تزوير القانون الدولي

02:57 صباحا
قراءة دقيقتين

نتوقف عند تصريح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الذي يقول فيه إن الولايات المتحدة «لا تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة مخالفة للقانون الدولي»، للتأكيد على أنها مخالفة بالمطلق للقانون الدولي، ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالاحتلال «الإسرائيلي»، إلا إذا كان الوزير الأمريكي يريد ليّ عنق القانون الدولي، وصياغة قانون جديد يلائم السياسة الأمريكية ويتطابق مع النهج العدواني التوسعي «الإسرائيلي»، أو أنه يجهل القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي صدرت بخصوص الاستيطان تحديداً، منذ قامت «إسرائيل» باحتلال الضفة الغربية.
وإذا كان بومبيو يتعمد من تصريحه استكمال الموقف الأمريكي لتصفية القضية الفلسطينية بعد قرار الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إليها، فهذا لا علاقة له أبداً بالقانون الدولي، إنما هو موقف سياسي يتناقض بالمطلق مع كل القوانين والأعراف والشرائع.
فالقانون الدولي هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقة بين الدول باعتبارها ذات سيادة. ووفقاً لتعريف القانوني الشهير أوبنهايم، فإنه يُعَرِّف القانون الدولي بأنه «مجموعة القواعد العرفية والمعاهدات التي تعتبرها الدول قانوناً ملزماً في علاقاتها مع بعضها»، في حين يرى الفقيه كارل ستروب أن القانون الدولي هو «مجموعة القواعد التي تتضمن حقوق الدول وواجباتها»، ونخلص إلى القول إن القانون الدولي هو الذي ينظم العلاقات بين الشعوب، على أساس الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، باعتبارها تصدر عن أعلى مرجع دولي معترف به قانونياً.
لذلك، فإن القول بقانونية المستوطنات هو قول باطل، وليس هناك أي نص قانوني يتحدث عن الحق في الاحتلال أياً كان شكله، بل إن القرارات الدولية أكدت حق الشعوب في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل الممكنة.
لهذا لم يكن مستغرباً أن تلاقي تصريحات الوزير الأمريكي رفضاً مطلقاً من معظم دول العالم، باعتبارها خروجاً على القانون الدولي والشرعية الدولية، وتشكل تهديداً للأمن والسلام في المنطقة والعالم.
الأمم المتحدة أكدت أن الاستيطان غير شرعي، وأعلنت التزامها بقرار مجلس الأمن رقم 2334 للعام 2016 «وهو المرشد لنا في هذا الخصوص»، ويؤكد القرار المذكور أن «المستوطنات ليس لها أي شرعية قانونية وتعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي»، وهذا القرار صوتت عليه الولايات المتحدة والذي يتنكر له وزير خارجيتها الحالي. كما يعتبر المجتمع الدولي المستوطنات غير شرعية، استناداً إلى اتفاقية جنيف الرابعة التي تمنع سلطة الاحتلال من نقل «إسرائيليين» إلى الأراضي المحتلة.
عندما يُجمع العالم الذي رفع صوته في مجلس الأمن أمس، ومعه القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، على أن الاستيطان باطل، فهذا معناه أن كلام بومبيو باطل، وهو محاولة مفضوحة لتزوير القانون ومعه الحقائق.
وإذ تضم دولة الإمارات صوتها إلى صوت الإجماع الدولي في الالتزام بقرارات الشرعية الدولية بشأن الاستيطان، واعتباره غير شرعي، إنما تؤكد موقفاً ثابتاً في دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية الثابتة في أرضه.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"