حصيلة إيران في الشرق الأوسط

03:41 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي

لم يكن في حسبان الحكومة الإيرانية، والحرس الثوري الإيراني، أن العرض العسكري الذي أقيم في منطقة الأحواز سوف يتحول إلى كابوس مزعج، وحمام من الدم بعدما سقط عشرات القتلى والجرحى جراء هجوم مسلحين استهدف العرض العسكري في المنطقة التي تسكنها أغلبية عربية، والذي حصل كان من المتوقع حصوله في القريب العاجل في داخل إيران في ظل التوتر والقلق الذي تعيشه الحكومة الإيرانية داخلياً بسبب سياستها المصدرة للإرهاب والتطرف إلى دول الجوار، فلا تستطيع دولة أن تصدر الإرهاب وتعيش في أمان وسلام، من دون أن تكوى بنيران الإرهاب التي تصدرها، ومن يبذر الشر لن يحصد إلا الشوك.
لعل المشهد الأخير في الأحواز بيّن مدى الفشل الأمني الكبير داخل إيران، إذ إن الهجوم المسلح أدى إلى سقوط عشرات القتلى من الحرس الثوري الإيراني، وتعد هذه العملية خيبة أمل كبيرة من جهاز الاستخبارات الإيرانية، وتكشف ضعف معرفته، وضعف مقدرته على تفادي مثل هذه العمليات الكبيرة قبل حصولها، وهذا يدل عموماً، على الضعف الاستراتيجي الأمني، وإذا لم تتراجع إيران عن مخططاتها في الخارج، وتنشغل بإدارة أزماتها الداخلية فقد تتفاقم الحرائق في داخلها.
إيران على مدى السنوات الأخيرة عملت ثقباً كبيراً للأسف في بعض الدول العربية، وهي تجوب أمام مرأى من العالم بجلبابها المغطى بثوب الطائفية في بعض برلمانات هذه الدول تنشر الفساد، والظلم، وتغيّب وعي الشعوب، وتستغلهم بشعارات دينية مزيفة، وتنهب خيراتهم، وتجعل منهم عبيداً لها ولأيديولوجياتها التي جرتهم إلى الطائفية والإرهاب.
العالم بأسره اليوم يعرف أن إيران توالي وتدعم الحوثي في اليمن، وتمده بالسلاح والذخيرة لقتل أبناء الشعب اليمني، في محاولة منها للسيطرة على مضيق باب المندب، وأيضاً تسيطر على الحركة الملاحية العالمية، وبجهود المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وقوات التحالف العربي، استطاع الجيش اليمني ملاحقة الحوثي، وتحرير أغلبية الأراضي التي كانت يسيطر عليها الانقلابيون بدعم واضح من طهران ، وعلى الرغم من أن قوة التحالف التي تقودها المملكة العربية السعودية قوة كبيرة تستطيع أن تدمر الحوثي في يوم واحد، إلا أن جيش التحالف العربي يسير بخطى استراتيجية ثابتة لحماية أرواح المدنيين، ومع ذلك، فإن منظمة حقوق الإنسان في أوروبا اليوم تلعب دوراً غير نزيه في هذه القضية، متغافلة عن أفعال إيران والحوثيين في اليمن الذين أفسدوا فيها، وسفكوا دماء الشعب اليمني، وجعلوا من الأطفال وقوداً في ميليشيات الحوثي الإيراني، وللأسف أمام مرأى من المجتمع الدولي.
لم تكن اليمن فقط ضمن المخططات الإيرانية، فبعد الاحتلال الأمريكي للعراق تركت الولايات المتحدة العراق في أيدي الإيرانيين، فسيطرت طهران على الحكومة العراقية، وجعلت منها ألعوبة إيرانية، وأصبح العراق يصرخ ويئن، وانتشرت الطائفية والفساد، واليوم ينادي الشباب العراقي ويطالب الحكومة بإزالة التواجد الإيراني من العراق الذي استنزف كل ثروات العراق، وجعل من بلاده مستنقعاً لمرتزقة الإرهاب في العالم، وتسبب بوجود منظمات إرهابية تحارب العالم، وتقتل الأبرياء، وأبعد العراق عن محيطه العربي، وشوه سمعته في المحافل الدولية.
دول عربية أخرى اليوم تتألم من التوغل الإيراني، مثل لبنان وسوريا، والمحاولات الإيرانية للتدخل في الشأن المغربي، والدعم الإيراني للخلايا الإرهابية، فهذه حصيلة إيران في المنطقة، كلها إرهاب وطائفية وتدخل في شؤون الدول، ومحاولة السيطرة والهيمنة عليها.
الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث كشف أيضاً عن الوجه الأسود للحكومة الإيرانية، وانتهاكها للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وأكدت دولة الإمارات موقفها الثابت، وحقها الشرعي في هذه الجزر، وطالبت بإنهاء احتلال جزرها والتفاوض حولها، أو عرضها على التحكيم الدولي، لكن إيران لم تستجب، واستمرت في سياستها الاستعمارية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"