عادي

شراء الأسهم الرخيصة يحمل مخاطر متعددة

02:52 صباحا
قراءة 3 دقائق

قرارات الاستثمار في الأسواق المالية عادة ما تكون مبنية على التوقعات سواء توقعات أداء الشركات أو توقعات تحركات الأسعار أو توقعات أداء الاقتصاد أو غيرها من التوقعات، واختلاف التوقعات بين المستثمرين يؤدي إلى حركة البيع والشراء في الأسواق من حيث توقعات إيجابية لدى البعض تؤدي إلى الشراء وبالمقابل توقعات سلبية تؤدي إلى البيع .

والتوقعات السلبية عادة ما تؤدي إلى عمليات بيع على المكشوف تقوم بها بعض الجهات المتخصصة، وارتفاع مستوى الإفصاح والشفافية يساهم في نضوج التوقعات ودقتها بحيث لا يعتمد المستثمرون في اتخاذ القرارات الاستثمارية سواء بالببيع أو الشراء على الإشاعات والتخمينات .

وكلما ارتفع مستوى الوعي الاستثماري كانت التوقعات أقرب إلى الدقة والصواب . والتراجع الكبير في أسعار أسهم الشركات المدرجة في الأسواق المالية في المنطقة منذ بداية التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية قبل نحو ثلاث سنوات إضافة إلى التأثيرات السلبية للعوامل الجيوسياسية في المنطقة خلال هذا العام ومشكلة الديون السيادية الأوروبية وتخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة وغيرها من المشكلات الاقتصادية والمالية تعود إلى تفوق حجم عروض البيع على حجم طلبات الشراء وبالتالي تفوق التوقعات المتشائمة والحذرة على التوقعات الإيجابية لحركة الاقتصاد وأداء الشركات وأداء الأسواق ما أدى إلى خلق حالة من عدم الثقة في معظم أسواق المنطقة .

والثقة هي المحرك الرئيسي للسيولة نتيجة ارتفاع مستوى معنويات المستثمرين ولا شك أن الفترة الزمنية الطويلة لدورة هبوط وتذبذب مؤشرات الأسواق ساهمت بالتراجع الكبير في مستوى الثقة وبالتالي التخوف من استمرارية ارتفاع مستوى المخاطر ما أدى إلى تراجع قيمة التداولات في الأسواق بنسبة كبيرة وتحول عدد كبير من أصحاب المدخرات إلى الأدوات الاستثمارية الأقل مخاطرة أو عديمة المخاطر وفي مقدمتها الودائع التي ارتفع حجمها بنسبة كبيرة خلال هذا العام والعام الماضي . وإذا كانت التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية والمشكلات السياسية والاقتصادية والمالية المختلفة قد أدت إلى تراجع أسعار أسهم جميع الشركات المدرجة في الأسواق المالية بنسب متفاوتة وبما يتناسب مع تعرضها لتأثيرات الأزمة، فإن عدداً كبيراً من الشركات المدرجة كانت خسائرها التشغيلية أو الاستثمارية خلال السنوات الثلاث الماضية فادحة سواء لأسباب إدارية أو لأسباب متعلقة بالإفراط في الديون أو صعوبة الحصول على التمويلات من البنوك أو تراجع وعدم انتظام التدفقات النقدية أو انخفاض كبير في قيمة الأصول أو تعثر بعض المدينين أو غيرها من الأسباب المتعلق بعضها بعدم كفاءة الإدارة وعدم مهنيتها وبالتالي فإن الانخفاض الكبير في أسعار أسهم هذه الشركات يعكس بصفة أساسية واقع أدائها . والإفصاح الدوري كل ثلاث شهور الذي تفرضه هيئات الأوراق المالية يساهم في معرفة تطورات أداء الشركات وبالتالي يساهم في ترشيد قرارات المستثمرين سواء بالبيع أو الشراء وبما يتناسب وتطورات الأداء، وبالتالي لا تعتبر أسعار أسهم بعض الشركات التي تعرضت لخسائر تشغيلية أو استثمارية فادحة وانخفضت أسعارها السوقية أكثر من 50% أو 70% من قيمتها الاسمية رخيصة حيث إن مؤشرات رخص أو ارتفاع الأسعار مرتبطة بالعديد من المعايير وفي مقدمتها الأرباح أو الخسائر المحققة أو المتوقعة وليس السعر وحده .

وبالمقابل فإننا نعتبر أن الأسعار المتداولة لأسهم بعض الشركات عند مستوى عشرة أو سبعة أو ثمانية أضعاف قيمتها الاسمية أو التأسيسية رخيصة إذا أخذنا في الاعتبار قوة ونمو ربحية هذه الشركات وبالتالي العائد على رأس المال والعائد على حقوق المساهمين، إضافة إلى نسب الأرباح الموزعة على المساهمين وانخفاض مؤشر القيمة السوقية إلى القيمة الدفترية .

بينما نعتبر في المقابل المبالغة في أسعار أسهم بعض الشركات التي تتداول بنصف أو ربع قيمتها الاسمية إذا أخذنا في الاعتبار أيضاً الخسائر المتراكمة وضبابية توقعات الأداء في المستقبل القريب واستمرارية تعرضها لمشكلات تمويلية ومالية مختلفة قد تؤدي إلى تعثرها أو إفلاسها وبالتالي ارتفاع مخاطر الاستثمار في أسهم هذه الشركات، ولا شك أن الأسعار المتداولة لأسهم الشركات المدرجة يعكس جميع المعلومات المتوافرة والتوقعات المستقبلية لمخلتف شرائح المستثمرين ومضاعف الأسعار وريع الأسهم أو القيمة السوقية إلى القيمة الدفترية من المؤشرات التي يعتمد عليها الاستثمار المؤسسي في اتخاذ القرارات الاستثمارية وبالتالي فإن إطلاق اصطلاح الأسهم الرخيصة على أسهم الشركات التي يقل سعرها السوقي عن درهم اصطلاح غير دقيق ويحمل نوعاً من التضليل .

والمستثمرون الأذكياء قادرون على اقتناص الفرص على المدى المتوسط والطويل التي تم توفرها في الأسواق نتيجة العديد من العوامل غير المرتبطة بأداء الشركات وفي مقدمتها ضعف الثقة وضعف السيولة وسلبية البيئة الاستثمارية العالمية .

* مستشار في بنك أبوظبي الوطني للأسواق المالية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"