ابنك كاتب صغير

04:09 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

لا أحد ينكر أننا مازلنا نجتهد ونسعى لتطوير التعليم، وأنه تنقصنا أشياء لنصل إلى مرحلة الرضا التام. ولا شك في أننا ننظر إلى تجارب عالمية ناجحة جداً ونقارن أنفسنا بها كي نستطيع تحقيق التقدم المطلوب، لكننا في المقابل نملك ما يميزنا، ويجب أن نتوقف عنده لأنه بدأ يزهر ويثمر خيراً في مدارسنا.
من «عام القراءة» إلى «شهر القراءة» ومعارض الكتب ومسابقات كتابة القصص القصيرة والطويلة والشعر.. كل مبادرة ثقافية توعوية حثت الأبناء على التعلّق بالكتاب والاجتهاد للتأليف وخلق كل طفل وطالب عالمه الخاص وقصصه الخيالية، بدأت تثمر في المدارس، خصوصاً مع التوجه هذا العام نحو جعل الكتابة واجباً أساسياً ويومياً، سواء من خلال قراءة القصص وتلخيصها أو من خلال اقتناء كل طالب لمفكرة خاصة به يدون فيها يومياته وأفكاره.
هذا «الواجب المدرسي»، يزهر كتّاباً صغاراً، ويكشف عن مواهب مدفونة في الأبناء، لم نكن لنكتشفها أو لينتبه إليها الأطفال أنفسهم، لولا هذه المبادرة الطيبة، التي جعلت من الكتابة والقراءة العامة فرضاً «لذيذاً»، يوسع أفق الطلاب ويمنحهم مساحة من حرية التعبير والتفكير والخيال وخلق شخصيات وأحداث والتفنن في الإبداع.
لولا هذا الواجب الذي بدا ثقيلاً على كاهل الطلاب في البداية، فأحسوا بأن المدرسة تزيد من أعبائهم وترهقهم، لبقيت الموهبة مدفونة داخل صاحبها، لا هو يعلم بها ولا يمكن لأحد أن يكتشفها ويصفق لها. حتى الأهل الذين لا يفكرون في حث أبنائهم على القراءة والكتابة، تأتي المدرسة لتفاجئهم بقدرات أبنائهم وتدفعهم للانتباه إليها.
حصص التعبير - بمختلف اللغات وليس العربية فقط- أصبحت أجمل، وأشبه بمواعيد للقاء بين مثقفين صغار وشباب، يلتفّون داخل فصولهم في حلقات قراءة أدبية وقصصية وشعرية، يؤلفون ويتبادلون الأفكار ويتناقشون حولها. وفي البيت، فجأة تكتشف أن ابنك كاتب أو شاعر صغير، تفخر به وما عليك سوى حثه على مواصلة التأليف وتنمية موهبته، ليس فقط عبر إسماعه كلمات الحب والإطراء والثناء.. بل من خلال قيامك بجولة على المكتبات معه، يختار ما يرغب فيه من الكتب ليقرأها ويوسع مداركه ومساحات خياله، فتنمو الموهبة وتتغذى من روح القراءة.
اعتدنا على أن تكون قراءة القصص إلزامية وتخصيص وقت لها ضمن جدول الحصص اليومي في المدارس، لكن الكتابة لم تكن سوى واجب ضمن مادة التعبير، بينما تحولت إلى مساحة واسعة للتأليف الحر يحلق فيها الطالب بخياله بعيداً، يُخرج ما في أعماقه من مشاعر وأفكار ومواهب. لا أعلم إن كانت موجودة في كل المدارس أم لا، لذا نتمنى تعميمها وألا تغيب عن المناهج التعليمية مهما تبدلت وتطورت.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"