تركيا وتعقيد الأزمة في ليبيا

02:57 صباحا
قراءة دقيقتين

موقف الجيش الوطني الليبي من الأحداث والتطورات الأخيرة التي شهدتها وتشهدها البلاد، يؤكد حقيقة الدور الذي يلعبه الجيش في التصدي للمشاريع الخارجية الهادفة إلى تفتيت الدولة الليبية، إثر التدخلات التركية التي ساهمت في تعقيد الأزمة، خاصة أن أنقرة جلبت معها المرتزقة من كل حدب وصوب لتغليب طرف سياسي على آخر، وهو ما بات واضحاً من خلال الدور الذي تقوم به ميليشيات حكومة الوفاق، التي تتحكم في العاصمة طرابلس وبعض المناطق الأخرى.

حديث قائد الجيش الوطني خليفة حفتر، عن تدخل الجيش التركي بشكل مباشر في المعارك، يصل إلى درجة الغزو للأراضي الليبية، وما يقوم به من انتهاكات تستهدف التركيبة المجتمعية والسياسية في البلاد، يؤكد ما سبق أن حذرت منه أطراف عربية ودولية من أن أنقرة تريد تحويل ليبيا إلى ساحة لتصفية الحسابات مع خصوم الجماعات الإرهابية، لذلك طالب حفتر بضرورة انسحاب العسكريين الأتراك من بلاده لإفساح المجال أمام الليبيين لإجراء تفاوض سياسي، تمهيداً للوصول إلى حل تقبل به كافة الأطراف، ويؤسس لاستقرار دائم في البلاد.

من نافلة القول إن التحركات التركية تهدف إلى تمكين الجماعات الإرهابية من السيطرة على الأراضي الليبية، وهو هدف يسعى الرئيس رجب طيب أردوغان إلى تحقيقه بكل الوسائل والسبل، بحيث تتحول ليبيا كلها إلى أرض مستباحة، تعبث بها قواته، جنباً إلى جنب مع المقاتلين الأجانب الذين يتم إرسالهم عبر مدن تركية مختلفة للقتال إلى جانب الميليشيات التي تتحكم بطرابلس.

يدرك الجميع أن هدف أنقرة يتمثل في تكريس خططها وأطماعها في البلدان التي احتلتها وخرجت منها بفعل الحرب العالمية الأولى، ولهذا نجدها مصرة على التدخل في الشؤون العربية، كما هو حاصل اليوم في العراق وسوريا وليبيا، وفي طريقها للتدخل في شؤون دول أخرى ترى أنها كانت تحكمها ذات يوم.

لذلك فإن المشهد القائم اليوم في ليبيا لا يزال قاتماً، وعلى ما يبدو فإن هذه الحرب مكتوب لها أن تستمر حتى يتحقق الهدف المرجو منها، خاصة في ظل الاستقطاب الدولي المتسارع لاستغلال ثروات ليبيا، فهناك ثلاث دول رئيسية تلعب دوراً في هذا الصراع، وهي فرنسا، إيطاليا وتركيا، حيث تشكل ليبيا ساحة تصفية حسابات لكافة هذه الدول، لكن المواطن الليبي وحده من يدفع الثمن.

من هنا تبدو مواقف الجيش الوطني الليبي متسقة مع الهم العربي، والذي يخشى من مخطط تركي يستهدف وحدة ليبيا، وإشغال بقية الدول العربية المجاورة لها من خلال تشجيع الإرهاب على تهديد أمنها واستقرارها، مثل مصر وتونس والجزائر، لذلك جاءت دعوة حفتر بتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك العربية، في وقتها، وحان الوقت للتعاطي الجاد معها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"