عادي
الخليج تطلع على وثائق الدعوى في نيويورك

تلاعبات «أبراج للرعاية الصحية» بدأت في 2016

02:06 صباحا
قراءة 9 دقائق
دبي:عبير أبو شمالة

أظهرت الوثائق الخاصة بالدعوى المرفوعة ضد عارف نقفي في الولايات المتحدة، والمرفوعة ضده من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، والتي حصلت «الخليج» على نسخة منها، أن عملية التلاعب واختلاس أموال صندوق أبراج للرعاية الصحية بدأت فعليا منذ ديسمبر/ كانون الأول 2016.
وتتهم اللجنة شركة «أبراج لإدارة الاستثمار»، وعارف نقفي، مؤسس «أبراج كابيتال»، بالاحتيال على المستثمرين في صندوق أبراج للرعاية الصحية ومستثمرين من الولايات المتحدة، واختلاس ما قيمته 230 مليون دولار من الأموال الموظفة في الصندوق منذ سبتمبر/ أيلول 2016 وحتى يونيو/ حزيران 2018، فبدلاً من توظيف هذه الاستثمارات في مشاريع رعاية صحية في الأسواق الناشئة، كما أكدا للمستثمرين، تم توظيف القيمة الموضحة سابقاً لتغطية فجوات مالية في شركة أبراج لإدارة الاستثمار، والشركة الأم أبراج القابضة.
تشير الوثائق إلى أن نقفي قام في أواخر 2017 وبداية 2018 وبعد أشهر من المطالبات من قبل المستثمرين في الصندوق، برد جزء كبير من الأموال التي جرى اختلاسها من الصندوق إضافة إلى فوائد بقيمة 13 مليون دولار للمستثمرين في الصندوق.
وتم إلقاء القبض على عارف نقفي، الرئيس التنفيذي والمدير الشريك لشركة «أبراج كابيتال» بسبب اتهامات وجهتها إليهما الولايات المتحدة بالاحتيال على مستثمرين، من بينهم مؤسسة «بيل وميليندا جيتس».
وقالت أندريا جريسوولد مساعدة وزير العدل الأمريكي، في جلسة في محكمة اتحادية في مانهاتن، إن مؤسس«أبراج»، ورئيسها التنفيذي عارف نقفي أُلقي القبض عليه في المملكة المتحدة.
وأفادت الوثائق بأن الأفعال التي ارتكبها نقفي وشركته من تصريحات زائفة ومضللة، وحذف وخداع تعد، انتهاكاً لشروط مكافحة الاحتيال ضمن قانون الاستشارات الاستثمارية لعام 1940.
وطالبت اللجنة بأن تمنع المحكمة المدعى عليه من اقتراف مخالفات أخرى، أو انتهاكات لقوانين الأوراق المالية في الولايات المتحدة، إضافة إلى تسديد الأموال المختلسة، والعقوبات النقدية المحددة على هذه المخالفات.


تقارير مضللة


وبحسب الوثائق فقد باع نقفي مصالح شراكة لمستثمرين من الولايات المتحدة في صندوق أبراج للرعاية الصحية، وبقي نقفي في تواصل مستمر مع هؤلاء المستثمرين من خلال تزويدهم على سبيل المثال ببيانات مالية وتقارير ربع سنوية مضللة.
وتحدثت الوثائق عن صندوق أبراج للرعاية الصحية، مشيرة إلى أن تاريخ أول إغلاق للصندوق كان في 30 سبتمبر/‏‏ أيلول 2015 والإغلاق الأخير في نهاية يوليو/‏‏ تموز 2016، بالتزامات إجمالية وصلت قيمتها إلى 850 مليون دولار، من بينها استثمارات المستثمرين الأمريكيين الذين باتوا شركاء محدودين في الصندوق.
وفي 18 أغسطس/‏‏ آب 2017 قامت جهة حكومية من الولايات المتحدة بتوفير دين إضافي بقيمة 150 مليون دولار للصندوق من خلال اتفاقية مالية. ولفتت الوثائق إلى أن الصندوق لديه أكثر من حساب مصرفي في الولايات المتحدة بأسماء جهات مختلفة كان يملكها أو يسيطر عليها.
وكان نقفي وأبراج لإدارة الاستثمارات يتوليان دور المستشار المالي للصندوق حتى منتصف عام 2018. وذكرت الوثائق أن الصندوق ادعى أنه معفى من التسجيل لدى لجنة الأوراق المالية والبورصات على أساس إنه صندوق استثمار مساهم ولا يصنف كصندوق استثماري، بحسب تعريفات قانون الشركات الاستثمارية لعام 1940.
وكان عمل الصندوق يتركز في الاستثمار وإعادة الاستثمار وتداول الأوراق المالية. ووفقاً لأهداف الصندوق المعلنة ضمن اتفاقية الشراكة فإن الهدف الرئيسي لأعماله يتمثل في الاستثمار في حصص مسيطرة، أو حصص أقلية في شركات موجودة بالفعل أو جديدة في مجال الرعاية الصحية، وما يرتبط بها من قطاعات، بما يتضمن شراء وبيع أوراق مالية في الشركات ضمن محفظة الصندوق.


حق التوقيع


وكانت أبراج للاستثمارات وعارف نقفي يتوليان دور الاستشاري على هذا المستوى، فهما من يقدم للصندوق المشورة حول الشركات التي يستهدفها وقيمة هذه الشركات وجدوى شراء أو بيع الأوراق المالية المرتبطة بهذه الشركات. أي أن نقفي كانت له مع شركة «أبراج لإدارة الاستثمار» السيطرة الكاملة على قرارات البيع والشراء المتعلقة باستثمارات محفظة الصندوق، من خلال لجنة الاستثمارات العالمية المسؤولة عن تقييم واتخاذ القرارات الاستثمارية لصناديق مجموعة «أبراج للاستثمار» في الملكية الخاصة، بما في ذلك صندوق الرعاية الصحية. وكانت اللجنة تضم 7 أعضاء، 5 منهم أعضاء دائمون ويتولى نقفي رئاسة اللجنة، وعلى الرغم من أن قرارات اللجنة كانت تتطلب الإجماع، إلا أن نقفي كان له حق «الفيتو» كما كان يمكنه كذلك تجاوز صوت واحد معارض، تقاضى نقفي وأعضاء اللجنة تعويضات عن عملهم في اللجنة.
ووفقاً للوثائق كان يحق لشركة «أبراج لإدارة الاستثمار» بموجب الاتفاق الأساسي اتخاذ كل الخطوات اللازمة لمباشرة أعمال الصندوق، بما في ذلك سحب ما يتطلب من رأس مال الصندوق للتقييم باستثمارات معينة، وتحصيل تكاليف الصندوق بما لا يتجاوز 2.5 مليون دولار، وتلقي رسوم الإدارة والاستشارات بما يوازي 2% سنوياً على التزامات المستثمرين.
وأظهرت الوثائق أن نقفي كان يملك حق التوقيع على كل ما يخص الحسابات البنكية للصندوق، وكذلك على حسابات «أبراج القابضة»، و«أبراج لإدارة الاستثمار». وكان توقيعه إلزامياً على كل المعاملات التي تفوق قيمتها 75 مليون دولار.


المراسلات الإلكترونية


وكان الشريك العام يصدر إشعارات سحب للمستثمرين مخطراً كلاً منهم بحجم الأموال التي يتم سحبها والغرض الذي ستوظف فيه هذه الأموال، فعلى سبيل المثال، تم إخطار المستثمرين في نوفمبر/‏‏ تشرين الثاني 2016 ومارس/‏‏ آذار 2017، بسحب أموال تصل إلى 415 مليوناً، و115 مليون دولار على التوالي على زعم توظيفها في استثمارات ورسوم ونفقات على الصندوق.
ووفقاً للتقرير ربع السنوي لشركة «أبراج لإدارة الاستثمارات» للربع الثالث 2017، فقد قام الشريك العام بسداد 544 مليون دولار في استثمارات رأسمالية، لكن ووفقاً للتقرير كذلك وظفت الشركة 265 مليوناً فقط في محفظة الصندوق، كما أفاد بتسديد رسوم إدارة لأبراج لإدارة الأصول بقيمة 37.6 مليون دولار، إضافة إلى نفقات بقيمة 2.5 مليون، ولم يتم توضيح التفاصيل المتعلقة بالمبلغ المتبقي من المبلغ المحدد كاستثمارات رأسمالية.
وقالت وثائق الدعوى إن المراسلات الإلكترونية وحسابات البنوك ووثائق التمويل الداخلية جميعها عكست أن المدعى عليه لم يكن يوظف أموال الصندوق بذات الطريقة التي يتم إشعار المستثمرين على أساسها. وبدلاً من ذلك كانت الشركة تقر بوجود قصور مالي واضح لدى «أبراج القابضة»، و«أبراج لإدارة الاستثمار»، وبالتالي عمدت إلى اختلاس أموال من الصندوق لتغطية هذا القصور، ولسداد التزامات مالية على «أبراج القابضة». لكن هذه الحقائق لم يكن يتم الإفصاح عنها لا للصندوق أو المستثمرين فيه، أو يأتي ذكرها في بيانات شركة «أبراج لإدارة الاستثمار» أو تقاريرها ربع السنوية أو بياناتها المالية المدققة.


تحويلات


وقالت الوثائق إن عملية الاختلاس أو إساءة توظيف الأموال هذه بدأت على يد نقفي وشركة «أبراج إدارة الاستثمار» في ديسمبر/‏‏ كانون الأول 2016، عندما قامت الشركة بتحويل مبلغ 100 مليون دولار من حساب خاص بالصندوق إلى حساب خاص بالشركة الأم «أبراج القابضة»، كما تم تحويل 40 مليون دولار لحساب «أبراج لإدارة الاستثمار»، إضافة إلى المبلغ المحدد كرسوم إدارية ونفقات، وإلزامية التوقيع تعني إن نقفي كان على الأقل على علم ووافق على الأقل على تحويل مبلغ ال100 مليون دولار.
وفي 3 يناير/‏‏ كانون الثاني 2017 أخطرت الإدارة المالية لمجموعة أبراج نقفي والرئيس المالي للمجموعة في رسالة إلكترونية بأن «أبراج القابضة» يتوقع أن تعاني عجزاً مالياً تصل قيمته إلى 85 مليون دولار مع نهاية مارس/‏‏ آذار 2017، لافتاً إلى أن هذا العجز سيحدث حتى مع احتساب مبلغ 140 مليون دولار الذي تم تلقيه من صندوق الرعاية الصحية التي فندها كالتالي: 128.5 «مقترضة» من الصندوق و 11.5 مليون «مقبوضات» ذات صلة بأبراج القابضة. لكن وبحسب الوثائق فلا هذه المقبوضات أو هذا القرض جرى ذكره والإبلاغ عنه سواء للصندوق، أو مستثمريه، ولم يرد له ذكر في التقرير ربع السنوي للمستثمرين للربع الأخير من 2016، أو ضمن البيانات المالية المدققة للصندوق للنصف الأول من 2017.


استخدام «الحس السليم»


ولفتت رسالة المدير المالي كذلك إلى أن متطلبات السيولة للصندوق تصل إلى 173 مليون دولار للربع الأول من 2017، إذا ما شملت جميع الاستثمارات التي ذكرتها «أبراج» لإدارة الاستثمار ضمن إخطارات السحب للمستثمرين، ولفت إلى أن رصيد الصندوق وقتها لم يكن يزيد على 111.5 مليون ما يعني قصوراً بقيمة 62 مليون دولار، ولفتت الوثائق إلى إن المدير المالي على الرغم من ذلك لم يوص بإعادة مبلغ 140 مليون الذي أخذته «أبراج القابضة» وشركة «أبراج لإدارة الاستثمار» من الصندوق.
ويوم 19 يناير/‏‏ كانون الثاني 2017 رد نقفي بأنه لم يكن لديه الوقت لمراجعة تحليل المدير المالي، وبأنه يفوض، هو والرئيس المالي، الصلاحيات لاستخدام «الحس السليم» ومعالجة الأمر حتى لا تغلق الأعمال، ووعد نقفي بمناقشة الأمر لاحقاً عندما يقدر.
ويوم 16 فبراير/‏‏ شباط 2017 أرسل المدير المالي رسالة بالبريد الإلكتروني لنقفي والرئيس المالي تتضمن الوثائق المتعلقة بحساب أبراج القابضة، موضحاً أن أن المجموعة سيكون لديها عجز مالي بقيمة 4.2 مليون دولار هذا الشهر لذا سيتم سحب 5 ملايين من الصندوق لتغطية هذا العجز، وذكر أن مبلغ 140 مليون دولار التي تم سحبها من الصندوق لم يتم ردها بعد، وأن جولة الاستثمارات الجديدة في الصندوق ستتم في نهاية الربع الأول من 2017.
ويوم 15 مارس/‏‏ آذار طلب الشريك العام من المستثمرين (الشركاء المحدودين) في الصندوق توفير استثمارات إضافية بقيمة 115 مليون دولار، مدعياً أن الأموال هذه ستوظف للاستثمار في 5 شركات جديدة، رغم أن «أبراج لإدارة الاستثمار» اختلست بالفعل ما يفوق هذا المبلغ. وأظهرت الحسابات البنكية ووثائق المجموعة المالية أن «أبراج لإدارة الاستثمار» لم تقم بإرسال استثمارات إلا إلى شركتين من أصل الشركات الخمس المذكورة.


سحوبات إضافية


وتم في 15 مارس/‏‏ آذار 2017 سحب مبلغ 8 ملايين إضافي من الصندوق، ونقله لحساب مصرفي لأبراج لإدارة الاستثمار. ولم يتم رد أي من هذا لمبالغ لاحقاً للصندوق، بل وتم سحب 16 مليون إضافية خلال الفترة من 21 إلى 30 مارس 2017.
وفي الثالث من يونيو/‏‏ حزيران 2017 أفاد المدير المالي للشركة بأنه من المتوقع أن يكون على «أبراج القابضة» سداد 255 مليون دولار لمصلحة صندوق الرعاية الصحية مع نهاية النصف الأول من 2017.
وفي 12 سبتمبر/‏‏ أيلول 2017 أفاد المدير المالي نقفي، والرئيس المالي للمجموعة، بأنه سيتم توفير سحوبات استثمارية جديدة من المستثمرين في الصندوق بقيمة 68 مليون دولار لتغطية نفقات أبراج القابضة، وشركة إدارة الاستثمار بما في ذلك الالتزامات المالية على «أبراج القابضة».
وفي 12 سبتمبر/‏‏ أيلول 2017 لفت المدير المالي في رسالة أخرى لنقفي بأن النفقات التي ذكرها لا تشمل مبلغ 58 مليوناً إضافية يحتاج إليها للاستثمار في 3 شركات ضمن محفظة الصندوق في أكتوبر/‏‏ تشرين الأول 2017، وطلب من نقفي إرجاء هذه الاستثمارات ليتسنى توظيف الأموال المتاحة في تسديد التزامات ومتطلبات أخرى لا علاقة لها بالصندوق. وتبين بالفعل وفقاً لوثائق أخرى أنه تم تأجيل الاستثمار في هذه الشركات الثلاث.
وأكدت الوثائق أن أياً من الشركاء المحدودين (المستثمرين) في الصندوق لم يفوض صلاحيات تتعلق بهذه التحويلات، وأن الشركة لم تفصح عن هذه التحويلات التي وظفتها لتغطية عجوزات مالية تمر بها هي والشركة الأم.


مخاطرة


وأفادت وثائق الدعوى بأن عارف وبموجب كل ما تقدم، كان يعرف، وسمح بقيام المدير العام وغيره بارتكاب هذه المخالفات للإبقاء على أعماله، وبأنه كان يعرف، أو توجب عليه أن يعرف، باستغلال أموال الصندوق لهذا الغرض. وأضافت إن مصالح المستثمرين من هذه الممارسات تضررت على الأقل نتيجة تأجيل استثمارات متفق عليه، كما أن الأموال التي تم سحبها شكلت مخاطرة بالنسبة للمستثمرين ولم يتم إخطارهم بها.
وقالت وثائق الدعوى إن نقفي، إضافة إلى ما تقدم حاول التغطية على ما ارتكب بما في ذلك محاولة تأجيل موعد تدقيق الحسابات للصندوق وإرجاء نهاية الفترة المالية من يونيو/‏‏ حزيران 2017 إلى نهاية العام، وإن لم يتسن لهم ذلك، وبدلاً من ذلك تم تضمين مبلغ 167 مليون دولار في الحسابات المدققة باعتباره موجوداّ في الحسابات المصرفية باعتباره سيولة غير مستثمرة.
وكان هذا المبلغ في واقع الأمر جزءاً من قرض بقيمة 196 مليون دولار من شركة كان نقفي ضمن مجلس إدارتها. وكانت تلك الشركة قدمت في 24 يونيو/‏‏ حزيران قرضاً قصير الأجل بضمان شخصي لمدة 30 يوماً لنقفي استخدمها لتغطية العجز المالي للصندوق والناتج عن تحويل أموال الصندوق لأبراج القابضة وشركة إدارة الاستثمار.
وبعد رد المبلغ للشركة عادت الفجوة المالية إلى سابق حالها قبل تدقيق حسابات الصندوق.
وفي أكتوبر 2017 قدم نقفي إخطارات مضللة للمستثمرين الذين بدأوا يشعرون بالقلق مع توظيف استثمارات أقل بكثير من رأس المال الذي وظفوه، ووفر لهم بيانات مضللة تفيد بأن الفارق موجود في حسابات الصندوق المصرفية.
وفي فبراير/‏‏ شباط 2018 أقر نقفي بتوظيفه أموال الصندوق في استثمارات بشركاته الأخرى، وثبت لاحقاً أن الأموال استغلت لتغطية التزامات على هذه الشركات ولسد عجوزات مالية تواجهها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"