الضمير المهني

كلمات
03:02 صباحا
قراءة دقيقتين

لكل مهنة ضمير، ولكل موظف أياً كانت طبيعة عمله ضمير مهني يحمله بين جوانحه فيكون كالرقيب يوقظ صاحبه إذا غفا، أو حاد عن الدرب، أو نسيَ أو تعمد الإخلال بمهنته ومن يقوم على خدمتهم بمختلف أشكالهم، وانتماءاتهم، وطبائعهم، ومكانتهم الاجتماعية، فالضمير المهني يحترم الإنسان العادي، كما يقدّر الذي يحظى بمكانة مميزة، ويخدم الفقير قبل الغني، والمستحق للخدمة بشكل طبيعي قبل الذي يأتيه حاملاً كيلو كوسة في يد، وخيار في اليد الأخرى، الضمير المهني هو ساعة الوقت التي تدق في وقتها، فتنذر بحدوث خطر، وتنبّه إلى ضرورة التوقف ومراجعة النفس ومحاسبتها إن هي فرّطت في الحق، والعدل، واحترام الآخر .

ويختلف الضمير المهني في أهميته من مهنة إلى أخرى، فضمير الطبيب هو الأهم بين كل الضمائر، ذلك أنه يرتبط ارتباطاً مباشراً بصحة الناس وحيواتهم، فالطبيب الذي ينسى ضميره أو يخونه يؤذي المريض، وقد يتسبب له في حدوث كارثة غير مأمونة العواقب، وكم حولنا من أطباء ائتمنهم الناس على أنفسهم، ونصبتهم اللوائح والقوانين أصحاب خبرة، ورأي، وضمير مهني واعٍ غير أنهم في الحقيقة لايأبهون لكل ذلك، يأتيهم المريض فإما أن يخرج بدون علّة، أو أن يُصدم بعلة غير متوقعة، ولم تخطر في بال المريض ذاته، الذي يلهث وراء تذكرة سفر ليغادر إلى خارج الدولة باحثاً عن بصيص أمل في ظلام التشخيص الذي تعرض له في الوطن، حينما يفاجأ بعد فحوصات بدائية بسيطة بأنه في خير، وصحة وعافية، يعود ليندب حظه في الرعاية الطبية في الدولة، ويروي حكايته مع المستشفيات خارجها، ويتساءل بحرقة، هنا طبيب، وهناك طبيب، هنا أحدث الأجهزة الطبية، وهناك أجهزة بسيطة وعادية، فأين الخلل، ولايدري أن أكبر الخلل وأخطره في غياب الضمير المهني للطبيب .

أيضاً الموظف العادي الذي يجلس وراء مكتب وثير، وعلى كرسي جُلب له من أفخر محلات الأثاث في الدولة هو الآخر ضميره مهم جداً، وحينما يغيب ذاك الضمير يُصبح مستقبل الناس في خطر، فموظف القبول والتسجيل في الجامعة أياً كانت تلك الجامعة وُجد من أجل تذليل الصعاب أمام الطالب حينما يلجأ إليه طالباً حلاً سريعاً لمشكلة قد تؤثر بشكل مباشر على مستقبله، وإن لم تحل في وقتها سيكون من الصعب عليه الاستمرار في الجامعة، وسيوقف تسجيله، وسيتأثر دوامه الذي سيؤجل إلى العام القادم، لكن الموظف لايأبه بكل ذلك، ولايعبأ بمستقبل شاب مواطن ينتظره الوطن ابناً باراً سيقوم على خدمته في المستقبل فمن يحاسب الموظف وضميره المهني الغائب، بالطبع لا أحد، لأن ذاك الموظف يعتبر نفسه فوق المحاسبة والقانون، خاصة أنه يعلم أن المحاسبة غائبة لأن القانون غير مفعّل، فما الحل إذن إذا ما غابت الضمائر، وضاعت أحلام الناس؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"