لاكين» على تحقيقات واستطلاعات رأي جرت في الربع الأخير من عام 2019 شارك فيها أكثر من 1500 شخص، يترددون على حوالي 15٪ من 4000 مقهى تديرها الشركة متجر في الصين.

وأحصى فريق المتابعة عدد العملاء في المتاجر، وسجلوا أكثر من 11 ألف ساعة من مقاطع الفيديو وجمعوا عشرات إيصالات العملاء. وبعد تحليل جميع البيانات، خلص التقرير إلى أن «لاكين» قد ضخمت مبيعاتها لأن عمليات تدقيق البيانات أشارت إلى أن المبيعات في منافذ البيع كانت أقل بكثير مما أبلغت عنه الشركة.

لكن التقرير لم يتطرق إلى أساليب ملتوية اتبعتها الشركة في التلاعب بحساباتها.وفي شهر مايو /‏أيار الماضي، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن مجموعة من موظفي «لاكين» بدأوا في تلفيق معاملات وهمية قبل الاكتتاب العام للشركة في مايو 2019. وقد استخدموا حسابات فردية مسجلة بأرقام الهواتف المحمولة لشراء قسائم يمكن استبدالها بأكواب من القهوة، ثم استخدموا العديد من الشركات المغمورة لإجراء عمليات شراء بالجملة لقسائم بيع، وفقاً للوثائق التي استعرضتها الصحيفة.

وانخفضت أسهم «لاكين» في فبراير/‏ شباط بعد صدور التقرير المجهول، قبل ارتفاعها مرة أخرى. ونشر بنك «كريديه سويس» الذي قاد عملية الاكتتاب العام الأوّلي للشركة عام 2019 وتولى متابعة بيع الأسهم والسندات القابلة للتحويل في يناير 2020، تقريراً بحثياً يدافع عن الشركة.

وجاء في التقرير: «لم نجد أي دليل قاطع في تقرير البيع على المكشوف يثبت أن أعمال لاكين غير دقيقة أو مزوّرة، و بعض المزاعم لا أساس لها، في رأينا».

وقالت شركة «آرنست أند يونج» (إي واي) في إبريل/‏ نيسان إنها كشفت عن أدلة على أن بعض موظفي «لاكين» قاموا بتلفيق الإيرادات وبعض النفقات. ولكن قبل بضعة أشهر فقط، راجعت الشركة باعتبارها المدقق المالي، البيانات المالية المؤقتة للشركة التي تم تضمينها في نشرة يناير 2020 لبيع الأسهم، وأصدرت «خطاب طمأنة» يشير إلى أنه ليس لديها أي مشاكل مع الأرقام. لكن بغض النظر عن شهادات مدققي الحسابات الذين تلطخت سمعة بعضهم بفضائح سابقة، لم تستطع «لاكين» الاستمرار في التغطية على كل تلك التلاعبات ما أدى للانهيار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"