عادي

برامج الادخار ميدان منافسة جديد بين البنوك

00:39 صباحا
قراءة 7 دقائق
أبوظبي: بهاء العوام

ظهرت في البنوك العاملة في الدولة، ظاهرة جديدة سريعة التوسع وأفرزتها الكثير من العوامل التي تسببت بها الأزمة العالمية في عام ،2008 وهي برامج الادخار التي حملت عناوين مختلفة وتباينت شرائح المستهدفين فيها تبعاً للسن أو الشريحة الاجتماعية، وبحسب خبراء ومسؤولين في القطاع المصرفي فإن هذه البرامج محمولة على حاجة ملحة في السوق المحلية لرفع مستوى وعي العملاء وأسرهم، في الإنفاق الرشيد ومبادئ الصيرفة وقواعد الادخار والاقتراض، على حد قولهم .

ويؤكد محمد جميل برو الرئيس التنفيذي لمصرف الهلال أهمية برامج الادخار في الإمارات لتعزيز هذه الثقافة الحضارية، خاصة أن الادخار في الدولة قليل ومتواضع مقارنة مع نسبة الادخار في الغرب وشرق آسيا .

برأي هدى عبدالله نائب الرئيس التنفيذي مديرة الفروع في بنك الخليج الأول، فإن المجتمع الإماراتي أصبح أكثر وعياً بأهمية ثقافة الادخار واتباع ممارساته في الوقت الراهن مقارنة بالسنوات السابقة، ويتضح ذلك جلياً من خلال الإقبال على منتجات الادخار التي قام البنك بطرحها .

وقال جورج بيتي المدير العام للخدمات المصرفية للأفراد والنخبة في بنك أبوظبي الوطني: إن الأزمة العالمية أسهمت في تسليط الضوء على أهمية الادخار للمستقبل، حيث أصبح العملاء أكثر وعياً بأهميته في مرحلة مبكرة . وبالمقارنة مع الأسواق الناشئة نلاحظ تحسناً كبيراً في معدلات الادخار بالإمارات، كما لاحظنا مؤخراً اتجاه الكثيرين من العملاء من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لوضع مدخراتهم في البنوك العاملة بالإمارات نتيجة للتحديات والصعوبات التي يواجهونها في بلدانهم .

نمو حسابات التوفير

وأضاف بيتي: بالنسبة لحساب التوفير لا تزال أرصدة حسابات التوفير في البنك تشهد نمواً مستمراً ويرجع هذا في المقام الأول إلى ثقة العملاء ببنك أبوظبي الوطني وبرامج الادخار التي يقدمها، أما بالنسبة لخطة الادخار فقد شهدنا ارتفاعاً في حجم الادخار على أساس شهري في السنتين الأخيرتين وانخفاضاً في متوسط عمر العملاء المستثمرين ما يدل على وجود اتجاه إيجابي في السوق .

ولفت بيتي إلى مساهمة وسائل الإعلام المطبوعة والرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي أيضاً في نشر الوعي بين العملاء للبدء في الادخار والتخطيط في مرحلة مبكرة من أجل مستقبل أبنائهم، مشيراً إلى أنه من المهم البدء بالادخار مبكراً حيث إن تكاليف المعيشة ورسوم الدراسة في ارتفاع مستمر يوماً بعد يوم .

ومن وجهة نظر مصرف أبوظبي الإسلامي كان العديد من العملاء عرضة للابتعاد عن أفضل الممارسات المالية واتخاذ قرارات مالية غير صائبة، حيث تشير آخر الدراسات إلى أن 25% فقط من سكان الإمارات يقومون بالادخار بشكل منتظم، كما كشف استبيان أجراه المصرف مؤخراً أن 80% من العملاء يشعرون بضرورة تقديم البنوك المزيد في مجال التوعية المالية، وذلك لمساعدتهم في إدارة أموالهم بشكل أفضل .

ويعتقد الكثير من العملاء أن ربط أو دعم برامج الادخار في البنوك بحوافز أو عوائد دورية قد يسهم أكثر في تشجيعهم على الادخار، حيث إن العملاء يميلون نحو استثمار أية مدخرات تتوافر لديهم، ولكنهم يتحفظون أو يترددون أمام الاستثمارات التي تنطوي على نسبة مخاطرة مرتفعة، وبالتالي فإن اجتماع الادخار مع العائد، حتى ولو كان بسيطاً نسبياً، من شأنه أن يخلق دافعاً أكبر للعملاء لتبني برامجه المطروحة .

العائد الدوري

ويرى الرئيس التنفيذي لمصرف الهلال أن ربط الادخار بالعائد الدوري ليس أساسياً حيث يمكن الادخار كل شهر، كما أن الهدف هو ترسيخ الادخار كعادة وثقافة في المجتمع .

أما هدى عبدالله فهي تعتبر أن العائدات الدورية تشكل حافزاً إضافياً للعملاء للاشتراك في برامج الادخار، حيث تمثل مكافأة لهم على اتباعهم لممارسة الادخار المنتظم، وذلك إلى جانب ما سيحققه الادخار لهم من فوائد في المستقبل البعيد .

وتقول عبدالله: نحن نؤمن بأن العائدات شكلت عامل جذب للعملاء لبرامج الادخار المختلفة، حيث لن يكتفي العميل بما يعود عليه الادخار من نفع، بل سيسعى أيضاً للفوائد والعوائد الدورية، إضافة إلى فرص الربح الكثيرة المتوفرة . وتماشياً مع ذلك، قام بنك الخليج الأول بالبدء بتحويل عوائد شهرية بنسبة 5 .1% على إجمالي قيمة الادخار ضمن (شهادة إماراتي الأول) إلى حساب العملاء المشاركين بالبرنامج بشكل مباشر ومنتظم .

وحول رأيه فيما اذا كان يجب أن تنطوي برامج الادخار على عائدات دورية لجذب العملاء، قال جورج بيتي:يعتمد ذلك على احتياجات العميل وتحديداً على الغرض من الادخار . فإذا كانت نية العميل من الادخار تغطية نفقاته اليومية في مرحلة ما في المستقبل هنا تكون العائدات الدورية مهمة، لكن إن كان الهدف على المدى الطويل دفع الرسوم الدراسية لأبنائهم أو التخطيط لحفل زفافهم فإن العائدات الدورية ليست بتلك الأهمية .

تعزيز ثقافة الادخار

وتجدر الإشارة إلى أن اهتمام البنوك بإطلاق برامج الادخار بين باقة منتجاتها، جاء في جزء كبير منه تلبية لاستراتيجية الحكومة في تعزيز ثقافة الإنفاق والادخار والاقتراض لدى عملاء البنوك وبخاصة المواطنون منهم، وهو ما يدلل عليه بالدرجة الأولى صندوق دعم المتعثرين من المواطنين أصحاب الدخل المحدود الذي تأسس بمناسبة اليوم الوطني الأربعين عام ،2011 برأسمال بلغ 10 مليارات درهم .

وبالإضافة إلى الأسباب السابقة التي تقف وراء توجه البنوك نحو تعزيز ثقافة الادخار في المجتمع، تبرز حاجة البنوك إلى ودائع طويلة الأجل تتيح لها دعم نشاطاتها التمويلية بكلفة قليلة، وهو ما توفره لها نسبياً أموال العملاء المشاركين في برامج الادخار، وخاصة أن معظم برامج الادخار تخاطب المبالغ أو الودائع الكبيرة إما بشكل مباشر عن طريق تحديد الحد الأدنى للاشتراك في البرنامج، أو بشكل غير مباشر عن طريق الإغراء في عائدات المبالغ الكبيرة المشتركة في برنامج آخر .

ويقلل مصدر مسؤول في أحد البنوك الوطنية من استفادة البنوك من أموال المودعين في برامج الادخار، في مقابل أهمية الأسباب الأخرى لتوجه البنوك نحو هذه البرامج، ويقول المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن البنوك تنظر إلى برامج الادخار كاستثمارات طويلة الأجل، تعود عليها بالنفع بعد سنوات عدة من خلال زيادة قاعدة عملائها من الصغار الذين بدأوا مسيرتهم المصرفية مع البنك عبر برامج الادخار، أو من خلال الآثار الإيجابية لتطور الثقافة المصرفية المجتمعية وتحسن الملاءة المالية للعملاء .

كلفة منخفضة نسبياً

وفي مقابل المصدر المشار إليه، أكد الخبير المصرفي أمجد نصر، أن الودائع الادخارية في البنوك واحدة من مصادر الأموال المستقرة أو طويلة الأجل التي تستطيع البنوك الاعتماد عليها في أنشطتها التمويلية التي تمتد لفترات طويلة، خاصة أن كلفة هذه الودائع منخفضة نسبياً بالمقارنة مع المصادر الأخرى، بالإضافة إلى أن معظم الأنشطة التمويلية للبنوك تمتد لآجال متوسطة وطويلة الأجل، حيث تبدأ من 3 سنوات وأكثر في غالبيتها . هذا بالإضافة إلى أن الحصول على الودائع طويلة الآجل مازال يمثل تحدياً جدياً تعمل البنوك الوطنية على تذليله عبر طرق عدة منها البرامج الادخارية .

وبحسب الإحصاءات الصادرة عن المصرف المركزي، تستحوذ الودائع قصيرة الأجل التي تمتد آجالها لمدة أقل من عام على ما يزيد عن 75% من ودائع البنوك، والتي بلغت نحو 689 مليار درهم حتى نهاية أكتوبر من العام الماضي، في حين بلغت قيمة الودائع لأكثر من عام نحو 170 مليار .

وتتنوع منتجات وبرامج الادخار التي باتت توفرها البنوك العاملة في الدولة، بهدف تشجيع ثقافة الادخار والمساهمة في محو الأمية المالية في المجتمع الإماراتي، حتى باتت هذه البرامج ميدان منافسة حقيقياً دفع البنوك إلى ابتكار برامج تتماشى مع احتياجات كافة الفئات على اختلافها، ولكن بشكل عام تنقسم هذه البرامج في البنوك إلى نوعين رئيسين يختلفان بين بنك وآخر في المنافع الإضافية، وهما حسابات التوفير لأغراض عامة أو محددة، وخطط الادخار التي ترتبط ببرامج استثمارية متنوعة .

ويقول جورج بيتي إن بنك أبوظبي الوطني يقدم مجموعة متنوعة من برامج الادخار والاستثمار لعملائه للاستفادة من الخيارات المتاحة لهم على مدى القصير والطويل مثل تعليم أبنائهم والتخطيط لحفل زفافهم والتخطيط للتقاعد وتقديم دفعة أولى لمنازلهم والأعمال التجارية .

أنواع برامج الادخار

وبحسب بيتي تنقسم برامج الادخار في البنك إلى نوعين، الأول هو حسابات التوفير وهي من الحسابات التقليدية التي توفر فائدة ثابتة لأصحابها وتعد الأفضل للعملاء الذين يفضلون الحصول على عائدات منخفضة على مُخاطرة أموالهم . وتختلف حسابات التوفير حسب احتياجات العميل حيث يقدم البنك مجموعة متنوعة من حسابات التوفير تتراوح بين حساب التوفير العادي وحسابات خاصة بالأطفال والسيدات وأصحاب الثروات .

أما النوع الثاني فهو خطط الادخار والمرتبط بصناديق الاستثمار والتي تهدف إلى تحقيق عائدات جيدة على المدى الطويل حيث تعتمد العائدات على أداء هذه الصناديق في السوق . ويعد هذا النوع من الخطط الخيار الأنسب لقاعدة من العملاء الذين هم على استعداد لتقبل مخاطر الاستثمار في سبيل الحصول على عائدات مرتفعة على المدى البعيد .

وبالنسبة لبرامج الادخار التي يوفرها بنك الخليج الأول، فهي متنوعة ومبتكرة وتتماشى مع احتياجات كافة الفئات على اختلافها، فهناك على سبيل المثال برنامج أبناؤنا للادخار، والذي تم إطلاقه لتوفير حلول مالية تسهم في التعامل مع ارتفاع تكاليف التحصيل العلمي، وبرنامج شهادات التوفير الرابح الذي يستهدف كافة الفئات المقيمة بالدولة من الذين تبلغ أعمارهم 21 عاماً فما فوق، وشهادة إماراتي الأول الإسلامية للإماراتيين بشكل خاص، ناهيك عن حساب وديعة المزايا الإضافية الذي يتميز بإمكانية حصول العميل على أي من الفوائد مقدماً دون الحاجة إلى الانتظار حتى تاريخ الاستحقاق، والحساب التصاعدي الذي تزيد معه نسبة الفائدة مع زيادة حجم الوديعة .

وبالنسبة لمصرف أبوظبي الإسلامي فقد أطلق برنامج غنى المصمم خصيصاً لتشجيع الناس على الادخار وزيادة ودائعهم من خلال الاستفادة من مجموعة الجوائز النقدية التي يقدمها المصرف على مدار السنة، كما أطلق حساب بنون وهو حساب توفير مخصص لمساعدة الأهل على التوفير لأبنائهم لمساعدتهم في المستقبل، وهو يعمل بنفس شروط وأحكام حساب التوفير الذي يقوم على صيغة المضاربة الشرعية، ما يعني إمكانية نمو المال في حال تم تحقيق أرباح ليستفيد من ذلك الأبناء في المستقبل .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"