خيبة نتنياهو

04:18 صباحا
قراءة دقيقتين
د. حسن مدن


أخفق بنيامين نتنياهو في تحقيق هدفه من إعادة انتخابات الكنيست بعد ستة شهور على آخر انتخابات. لم يحقق «الليكود» بزعامته أي تقدم بالقياس للنتيجة التي حصدها في الانتخابات السابقة. ليجد نفسه وجهاً لوجه أما منافسه اللدود بيني غانتس زعيم تكتل «أبيض أزرق» الذي حصدت قائمته 32مقعداً، ما يمنح رئيسها فرصة ليست قليلة لأن يكون رئيس الحكومة القادم.
تبدد حلم نتنياهو في تحقيق أغلبية مريحة تتيح له عدة أمور دفعة واحدة، أهمها «تحصين» نفسه من المساءلة القضائية عن تهم الفساد الموجهة له، ثم المضي قدماً في ما اتفق حوله مع صقور إدارة ترامب بتمرير صفقة القرن.
ظنّ نتنياهو أن التمادي في تطبيق أجندة الصفقة بما فيها ضم الضفة الغربية وغور الأردن والبحر الميت سيجلب له أصواتاً إضافية مُعوّلاً في ذلك على مزاج الكراهية المتزايد ضد الفلسطينيين والعرب داخل «إسرائيل»، لكنه لم يحصد سوى السراب، فمنافسوه في الأحزاب الصهيونية الأخرى ليسوا أقل تشدداً منه في النظر إلى الحقوق الفلسطينية، وإن اختلفوا معه في طريقة الأداء.
لقد وضعت نتائج الانتخابات رئيس وزراء الاحتلال في حجمه الحقيقي، وأظهرت له، أو هكذا يفترض، أنه غير مقبول ليس فقط من النخب السياسية هناك وإنما أيضاً من القاعدة الانتخابية الواسعة التي لم تخصّه بأصوات تُمكنه من التفوق على منافسيه.
إلى ذلك فإن تمادي نتنياهو في تحدي الفلسطينيين والعرب أنشأ وضعاً جديداً في صفوف الأقلية العربية داخل «إسرائيل»، والتي يشكل ثقلها الانتخابي نحو 20%، حيث توحدت حول قائمة مشتركة، جمعت الأطياف السياسية المختلفة، وحققت نجاحها الأكبر منذ قيام دولة الاحتلال، حيث حلت القائمة في المرتبة الثالثة في «الكنيست» بعد «الليكود» وتحالف «أبيض أسود»، ما يمنحها فرصة أكبر في التأثير على تشكيل الحكومة المقبلة.
قد تنجح مناورات وضغوط نتنياهو في حمله إلى رئاسة الحكومة مرة أخرى، بعقد تفاهمات إما مع «أبيض أزرق» أو مع حزب («إسرائيل» بيتنا) بزعامة ليبرمان، ولكنه سيأتي مقيداً بشروط هذه التفاهمات التي ستفقده الكثير من حرية الحركة المتاحة له حالياً.
لكن هذا يظل السيناريو الأفضل بالنسبة له. هناك سيناريوهات أخرى قوية الاحتمال، كأن يجد نتياهو نفسه خارج الحكومة القادمة، إذا ما رضخ الليكود لشروط بيني غانتس بتشكيل حكومة مشتركة، لا يكون نتنياهو ضمنها، وأسوأ هذه الاحتمالات ألا يعود نتنياهو إلى بيته، وإنما يذهب إلى السجن، ما يعني إنهاء حياته السياسية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"