عادي
المعالجات منعت حدوث الأسوأ لكن الثمن كان باهظاً

10 سنوات على الأزمة المالية العالمية.. والتداعيات مستمرة

01:47 صباحا
قراءة 3 دقائق
ذات يوم غادر المصرفيون ناطحة السحاب في نيويورك حاملين متعلقاتهم في صناديق تمت تعبئتها على عجل، وانتشرت صور سماسرة الأوراق المالية المذهولين في مختلف أنحاء العالم، وقد كانت بنوك الاستثمار مثل ليمان براذرز «أكبر من أن تفشل»، لكن في هذه الحالة لم تتدخل الدولة لإنقاذه.
منذ عشر سنوات، أثار انهيار «بنك ليمان براذارز» صدمة في أسواق المال، ووضع الاقتصاد العالمي على حافة الانهيار، وهرع السياسيون، والحكومات، والبنوك المركزية، لإنقاذ البنوك الأخرى، ووقف المزيد من التدهور الاقتصادي عبر ضخ مئات المليارات من الدولارات من الاعتمادات الائتمانية الطارئة للمؤسسات والشركات المتعثرة، وخفض أسعار الفائدة.
وبالفعل تم منع حدوث الأسوأ، لكن الثمن كان باهظاً، فبعد عشر سنوات من الأزمة المالية ما زالت تأثيراتها الاجتماعية والسياسية قائمة، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل نحن مستعدون بصورة أفضل اليوم لمنع تكرار هذه الأزمة؟ والحقيقة أن الأزمة التي تفجرت بإعلان إفلاس بنك «ليمان براذارز»، رابع أكبر بنك استثمار في الولايات المتحدة، يوم 15 سبتمبر/‏ أيلول 2008، تجاوزت القطاع المالي وكبدت الملايين وظائفهم.
وكان لنتائج الأزمة تداعيات مجتمعية، على خلفية حقيقة أنه في حين بالكاد واجه مديرو البنوك المسؤولون عن الأزمة المحاكمة، فإن الناس العاديين تحملوا الفاتورة الكبيرة، وأدى الغضب من الأزمة إلى تأجيج صعود التيارات السياسية الراديكالية.
لم يكن «ليمان براذرز» بنكاً ضخماً للغاية، لكن نظراً لتعدد فروعه، ووحداته المتخصصة، فإنه كان نموذجاً مثالياً لتشعب النظام المالي الذي تم فيه دمج القروض العقارية في صورة أوراق مالية. وفي ذلك الوقت كانت هذه الأوراق المالية المشكوك في تحصيلها قد حصلت على تزكية مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية، ما ساهم في بيعها للمستثمرين في مختلف أنحاء العالم.
ومع تراجع الأسعار في سوق العقارات الأمريكية، وتلاشي قيمة الرهون العقارية التي حصل عليها أصحاب المنازل المثقلين بالديون، فإن حالة التشابك بين أسواق المال الدولية أدت إلى اشتعال حريق مالي غير مسبوق، وتفجرت أسوأ أزمة مالية واقتصادية في العالم منذ الكساد العظيم في ثلاثينات القرن الماضي.
وسرعان ما انتقلت عدوى الأزمة المالية من القطاع الخاص إلى المالية العامة للدول. وكانت اليونان من الدول الأشد تضرراً من هذه الأزمة، خاصة أن معدل الدين العام فيها تجاوز مستوى 130% من إجمالي الناتج المحلي لها.
وفي 5 أكتوبر/‏ تشرين أول 2008 قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن مدخرات الألمان آمنة. وكان هذا البيان غير المنقح بدرجة ما، محاولة لمنع عمليات سحب واسعة للمدخرات المصرفية بما يمكن أن يهدد بانهيار القطاع المالي في ألمانيا.
وبعد 10 سنوات من الأزمة المالية العالمية، هناك شكوك في حصانة النظام المالي من تكرار مثل هذه الأزمة. ففي الولايات المتحدة خففت إدارة الرئيس دونالد ترامب القواعد والقوانين المصرفية والمالية التي تبنتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما في أعقاب الأزمة.
ويعتقد «يورج كرايمر» كبير خبراء الاقتصاد في مجموعة «كوميرتس بنك» المصرفية الألمانية، أن هيئات الرقابة المصرفية في منطقة اليورو تعين عليها التعاطي مع تداعيات الأزمة، لكنه مازال يرى مشكلات في النظام.
ومن المخاطر التي لم يتم التخلص منها بعد 10 سنوات من انهيار «ليمان براذرز»، ضعف حالة المالية العامة في الكثير من دول منطقة اليورو.
فمعدل الدين العام في كل دول منطقة اليورو باستثناء ألمانيا مازال أعلى منه قبل انهيار «ليمان براذرز». وفي إيطاليا وإسبانيا واليونان، يزيد معدل الدين العام شدة عن مستواه قبل 2009 قبل تفجر أزمة الديون السيادية، ما يعني استمرار هشاشة الوضع المالي لهذه الدول. (د.ب.أ)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"