الحوثي ونكبة اليمن

03:43 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد خليفة

اليمن السعيد لم يعد سعيداً، فقد تسببت الحرب التي شنها الانقلابيون الحوثيون على الشعب اليمني بأسوأ كارثة تحل بهذا البلد عبر تاريخه المعاصر وربما القديم.
ولا جدال في أن ما يقوم به «الحوثي» يدفع باليمن العروبة إلى جحيم الهاوية، إنها أعمال انفلتت من رقابة الضمير وضوابط العقل. ولا عجب بسبب هذا السلوك، فبعيداً عن الخراب والدمار ومقتل نحو نصف مليون يمني، ونهب مقدرات الدولة اليمنية، وهي بعشرات المليارات من الدولارات، فإن أخطر ما حدث ويحدث هو انتشار الأوبئة القاتلة وعلى رأسها الكوليرا، وقد بدأ تفشي هذا المرض في عشر محافظات يمنية، وفي عام 2017 انتشر في عشرين محافظة، أي: في عموم اليمن.
وكانت منظمة الصحة العالمية، قد ذكرت الشهر الماضي، أن هناك نصف مليون حالة يشتبه في إصابتها بالكوليرا في اليمن هذا العام.
وذكر تقرير جديد لمنظمة أوكسفام غير الحكومية، الذي حمل عنوان: «اليمن أزمة الكوليرا الكارثية»، تفاصيل آثار تفشي المرض؛ حيث يتعين على الكثير من اليمنيين الاختيار بين علاج آثار الكوليرا- التي يمكن أن تكون قاتلة إذا لم تعالج بسرعة- أو إعالة عوائلهم.
وينتشر وباء الكوليرا عبر المياه والأغذية، والأنكى أنه لا يستثني حتى العاملين في علاج المصابين. وليس الكوليرا فقط ما يؤرق اليمنيين ويحرمهم نعمة الحياة، بل هناك أمراض أخرى مثل التهاب السحايا والإسهال وسوء التغذية والسل وسواها من الأمراض الخطرة الأخرى والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً بندرة الماء النظيف، وندرة الطعام الصالح للأكل.
وينتشر وباء الكوليرا بشكل مكثف في مناطق سيطرة الحوثيين في شمالي اليمن؛ لأن هؤلاء دمروا المشافي ومراكز الرعاية الصحية، كما أنهم منعوا وصول الأمصال المضادة لهذا الوباء إلى الشعب اليمني، وعندما أرسلت الأمم المتحدة طائرة وعلى متنها نصف مليون جرعة من لقاح الكوليرا إلى اليمن لم يسمح للطائرة بالتوجه إلى شمالي اليمن أبداً؛ لأن الانقلابيين الحوثيين الذين يفرضون سيطرتهم هناك رفضوا السماح بوصول اللقاحات بعد أن أمضوا أشهراً في مطالبة الأمم المتحدة بإرسال سيارات إسعاف وغيرها من المعدات الطبية لعناصرهم المسلحة، كشرط لقبول شحنة اللقاحات.
وفي العام الماضي، أصدرت وزارة الصحة العامة والسكان التابعة للحوثيين تعميماً قضى بمنع 36 من المنظمات الإغاثية الدولية والعربية والمحلية من العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات، وأوقفتها عن تقديم الخدمات للمواطنين.
وأصدرت ميليشيات الحوثيين التعميم لعموم مكاتب الصحة في المديريات والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، مطالبة إياها بمنع تحركات المنظمات الدولية الإغاثية المذكورة في التعميم.
وقال ناشطون إن هذا الإجراء هو مجرد غطاء يسمح للحوثيين بنهب المساعدات الإغاثية لتمويل جهودهم الحربية.
وكانت تقارير دولية عدة قد أكدت أن الانقلابيين يقومون بنهب المساعدات الإنسانية، وبيعها في السوق السوداء لتمويل عملياتهم العسكرية. ووصف بيان صادر عن الأمم المتحدة مستوى المعاناة في اليمن بأنه صادم، موضحاً أن 80 في المئة من إجمالي عدد السكان (24.1 مليون شخص) يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية أو الحماية.
وقد وثقت تقارير محلية ودولية، في وقت سابق، حالات كثيرة من النهب الحوثي المنظم للمساعدات الإنسانية والاستيلاء عليها، ومنع وصولها إلى المستحقين، وسط انتقادات من الحكومة اليمنية الشرعية لصمت وتغاضي المنظمات الأممية والدولية عن هذه التصرفات والممارسات الإجرامية.
وعلى الرغم من هذا النشاط المحموم من قبل الانقلابيين للدفع بالأزمة الإنسانية في اليمن إلى مراحل متقدمة، اعتقاداً منهم بأن ذلك يخدم أهدافهم في دفع دول التحالف العربي، ومن خلفها المجتمع الدولي، إلى الاعتراف بشرعيتهم في مناطق سيطرتهم، فإن ذلك انقلب عليهم؛ لأن الأمراض وخاصة الكوليرا، تنتشر بكثرة في مناطق سيطرتهم، وهي تهدد وجود الحوثيين أنفسهم. ذلك أن دول التحالف العربي، وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة، لا تتوقف عن تقديم المساعدات المختلفة، وخاصة في مجال الرعاية الصحية لليمنيين، وقد أسهمت تلك المساعدات في درء خطر المجاعة، ووضعت حداً لانتشار مرض الكوليرا وشلل الأطفال ودعمت النساء وتلاميذ المدارس، ووفرت رعاية صحية وعلاجاً اجتماعياً ونفسياً في عدد كبير من المناطق، خاصة المحررة في كافة أنحاء البلاد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"