كيف سنصلح التعليم؟

04:17 صباحا
قراءة دقيقتين

شهدت الآونة الأخيرة حديثاً مكثفاً حول ضرورة إصلاح مناهج التعليم في البلدان العربية عامة، وفي بلداننا الخليجية خاصة، على ضوء تنامي الاتجاهات التكفيرية التي تتوسل العنف والقسوة المفرطة وسائل لفرض نفوذها، وكان الأزهر الشريف في مقدمة المؤسسات التي دعت لإعادة النظر في بعض المقررات الدراسية التي تهيئ أذهان الناشئة لقبول تحبيذ العنف واستخدامه، خاصة حين يجري استلال بعض النصوص من سياقها التاريخي وفرضها عنوة على الحاضر .
والحق أن الحديث عن ضرورة إصلاح النظم التعليمية في بلداننا ليس جديداً، وأثير مرات عدة، لنكتشف بعد كل مرة أن الأمر لا يعدو كونه أشبه بالموجة العابرة التي تأتي قوية، وأحياناً في منتهى القوة، لكن شأنها شأن كل موجة سرعان ما تنحسر وتتبدد .
فلم نشهد أي انعطافة حقيقية في النظام التعليمي تذكرنا بتلك التي جرت في البلدان التي صممت على النهوض، فاختارت أن تبدأ بإصلاح التعليم، بل إن بلداً مثل الهند لم يكن للتعليم فيه حتى عقدين من الزمن تلك السمعة الطيبة، يملك اليوم عدداً من أفضل المعاهد في العالم في مجال المعلوماتية، وهذا يقدم لنا واحداً من أسباب النهضة الهندية الراهنة .
لعلنا نتذكر مقاربات عدة لضرورة إصلاح النظام التعليمي، وشكلت لجان متخصصة واستقدم خبراء أجانب وشركات ذات صلة بالشأن التربوي، وبعض هذه المعالجات والمقاربات لا تنقصها الجدية والعمق، لكن العبرة ليست في الذي يكتب على الورق، وإنما في ذلك الذي ينفذ على الأرض، ومشكلتنا الأزلية إن إصلاح التعليم، كما أشياء أخرى، لا يرتبط بقرار سياسي استراتيجي حاسم مرتبط بالرؤية التنموية على المستويين الوطني والقومي الشامل .
لذلك تكثر عندنا البدايات وتتكرر محاولات التجريب التي لا تقود إلا إلى التشوش والتشويه، فما إن يتغير الوزير المعني حتى تتغير معه كل الخطط والبرامج، ويعود خلفه ليبدأ من منطقة الصفر أو ما يشبهها، لا من النقطة التي وقف عندها سلفه .
والنتيجة هي أننا لا نخطو خطوة عملية واحدة في اتجاه إصلاح النظام التعليمي وعقلنته وتحريره من الخرافة، وهو إصلاح لن يمكن من دونه لبلداننا أن تغادر حالة الضياع التي تعانيها، وهي محاصرة بضغط الزمن الذي يمضي بسرعة، فيما نواجه اليوم تحديات غير مسبوقة، نراها في تفكك الدول والكيانات الوطنية والإمعان في التطرف والغلواء المدمرة، واستدراج الشبان العرب نحو التهلكة .

د . حسن مدن
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"