عادي
تتخطى توقف حركة السفر وتتجاوز الحدود

تجارة الـ «B2B» تتحوّل إلى «الافتراضية» لسد فجوة سلاسل الإمداد

02:27 صباحا
قراءة 7 دقائق
دبي: حمدي سعد

ألقت جائحة فيروس «كورونا المستجد» (كوفيد 19) بظلالها السلبية الشديدة على حركة السفر والاجتماعات التقليدية لاستيراد وتصدير البضائع بالطرق الاعتيادية التي كانت تتم قبل انتشار هذا الوباء، الأمر الذي رفع الطلب بقوة على أعمال التجارة الإلكترونية بين الشركات المعروفة ب«Business-to-Business» أو اختصاراً ب «B2B».

وتسمح التجارة الإلكترونية بين الشركات بطلب البضائع والمنتجات بصورة أسرع من المصنعين والموردين وتجار الجملة للتوريد للأسواق مباشرة أوعبر تسليم البضائع من قبل تجار الجملة والتجزئة أو التبادل التجاري بين شركة وأخرى وإنجاز كافة الإجراءات الإدارية وتسديد الأموال بطريقة مؤتمتة تماماً.

قد ساهمت جائحة «كورونا المستجد» العالمية في تعزيز الطلب على منصات التجارة الالكترونية بين الشركات بهدف تعويض توقف أو تباطؤ حركة التوريد بين أسواق الدول أو بين المصنعين والتجار بالصورة التقليدية، ما جعل التجارة الإلكترونية بين الصنّاع والموردين والتجار أسرع وأفضل في هذه الحالة الاستثنائية التي تعيشها سلاسل التوريد العالمية.

ويؤكد مسؤولون ومتخصصون أن التجارة الإلكترونية بين الشركات ستواصل النمو لما بعد أزمة «كورونا المستجد»، كونها أثبتت كفاءتها من حيث السرعة والدقة والشفافية بين شركات التصنيع والإنتاج والتجار، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن دولة الإمارات تتمتع بصدارة مشهد التجارة الإلكترونية الإقليمي، ما يجعلها الأكثر جاهزية تشريعياً وتقنياً لأداء أو لتطوير منصات التجارة الإلكترونية بين الشركات وبعضها.

طلب متزايد

حول نسبة نمو أعمال قطاع التجارة الالكترونية بين الشركات بسبب فيروس «كوفيد 19» يقول محسن أحمد، المدير التنفيذي للمنطقة اللوجستية في حرة «دبي الجنوب»: من المؤكد وجود نمو ملحوظ وطلب متزايد في هذا القطاع، خصوصاً في ظل الظروف الحالية والتغيرات في عادات الشراء عند الأشخاص ونوعية السلع المطلوبة حيث أظهرت بعض الدراسات التأثير الإيجابي على بعض القطاعات خلال أزمة كوفيد19 التي تتطلب إنجاز الأعمال عبر الإنترنت ومن بينها تسيير حركة التجارة لتلبية احتياجات الناس، لاسيما الضرورية منها.

وعن إمكانية مساهمة التجارة الالكترونية بين الشركات في مساعدة المصنعين والمنتجين والتجار لتلبية احتياجات الأسواق بسرعة وكفاءة عبر تعويض القصور الحاصل في سلاسل التوريد التقليدية، أعرب محسن عن اعتقاده أن التجارة الإلكترونية في بيئة B2B تعد تطوراً طبيعياً حدث على مر السنوات الماضية وتختلف من صناعة إلى أخرى، مشيراً إلى أن التجارة الإلكترونية بين الشركات تقرب المسافات بين المشتري والبائع سواء كان مصنعاً أو منتجاً لسلعة معينة.

أضاف محسن، بالعودة للسنوات الماضية فإن سلسلة الإمداد كانت أطول ولكن مع ظهور أنشطة التجارة الإلكترونية فقد تغير الحال، لكن هذا ينطبق بشكل خاص على الوسطاء. ومع أن التجارة الإلكترونية ليست حلًا عالميًا يناسب الجميع، لكن يعتبر وسيلة لتسريع وتوصيل الأطراف ببعضها البعض وهو ما نجح إلى حد كبير خلال أزمة «كوفيد19».

ويقول أحمد: ساهمت الإجراءات الاحترازية وإغلاق الأسواق بسبب أزمة «كوفيد19» في زيادة نمو حجم قطاع التجارة الالكترونية بين المتاجر والأفراد B2C، من بداية العام الجاري بنسبة 25% في الإمارات، التي تعد الأعلى نمواً في المنطقة، فيما يتوقع زيادة 23% سنوياً حتى 2022، كما يتوقع أن يصل حجم قطاع التجارة الإلكترونية بين الشركات والأفراد في المنطقة إلى نحو 69 مليار دولار العام الجاري ومواصلة الارتفاع خلال السنوات القادمة.

زيادة الموثوقية

وعن مدى استفادة قطاع التجارة الإلكترونية الموجه للشركات من أزمة تفشي فيروس «كوفيد19» يقول محمد شبيب الرئيس التنفيذي لمنصة Tradeling، الإلكترونية، الموجهة لمعاملات الشركات في المنطقة وشمال إفريقيا ومقرها دبي: إن القطاع أتيحت أمامه مجالات غير مسبوقة، الأمر الذي يؤكد على الموثوقية التي يتمتع بها والمزايا التجارية الكبيرة التي يوفرها لكل من الموردين والمشترين على حد سواء، وتشير الإحصائيات العالمية إلى أن حجم التجارة الإلكترونية بين الشركات تضاعف سنوياً.

6 أضعاف التجارة للأفراد

أضاف شبيب، أن حجم سوق التجارة الإلكترونية الموجه لمعاملات الشركات يوازي 6 أضعاف حجم القطاع الاستهلاكي الموجه للأفراد، لذلك ندرك وجود إمكانات هائلة لهذا القطاع الواعد في المنطقة.

ويؤكد شبيب أن منصات التجارة الالكترونية B2B المخصصة للأفراد على تنوعها باتت لاعباً أساسياً ضمن سلاسل التوريد، نظراً للسهولة التي تقدمها في اختيار المنتجات وشرائها وشحنها، ولاشك أن دورها هذا سيزداد أهمية في ظل الوضع الراهن الذي يشهد فرض قيود كبيرة على التعاملات التجارية التي من الممكن أن تسبب أي خطر على المشترين، لذلك فإن منصات التجارة الإلكترونية الموجهة لمعاملات الشركات تمتلك القدرة على تعويض قصور سلاسل التوريد أو الإمداد التقليدية بفضل ما تتميز به من مزايا الأمان وسهولة الاستخدام وانسيابية العمليات.

وعلى سبيل المثال، ومع بداية وضوح معالم أزمة «كوفيد-19»، حولت Tradeling تركيزها كلياً نحو سلسلة توريد منتجات الصحة والعافية وتمكنا من تأمين كميات كبيرة من الكمامات والقفازات والمعقمات وكافة المنتجات الأخرى التي تواجه طلباً مرتفعاً حول العالم وخطر نقص مخزونها.

السرعة والكفاءة

وحول مساهمة التجارة الإلكترونية بين الشركات في مساعدة المنتجين والمشترين لتلبية احتياجات الأسواق بسرعة وكفاءة قال شبيب: تعتبر السرعة من أبرز مزايا أسلوب التجارة الإلكترونية، لذلك فإن قدرتها على دعم المنتجين والمشترين في الحصول على احتياجاتهم في الوقت المطلوب مرتفعة للغاية، علاوة على ما توفره لهم من خيارات واسعة على مستوى المنتجات، وإمكانية اختيار الموردين المناسبين والقادرين على توصيل طلبهم في الوقت المحدد.

وبالإشارة إلى الطلب من المنتجين والمشترين للانضمام إلى منصات التجارة الالكترونية B2B حالياً أوضح شبيب أن المنتجين حول العالم يتسابقون حالياً لعرض منتجاتهم على منصات التجارة الإلكترونية، التي باتت وجهة التسوق المفضلة للمشترين، نظراً للخيارات السعرية الواسعة التي تقدمها، والمنتجات المتنوعة وقدرتها على تلبية شتى احتياجاتهم.

وفي الحقيقة، فإن الأسواق التقليدية تواجه إغلاقاً تاماً حول العالم بسبب الوضع الراهن وقد دفعت هذه الأوضاع العديد من الشركات نحو تغيير عقليتها والانتقال نحو التجارة الإلكترونية وفي العادة فإنه في التحول للتجارة الإلكترونية تكون أولى خطوات التحول هي الأكثر صعوبة، لذلك شهدنا العديد من خطوات التحول.

بيئة داعمة للقطاع

ويقول شبيب: إن منصة Tradeling ثمرة جهود «دبي بلينك»، التي تم تأسيسها في إطار مبادرة «دبي 10x»، بهدف استكشاف كيف يمكن لإمارة دبي تعزيز التجارة العالمية بالاستفادة من منظومة الاقتصادات الرقمية. ولا شك أن البنية التحتية في دولة الإمارات في غاية التطور والابتكار وفريدة من نوعها في المنطقة، إذ تتميز بسهولة الوصول إليها وبخدماتها اللوجستية وتوافر المواهب وغيرها، كما أن موقعنا بإمارة دبي يمثل حافزاً كبيراً للنمو في الإمارات، كما نعتزم التوسع في السعودية.

وقال شبيب: إن منصة Tradeling لديها حالياً نحو 150 مورداً من حوالي 20 بلداً حول العالم، من الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وتركيا، ونعمل على قدم وساق لإضافة المزيد من الموردين والمنتجات إلى منصتنا ونعتقد أن عدد الموردين لدينا سيتخطى 1000 مورد في وقت قريب، وإن أولويتنا القصوى حالياً هي ضمان وجود شركاء تجاريين موثوقين لاسيما في قطاع المواد الغذائية والمشروبات والمستلزمات المكتبية والصحة كما نعتزم إضافة لوازم السيارات والآلات والملابس وغيرها قريباً.

ونركز كذلك على توفير خيارات الدفع والتمويل التجاري وتأسيس منظومة للخدمات اللوجستية.

تبادل المعلومات

من جانبه قال دينس دو، نائب رئيس شركة «جولي شيك» الصينية، المتخصصة في التجارة الإلكترونية عن استطاعة منصات ال B2B تعويض القصور الحاصل في سلاسل التوريد التقليدية بسبب فيروس كوفيد 19: إن أكبر تحد يواجه سلسلة التوريد التقليدية هو أنها لا تستطيع تبادل المعلومات بشكل سريع وفعال أو على نطاق واسع، مشيراً إلى أن آلية B2B تجعل من الممكن لكل من المصنعين والمشترين مشاركة احتياجاتهم ومطابقتها، ما يسمح أيضًا للطرفين بمزيد من الخيارات.

وأشار دو، إلى أن نموذج تجارة ال B2B يوفر العديد من القيم التي تتماشى مع الأعمال، لتوفير فرص عمل لسلاسل التوريد متعددة الجنسيات، لتقديم منتجات أفضل للسكان المحليين وتعزيز التجارة بين الصين والإمارات التي تتمتع بمكانة كبيرة في حركة التجارة العالمية، لذا ستكون دائمًا واحدة من محاورنا الرئيسية في المنطقة.

وأوضح دو أن جائحة «كوفيد 19» أظهرت أهمية البنية التحتية الرقمية واللوجستية القوية، وشهدنا النمو المذهل في التجارة الإلكترونية والطلب على خدمات التسليم، خاصة في الإمارات، حيث من المتوقع أن يحقق هذا القطاع نموًا ثابتًا بنسبة 23٪ على أساس سنوي حتى عام 2022.

300 % ارتفاع عدد العملاء

وقال: إن عدد عملاء «جولي شيك» من تجار ال B2B قد ارتفع خلال الربع الأول 2020 بنسب غير مسبوقة، بل وصل في بعض الشهور إلى 300٪، ونعتقد أن هذا اتجاه عام في التجارة الإلكترونية لدعم احتياجات العملاء في هذه الحالة غير المألوفة وغير المؤكدة.

وبالنسبة للمصنعين، هناك المزيد من العملاء المحتملين، وهناك قناة ردود فعل معلومات السوق الاكثر فعالية، وقنوات إصدار المنتج الأوسع وبالنسبة للمشترين، يتوفر المزيد من الموردين.

وقال دو: قمنا بدعم الأسواق المحلية في الإمارات والسعودية.


عدنان الزبيري: 12.2 تريليون دولار تجارة ال B2B عالمياً


قال عدنان الزبيري، الرئيس التنفيذي لشركة «دي أكس باي»: وفقًا لتقرير أصدرته منصة ستاتيستكا، قُدِّرت قيمة سوق التجارة الإلكترونية العالمية بين الشركات ب 12.2 تريليون دولار في عام 2019، وهو ما يزيد على ستة أضعاف سوق التجارة بين الشركات والمستهلكين. وبالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فتقدر شركة فيزا العالمية أن مبيعات التجارة الإلكترونية قد وصلت إلى 16 مليار دولار أمريكي في عام 2019، ومن المتوقع أن تنمو بمعدل 23٪ على أساس سنوي.

أضاف الزبيري، على الرغم من أن خدمات وميزات دي أكس باي (DXBUY) كانت متاحة لعدد قليل من الشركات فقط خلال المرحلة التجريبية، إلا أننا شهدنا قفزة كبيرة في الإيرادات بنسبة 55٪ خلال مارس- إبريل 2020 مقارنة بالأشهر السابقة كما أننا شهدنا ارتفاعًا مُعتبرًا في ولاء العملاء تجسد في زيادة طلبات عملائنا المتكررين التي وصلت إلى نسبة 71٪ في الفترة ذاتها.

وأوضح أنه في الوقت الراهن، تساعد التجارة الإلكترونية بين الشركات المُصنّعين وتجار الجملة في الوصول إلى الشركات وصناع القرار بشكل مريح وسريع، وتمكّنهم من تقديم طلباتهم بكفاءة أكبر دون تأخير أو تعطيل أعمالهم، علاوة على ذلك، يبقى تسليم وتوصيل البضائع والمشتريات في الوقت المناسب عاملاً رئيسيًا للشركات تبني على أساسه قرارات الشراء الخاصة بها.

وأكد الزبيري الارتفاع غير المسبوق على طلبات التجارة الإلكترونية بشكل عام، كما تشير آخر الأبحاث التي أجرتها B2BecNews إلى أن التجارة الإلكترونية بين الشركات سترتفع بشكل حاد على مدى السنوات القليلة المقبلة، ما يدفع عددًا كبيرًا من التجار للبحث عن طرق ناجعة للعمل وضمان استمرارية أعمالهم بشكل أكثر فعالية من حيث التكلفة.

ولحسن الحظ، فقد تم تطوير سوق التجارة بين الشركات على أفضل وجه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ تشهد التجارة الإلكترونية بين الشركات نمواً سريعاً أوشك أن يتجاوز معدل نمو التجارة بين الشركات والمستهلكين بحلول 2024.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"