المساحة واسعة للابتكار

05:07 صباحا
قراءة دقيقتين
شيماء المرزوقي

ما يميز العلوم أنها بمثابة كتلة واحدة إذا حدث اختراق، بمعنى تطوير لأي مجال منها، فإنه تتبعه جوانب أخرى، وأي محاولة لعزل هذا عن ذاك هي عبثية ولا جدوى منها، فلا يمكن أن تمنع تأثير تطور مبتكرات الطيران عن برامج غزو الفضاء. ولا يمكن أن تقف الكيمياء عاجزة أمام فيروسات مميتة بحجة أن هذه تقع على كاهل العلوم الطبية، ولا يمكن للفيزياء أن تتجرد من الأرقام والمعادلات لأنها من صميم الرياضيات، ولا يمكن لعلم الاجتماع أن يتجاهل علوم مثل القانون والتربية والنفس لأنها علوم قائمة بحد ذاتها ومستقلة.
العلم كيان واحد، إذا فتحت نافذة في موقع ما، فمن المتوقع أن تكون نافذة واسعة، لننظر للكثير من الأمثال في هذا السياق، فالتطور التقني وثورة الاتصالات، قادا لتطور كبير في مجالات حياتية كثيرة وأسهما في تسهيل الحياة، مثل الرعاية الصحية، فقد تمكن الأطباء في مختلف دول العالم من تقديم رعاية طبية لأناس بعيدين كلياً عنهم. وأقصد بالبعد هنا البعد المكاني، حيث أسهمت تلك التقنية الاتصالية المتطورة في تقريب المسافات، فبواسطة تطبيق خفيف يتم تحميله على هاتفك الذكي يمكنك طلب استشارة طبية ويرد عليك الطبيب وهو قابع في بلد آخر. يستمع لك صوتياً أو برسالة، وكأنه جالس معك، ويسأل تماماً كما يسأل الطبيب الذي تزوره في عيادته، وفي أحيان سيطلب الطبيب منك عبر التطبيق إرسال التحاليل الطبية التي أجريتها، وعملية الإرسال سهلة جداً، بل يمكن تصوير هذه التحاليل مباشرة بواسطة التطبيق وتحميلها وأنت تتحدث مع الطبيب حيث تصله ويقرأها.
التقنيات والمبتكرات الجديدة مثل الأقمار الصناعية التي تسبح في الفضاء خارج الغلاف الجوي للأرض، تستطيع أن تحدد لك المواقع التي فيها مياه جوفية، بل تتنبأ بالأعاصير والأمطار وتقلبات الطقس، فضلاً عن تحديد المواقع وغيرها كثير من الخدمات التي تخدم البشرية.
إن الاختراق العملي في مجال ما والتفوق فيه، ما هما إلا علامة ومؤشر للنبوغ في مجالات متنوعة، وهكذا هو العلم دائما إذا منح أسراره وكنوزه فإنه يعطي بكرم غير محدود.
لذا لا مبرر للإعلاء من قيمة علم على حساب علم، ولا تفضيل مجال على آخر، ففي نهاية المطاف جميع العلوم فيها مساحة واسعة للإبداع والابتكار، لكن المهم الاجتهاد والمثابرة.

[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"