عادي

كارديف.. عاصمة ويلز وأصغر مدن أوروبا

02:51 صباحا
قراءة 5 دقائق
إعداد:قرشي عبدون

عاصمة مقاطعة ويلز، وميناؤها على الساحل الجنوبي وترسها المحرك، حيث يلتقي نهر تاف بمصب سيفرن. أعلنت كارديف عاصمة لويلز التي تعتبر جزءاً من المملكة المتحدة عام 1955، ويبلغ عدد سكانها حوالي 460 ألفاً بضواحيها. يستطيع السياح رؤيتها في بهجتها وكامل حيويتها عندما تكون هناك مباراة قائمة لفريق ويلز الوطني «للركبي» بالمدينة، حيث تجرف شوارع المدينة ببحر من اللون الأحمر عندما تهتز بضجيج المباراة، بجانب خليط من صوت الطبول والأغاني والضحك.
ففي مكان آخر، كان سيبدو حشد من هذا العيار والنشاط مخيفا، ولكن هنا المد الكبير من الرجال والنساء والأطفال يضفي الدفء والإثارة كلما زحفوا نحو ملعب الألفية العظيم.

إن هذه المدينة في أفضل حالاتها ولديها ما يميزها، حيث اكتسبت سمعتها الآخذة في التزايد كوجهة سياحية مثيرة على مدار العام، لذا ينصح السياح بالتغاضي عن أي تعليقات ساخرة قد تصدر من الصحاب والبدء في ممارسة ما يهوونه بالطريقة الصحيحة، لقد جاء دور هذه العاصمة الصغيرة الحجم كوجهة سياحية عالمية أخيراً.
تعج مدينة كارديف بالحفائر المائية والمحال التجارية التقليدية التي تعمل لساعات طويلة على نحو مناسب، مثل سيتي أرمز الذي يوجد بجانب جيل جديد من المحال التجارية العصرية بشارع الحي الثقافي ل«ونامبي»، الذي يحظى بأهمية كبيرة من قبل حكومة ويلز.
لقد استثمرت المدينة في البنية التحتية بشكل مكثف أيضاً بجانب فتحها لمركز سيت ديفيد التجاري، فالآن هناك سلسلة من الشركات العالمية التي تجعل حتى أكثر الزبائن الذين لا يمكن إقناعهم بالسهل ينشغلون بالتسوق لأسابيع، كما أن البوتيكات والمكتبات، والمقاهي الصغيرة، ومحال بيع الوجبات الخفيفة توفر كل ما يحتاجه أولئك السياح الذين يبحثون عن السلع النادرة أيضاً.
وعلى الرغم من كل هذا التطور، والنقاش المستمر «لأنجلزتها»، أي لجعلها مدينة إنجليزية، فإن المدينة بذلت مجهوداً كبيراً للحفاظ على إرثها الذي تتباهى بعكسه، لا سيما قلعة كارديف التي يعود تاريخها العصور الوسطى، حيث تقف شامخة تطل على وسط المدينة.
فلو وجد المرء متسعاً من الوقت، فإن الرحلة إلى منطقة رصيف خليج كارديف وكانتون توفر المزيد من فرص الاستمتاع بالمناظر الخلابة والمدهشة، فيما الرحلات البحرية القصيرة إلى ضواحي مدينة بينارث الساحلية وقرية ديناس بويز الهادئة تبعث البهجة والسعادة في النفس.
أصغر المدن
تعتبر من أصغر المدن الأوروبية ومع ذلك تشبه العاصمة لندن القريبة، فالمدينة لديها جذور رومانية، حيث تكافح لاحتواء السيلور وهي قبيلة يعود تاريخها إلى العصر الحديدي حيث كانوا يقطنون في ويلز يوما من الأيام، وقد كان الرومان لديهم حصون مبنية من الخشب في المنطقة التي يوجد فيها قلعة كارديف.
وعلى الرغم من أن الحصن كان مهجورا عندما غادر الرومان، إلا أن كارديف لم تكن ميتة، فلما وصل محتل آخر وهو الغازي وليام، أحيا المدينة حيث قام ببناء الحصن في 1081 ولكن هذه المرة من الحجارة، ونتيجة لذلك بدأت المدينة في تثبيت جذورها على الأرض.
ومع ذلك، لم تقصد كل السفن العادية المبحرة المدينة الوليدة، فقد عانت المدينة أضرارا جسيمة في عام 1401 عندما رأى تمرد ضد الحكم الإنجليزي، بقيادة أوين غليندور، الكثير منها يجري تدميره، لقد كان الضرر سيئا للغاية بحيث لم تبدأ إعادة البناء حتى عام 1423. وفي السنوات التي تلت ذلك، دخلت كارديف في ركود اقتصادي، لتصبح بذلك أفضل بقليل من منطقة عسكرية نائية.
ولكن كل ذلك قد تغير عندما اعتلى هنري الثامن العرش وقام بتشريع القوانين في أحكام ويلز التي تحولت بموجبها كارديف إلى مدينة مقاطعة غلامورغانشاير. وفي عام 1581، منحت إليزابيث الأولى المدينة أول ميثاق ملكي لها. ومع ذلك، كان أحد نبلاء بوت المتتالين هو الذي عمل على تغيير كارديف، بدءا من الجهود المبذولة لاستعادة قلعة كارديف في 1793.

أما جون كريكتون ستيوارت وهو أحد النبلاء فقد كرس حياته لبناء أرصفة كارديف.
لقد أصبحت كارديف في عام 1881 أكبر مدينة في مقاطعة ويلز، حيث تم بناء أولى جامعتيها وهي جامعة ساوث ويلز ومونوماوثشير في 1893 وبحلول 1905 كانت كارديف قد منحت وضعية المدينة.
لقد تم بناء كارديف المعاصرة من ريع التعدين، حيث كانت تصدر الفحم والحديد كإحدى المدن الفكتورية من تلال ويلز إلى أنحاء العالم، وفي أيام ذروتها أصبحت كارديف أكبر ميناء لتصدير الفحم في العالم حيث صدرت أكثر من 13 مليون طن من الفحم من المدينة حتى عام 1913.
أما اليوم عادت كارديف إلى أفضل حالاتها الصاخبة حيث تتباهى بمراكز تسوقها الحديثة، وصالات عرضها العالمية وساحتها الرياضية اللامعة.
يحكي متحف كارديف القومي العريق والضخم قصة قيام مقاطعة ويلز من البداية حتى يومنا هذا، يضم هذا المتحف مجموعة من الأعمال الفنية الكثيرة والمعروضة بشكل جميل، حيث يغطي الجيولوجيا وعلوم البستنة، والتاريخ الطبيعي، وعلم الحيوان والآثار، كما يضم أيضا كنوز العصر البرونزي والآثار الكلتية، ومقر المتحف القومي للفنون.
أما قلعة كارديف ففي الأصل كانت مقرا للحامية العسكرية الرومانية، حيث تم تطويرها فيما بعد كموقع عسكري قوي من قبل النورمان، ولا يزال هناك إمكانية زيارة بقايا الآثار الرومانية، ومع ذلك، تدين القلعة في الوقت الحاضر بجمالها للامركزية الفيكتورية لنبيل البوت الثالث، وبموجب توجيهاته، أنشأ المعماري وليام بيرجس أبراجاً قوطية خيالية، والدوامات والمزخرفة الداخلية مع الجداريات، والنوافذ الزجاجية الملونة والمنحوتات المزخرفة.
ويربط خليج كارديف بين المعمار المعاصر الفتان وإرث منطقة المواني الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر، حيث افتتح خليج كارديف في عام 2001، حيث خلق بحيرة جديدة ذات مياه عذبة بجانب واجهة مائية تمتد إلى 12 كم بحدائقها، ومجمعاتها الترفيهية ومحالها التجارية ومطاعمها، فضلاً عن رحلاتها البحرية حول الخليج على متن الزوارق.
أما ملعب ميلنيوم الذي يسع 72500 شخص فيعتبر أحد أحدث الملاعب الرياضية في أوروبا. وقد حقق منذ افتتاحه في عام 1999 نجاحا كبيرا من خلال استضافة الأحداث الرياضية الكبيرة وحفلات الساحة الضخمة واستضاف الملعب في أولمبياد 2012 مباريات كرة القدم، وكذلك تأخذ الجولات المصحوبة بمرشدي السياح إلى الملعب، والمربع الملكي وقاعة الرياضة الويلزية للمشاهير.
كذلك تعد حديقة روث واحدة من الحدائق الأكثر جاذبية في المدينة، بجانب حدائق الورود، وبحيرة القوارب والنصب التذكاري للكابتن سكوت، الذي أبحر في رحلته من كارديف إلى المحيط المتجمد الجنوبي، كانت حديقة بوت في السابق الأرض التي بنيت فيها القلعة.
أفضل أوقات الزيارة
بالرغم من أن كارديف لديها الكثير لتقدمه على مدار العام، إلا أن غالبية السياح يأتون إليها في فصل الصيف عندما يكون الجو معتدلاً إلى حد ما، الطقس في ويلز لا يمكن التنبؤ به على نحو سيئ، إلا أن مهرجاناتها السنوية تساعد السياح على رؤية المدينة بنظارات وردية ملونة حيث يقام مهرجان سينت ديفيد في الأول من شهر مارس/ آذار من كل عام حيث يحلو فيه التجوال في حدائق المدينة عندما تبدأ زهرتها الوطنية «النرجس البري» في التحول إلى لون ذهبي ثم تتفتح، كما أن مباراة الركبي أجمل ما يكون خلال الشهور الرطبة والمطيرة، ويمكن أن ترتفع درجات الحرارة إلى 25 درجة مئوية في شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب ولكن متوسطها يصل إلى 2 درجة مئوية في منتصف الشتاء.
هل تعلم؟
} استوديوهات «سبايلرز» لتسجيل الأغاني الموسيقية التي افتتحت في 1894 هي الأقدم في العالم
} مؤلف قصص الأطفال الشهير، رولد دال، ولد في كارديف في عام 1916
} قلعة كارديف التي يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر استخدمت كمأوى من الغارات الجوية خلال الحرب العالمية الثانية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"