المغامرة «الإسرائيلية» في غزة

03:22 صباحا
قراءة دقيقتين
مجدداً يثبت الاحتلال «الإسرائيلي»، أن خياراته في التعاطي مع الشعب الفلسطيني، لا تزال تحتكم إلى خيار الغدر والقوة، ودلت العملية العسكرية التي قامت بها قوة خاصة، مساء الأحد داخل قطاع غزة المحاصر، على العنجهية التي تلازم عقلية قادة دولة الاحتلال.
فتحت العملية الأخيرة الباب أمام تساؤلات حول طبيعة الأهداف، التي دفعت بجيش الاحتلال لإرسال عدد من عناصر النخبة لتنفيذ مهمة، أرادوا لها شيئاً، لكنها حققت شيئاً آخر، حيث وقعت في نهاية المطاف في ورطة كبيرة، خاصة أنها تسببت بمقتل أحد ضباط القوة المهاجمة وجرح آخر، وهي بالمعايير «الإسرائيلية» تعد عملية فاشلة، لكن ما هو أبعد من الفشل تمثل في الطريقة التي تمت بها وتداعياتها على سمعة جيش الاحتلال وقادته، الذين صدمتهم النتائج التي آلت إليها هذه المغامرة، وهو ما فسرته العودة السريعة لرئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، من فرنسا للوقوف على تطورات الموقف، إضافة إلى السخط الذي ساد الأوساط الإعلامية، التي شرعت في مهاجمة الجيش والاستخبارات، وأكدت أن «إسرائيل» جنت الخيبة من وراء ما حدث، عكس ما خططت له، والمتمثل بخطف عدد من أفراد المقاومة الفلسطينية من دون خسائر.
أضافت عملية التسلل التي نفذتها «إسرائيل» في غزة، تراكماً إضافياً لطابور طويل من المحاولات الإقليمية والدولية لتهدئة الأوضاع في القطاع، الذي يعاني الكثير من المشاكل والأزمات، لكن هذه المحاولات لم تنجح في كبح جماح المغامرات «الإسرائيلية»، التي تواصل العبث بحقائق التاريخ والجغرافيا عبر سياستها الهادفة إلى تركيع الشعب الفلسطيني من خلال القوة، وهو ما لم يتحقق طوال عقود ظلت خلالها القضية الفلسطينية حاضرة في وجدان أهلها وأبناء الشعوب العربية والإسلامية.
العملية العسكرية استهدفت خلق حالة من الرعب في الأوساط الفلسطينية، وإثبات قدرة «إسرائيل» على الوصول إلى أي مكان تريده، واغتيال من تريد، كما حدث مؤخراً بعد تمكنها من اغتيال 7 من أفراد الفصائل ، لكنها لم تعمل حساباً لردة فعل الإرادة الفلسطينية، التي تواجه مؤامرات عدة بهدف تصفيتها.
أثبتت «إسرائيل» للعالم، أنها لا تعير اهتماماً لأي جهد يستهدف تحقيق السلام في المنطقة، والتحركات العسكرية والسياسية التي تقوم بها، دليل على أنها غير معنية سوى بتحقيق الأمن لمواطنيها، لكنها لا تدرك أن هذه السياسة لن تحقق لها كل ما تريد. صحيح أن الفصائل لا تملك ما يمتلكه الاحتلال، لكن الأمر لا يتعلق بالسلاح، بل بالإرادة التي تعد في صلب عقيدة الإنسان الفلسطيني، وهي التي أبقته مقاوماً لكل مشاريع التهويد طوال العقود الماضية.
تبذل «إسرائيل» جهودها، لتكريس وجودها بالحديد والنار، لكن المشكلة أن هناك انحساراً وضعفاً لليد العربية التي لم تعد قادرة أن تطال أي عدو، بقدر ما صارت عاجزة عن حماية شعوبها وحدودها الجغرافية وحتى حقوقها التاريخية، وهي الثغرة التي تدركها «إسرائيل» وتعمل على توسيعها بصورة أكبر.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"