عادي

إعادة اللحمة إلى «أوبك بلس»

01:26 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد *

من كارتل لحماية سعر برميل النفط الذي تنتجه الدول الأعضاء فيه إلى كارتل منقسم على نفسه دخل في حرب تكسير أسعار مؤذية لأعضائه جميعاً (يُنعت في الإعلام الغربي المناوئ لأوبك، ب«السوبر كارتل»، أي اتحاد المنتجين فائق الاحتكار).

هكذا صار عليه حال ما يعرف بصورة غير رسمية باسم «مجموعة فيينا» أو «أوبك بلس»، بين ليلة وضحاها، منذ انفراط عقد اجتماعه الأخير في فيينا الجمعة 6 مارس/‏ آذار 2020.

لقد أمَّن هذا التحالف للدول الأعضاء فيه (14 دولة أعضاء أوبك بلس 10 دول غير أعضاء على رأسها روسيا الاتحادية)، خلال 3 سنوات تقريباً، نجاحين استثنائيين (إذا ما أخذنا بعين الاعتبار البيئة الاقتصادية العالمية الهشة التي ظل يتهددها الركود بعد التباطؤ، والاقتحام الجسور للنفط الصخري الأمريكي للأسواق العالمية، ومنها بعض الأسواق التقليدية المحسوبة على دول هذا التحالف)؛ النجاح الأول وتمثل في التخلص التدريجي من الفائض النفطي في السوق الذي كان يضغط على سعر البرميل، ومضاعفة سعر البرميل وتثبيته عند مستوى مستقر نسبياً ومناسباً لموازنات دول التحالف، وكذلك للمنفعة الحدية للمستهلكين.

فهل يكون الستار قد أُسدل مبكراً على هذا التحالف النفطي؟ أم أن هنالك إمكانية مازالت قائمة للعودة إليه كآلية تعاون وتنسيق أثبتت نجاعتها وملاءمتها لمصالح عموم أعضائه؟

حتى الآن لا معلومات مؤكدة بشأن ما إن كانت أطراف الاتفاق قد عاودت اتصالاتها بعيداً عن الأضواء حول إعادة العمل بالاتفاق السابق أو تطوير صيغته.

وكان تصريح كيريل ديمتريف، الرئيس التنفيذي للصندوق الروسي للاستثمار المباشر «راديف»، لصحيفة الشرق الأوسط السعودية يوم الثاني عشر من مارس 2020، إيجابياً؛ إذ أكد على «مواصلة التعاون مع الرياض، في إطار المجلس الاقتصادي الروسي السعودي، حيث يعمل صندوق الاستثمار المباشر الروسي وصندوق الاستثمارات العامة السعودي حالياً على 25 مشروعاً جديداً في قطاعات مثل البتروكيماويات والبنية التحتية والزراعة والتكنولوجيا». معتبراً أنه «على الرغم من أي تحديات أو عدم تطابق رؤى بشأن القضايا المتعلقة بالطاقة، سنواصل العمل بنشاط مع المملكة العربية السعودية، بما يشمل سعي موسكو لتوسيع التعاون مع الرياض في قطاع الغاز.

في ذات الاتجاه الإيجابي صبت أيضاً تصريحات وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، وكذلك بعض وزراء الدول الأعضاء في أوبك؛ بما يعكس إحساساً وقناعة متوفرة لدى الجميع، تقريباً، أن الوضع التنافسي الحالي غير صحي، وأنه يتعين العودة إلى الصيغة التحالفية التي أمنت للجميع على مدار ثلاث سنوات عائداً مضاعفاً من سعر برميل النفط. ومن الراجح، أن اتصالات من وراء الكواليس قد جرت بين أطراف معادلة «أوبك بلس»، بصورة مباشرة وغير مباشرة، لمناقشة وتقييم نتائج سياسة الإغراق النفطي التي طُبقت منذ السادس من شهر مارس الجاري.

بيد أن متغيراً (Variable)، مهماً لابد من أخذه بعين الاعتبار في شأن إمكانية عودة العمل بصيغة «أوبك بلس»، وهو المتغير الأمريكي، باعتباره أحد المتضررين، والمستهدَف الرئيسي (وفقاً لتصريحات كبار مسؤولي شركة «روسنفت» الروسية)، من وراء سياسة الإغراق النفطي الحالية، لجهة تشديد الضغط الواقع على شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكي في حوض بيرميان بغرب تكساس، والتركيبات الجيولوجية لحوض باكن في داكوتا الشمالية، وحوض إيجل فورد جنوبي تكساس. فقد سارعت الولايات المتحدة للتواصل مع كبار منتجي السوق من أجل تسوية الموضوع. وتصريحات الرئيس الأمريكي بهذا الشأن ليست دقيقة؛ فهو تحدث عن مكاسب بلاده من انخفاض سعر البرميل، متمثلة في انخفاض سعر الغازولين بالنسبة للمستهلك الأمريكي، واستغلال الخفض لملء مخزون البلاد من النفط، لكنه لم يأتِ مطلقاً على ذكر الكلفة الباهظة لهذه السياسة على شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكية.

* كاتب بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"