آفاق جديدة للتعامل مع أورام الكبد

المؤتمر التاسع للرابطة العربية لمكافحة السرطان
01:57 صباحا
قراءة 7 دقائق

تضمنت فعاليات المؤتمر السنوي التاسع للرابطة العربية لمكافحة السرطان في الوطن العربي والذي عقد مؤخرا في القاهرة الإعلان عن أدوية جديدة موجهة إلى الورم ذاته دون التأثير على الخلايا السليمة المحيطة به.

وأشار إلى أن سرطان الكبد هو أكثر أنواع السرطان انتشارا وهو المسؤول عن 90% من حالات أورام الكبد الأولية الخبيثة في البالغين، وغالبا ما تتطور الحالة المرضية لمرضى السلطان لأن أعراضه لا تظهر عادة إلا في المراحل المتأخرة منه.

تشير الإحصاءات العالمية إلى أن سرطان الكبد هو ثالث الأسباب المؤدية للوفاة عالميا، حيث يؤدي إلى وفاة 13 ألف حالة في الولايات المتحدة الأمريكية، و27 ألفاً في أوروبا، و322 ألفاً في الصين، 360 ألفاً في اليابان.

ويصيب سرطان الكبد الرجال ثلاث مرات أكثر من النساء، ورغم أن النسبة العامة لظهور الحالات وعدد الوفيات آخذة في التناقص في أمريكا، لكنها أخذت في الازدياد في باقي أنحاء العالم، خاصة في الدول النامية.

يقول الدكتور حسين خالد (أستاذ طب الأورام ونائب رئيس جامعة القاهرة للدراسات العليا والبحوث) إن سرطان الكبد نسبته في تزايد مستمر في مصر، مشيرا إلى أنه يمثل حاليا رقم 2 في نسبة حدوث السرطان حسب إحصائيات المعهد القومي للأورام بالقاهرة، حيث يمثل سرطان المثانة المرتبة الأولى، ويمثل سرطان الكبد 12% من السرطانات التي تصيب الرجال، وسرطان المثانة 15% بسبب البلهارسيا، وإن كان سرطان المثانة يشهد تراجعا بسبب التوعية الصحية وتوفير العلاج، وتوقع أن يقفز سرطان الكبد إلى المرتبة الأولى بسبب فيروسي بي وسي، واستدرك أنه يمكن التحكم في المرض من خلال التوعية الصحية والعلاج الشامل.

وأعلن عن تشدين المجموعة المصرية لأبحاث سرطان الكبد موضحا أن هدفها زيادة الوعي بحجم المشكلة في مصر ووضع برامج وخطوط إرشادية للعلاج، ووضع استراتيجية للعمل البحثي في سرطان الكبد.

وعن ماهية سرطان الكبد وكيفية الوقاية منه يقول الدكتور شوقي بازار باشي (رئيس قسم الأمراض السرطانية بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض) إن السرطان هو انقسام سريع غير مرتب، ونمو غير طبيعي لبعض خلايا الجسم ينتج عنه خلايا غير طبيعية تتجمع مع بعض وتكوِّن الورم أو السرطان.

واصل حديثه قائلا: هناك ثلاثة أنواع للسرطان، هي سرطان الخلية الكبدية، وسرطان القنوات المرارية، وسرطان الكبد الدموي، والنوعان الأخيران أقل انتشارا.

كما أشار إلى أنه يوجد نوع رابع وهو الثانويات التي تصل عن طريق الدم والأوعية الليمفاوية من ورم سرطاني في أي جزء آخر من الجسم مثل المعدة والقولون والثدي والرئة لتستقر في الكبد.

وأوضح أن خطورة سرطان الكبد تكمن في أنه من أكثر الأنواع التي تسبب الوفاة في وقت قصير، وهو أكثر شيوعا في الرجال عن النساء، وعادة ما يحدث فوق سن الخمسين عاما.

وأضاف أن سرطان الكبد يحتل المرتبة السادسة في السعودية بين الأنواع الأخرى، ويبدأ غالبا في حالات الكبد المتليف، وفي معظم الحالات تكون حالة الورم صامتة ولا تصاحبها أي أعراض، ولكنها تكتشف مصادفة من خلال الموجات الصوتية أو من خلال ارتفاع مفاجئ في تحاليل دلالات الأورام.

ولفت إلى أن الإحصائيات في السعودية تشير إلى أن الإصابة بسرطان الكبد الأولى عام 2005 كانت 2.7 للرجال و2.1 للنساء لكل 100 ألف حالة.

وقال إن الوقاية هي أولى خطوات العلاج وذلك بتجنب مسببات المرض، والتطعيم ضد الفيروس بي وعلاج حالات الالتهاب الكبدي المزمن بي وسي، ومتابعة حالات التليف بشكل دوري عن طريق الموجات الصوتية، وتقييم نسبة الألفا فيتو بروتين بالدم للتشخيص المبكر للسرطان، والامتناع عن التدخين والكحوليات، وتفادي استخدام العقاقير خاصة الهرمونية بشكل عشوائي.

وانتقل للحديث عن العلاج موضحا أنه إذا كان الورم محددا يكون العلاج الجراحي باستئصاله، والبعض يمكن إجراء عملية زرع كبد لهم، لكن إذا كانت الحالة متأخرة فالزرع لا يفيد وكذلك العلاج الكيماوي ثبت عدم فعاليته للحالات المتأخرة.

وقال إنه ظهر علاج جديد موجه إلى الخلية السرطانية ويحارب التغيرات التي تظهر فيها، وثبت أنه من تم علاجهم به يعيشون فترة أكبر من الذين لم يحصلوا عليه.

أما الدكتور حمدي عبد العظيم (أستاذ علاج الأورام بجامعة القاهرة ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر) فيقول إن سرطان الكبد أحد أصعب الأورام من حيث إمكانية علاجه بالأدوية الكيميائية بسبب عدم استجابته لها (مقاومة العلاج)، ولسوء حالة وظائف الكبد نتيجة لوجود تليف كبدي مصاحب لسرطان الكبد في أكثر من 90% من الحالات.

وأضاف أن كل الدراسات الإكلينيكية أثبتت عدم جدوى جميع الأدوية الكيميائية والهرمونية في علاج حالات سرطان الكبد المتأخرة من حيث تحسن الحالة المرضية، أو زيادة معدلات الشفاء، الأمر الذي جعل معظم الأطباء المعالجين يحجمون عن علاج مرضى سرطان الكبد في مراحله المتأخرة، تجنبا للأعراض الجانبية المصاحبة للعلاج الكيمائي.

وأوضح أن الدراسات العملية في مجالات البيولوجيا الجزئية أثبتت أن سرطان الكبد له علاقة مسببة مباشرة وغير مباشرة للالتهاب الكبدي المزمن، سواء المصاحب لفيروس بي أو فيروس سي، كذلك أظهرت هذه الدراسات وجود خلل في جينات خلايا الكبد المصاحبة، تؤدي إلى زيادة كبيرة في تكوين الأوعية الدموية المغذية لسرطان الكبد، إلى جانب زيادة كبيرة في البروتينات المسؤولة عن سرعة نمو الخلايا المصابة والبروتينات المسؤولة عن عدم حدوث الموت الطبيعي لهذه الخلايا.

وأشار إلى أن من أهم البروتينات التي تم اكتشاف دورها المحوري في نمو الخلايا السرطانية الكبدية وكذلك زيادة تكوين الأوعية الدموية المغذية للمرض هو بروتين راف كيناس Raf Kinase الذي وجد في حالة نشطة جدا في حوالي 80.60 % من سرطان الكبد، وقد كان بديهيا أن يتم إنتاج عقاقير مختلفة يمكنها التعامل مع هذا البروتين بغرض تثبيطه أو الإقلال منه.

وعن مشروع سجل مرض سرطان الكبد في الشرق الأوسط أوضح أن القضية الحالية هي عدم توافر البيانات الحقيقة الصادقة المؤكدة حول الأورام السرطانية مثل عدد المرضى، والحالة عند أول ظهور للمرض، وبيانات تحدد مراحل المرض، وطرق العلاج ومدى كفاءتها، ومتابعة المرضى وفردية البيانات.

ولفت إلى أن أهداف سجل الشرق الأوسط لمرض سرطان الكبد هي مقارنة وتحليل بيانات الملاحظة في الشرق الأوسط (المستقبلية والماضية) والخاصة بجميع مرضى سرطان الكبد من جميع أنحاء الشرق الأوسط الذين تم علاجهم من هذا المرض، ولتحسين الإدراك والفهم لتأثير مختلف أنواع العلاج على مرضى سرطان الكبد الذين لم يشتركوا في التجارب الإكلينيكية المعروفة، والحصول على معلومات إحصائية دقيقة بجميع تفاصيلها بشأن مرض سرطان الكبد شاملة البيانات العامة حول حالتهم والعلاج الذي يتناولونه ونتائجه وتوقعات البقاء على قيد الحياة.

وتحدث الدكتور أشرف عمر (أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بكلية الطب جامعة القاهرة وعضو الجمعية الأمريكية لأمراض الكبد واستشاري زراعة الكبد) عن عوامل الخطورة لسرطان الكبد (العوامل المسرطنة) في مصر، مشيرا إلى أن نتائج الأبحاث لمشروع مصري أمريكي مشترك تم الانتهاء منه منذ عام ونصف العام، أظهرت أن أهم العوامل الموجودة في المجتمع المصري هي الفيروسات الكبدية سي وبي، سواء منفردة أو مجتمعة، والجديد هو وجود عوامل أخرى وهي المواد الكيميائية والمقصود بها التعرض للمبيدات الحشرية والأسمدة الصناعية وزيادة نسبة الأفلاتكس في الحبوب المخزونة بطريقة غير صحية، وهي عبارة عن مادة تتكون من نوع من الفطريات الضارة على الحبوب المخزنة بطريقة غير صحيحة، كما أثبت البحث لأول مرة أن السجائر تعتبر من العوامل المهمة لزيادة نسبة سرطان الكبد عند مرضى الفيروسات الكبدية.

وأضاف أنه لوحظ أن هناك زيادة سنوية في مرضى سرطان خلايا الكبد تتراوح بين 4% عام 1994 و2,7% عام ،2002 وأن معدل وفيات سرطان الكبد في مصر 2.8 لكل مائة ألف حالة عام ،1990 زادت إلى 4.9 لكل مائة ألف حالة في عام ،1999 ووصلت إلى 7.9لكل مائة ألف عام 2004.

وعن برامج كيفية التعايش مع سرطان الكبد وهي مبادرة عالمية لتوعية وتثقيف أخصائيي الرعاية الصحية والمرضى ومقدمي الرعاية لمرضى سرطان الكبد أوضح وجود موقع إلكتروني باللغة العربية لتوعية مرضى سرطان الكبد في الشرق الأوسط، وبدء حملة الوقاية والتشخيص المبكر لمرض سرطان الكبد في العالم العربي.

وتناول الدكتور جمال عصمت (رئيس الاتحاد العالمي لدراسة الكبد وأستاذ الجهاز الهضمي والكبد بجامعة القاهرة) الخطوط الإرشادية المصرية لعلاج مرضى أورام الكبد الأولية، وأشار إلى أنها تبدأ بفحص المرضى المصابين بالتليف الكبدي والمرضى المصابين بفيروسي بي وسي، ولم يتم أخذ عينة كبد لهم، على أن يتم ذلك كل أربعة شهور بقياس عامل الألفا فيتو بروتين بالدم وعمل أشعة موجات صوتية على البطن.

وأوضح أن التشخيص في الخطوط الإرشادية يعتمد على التأكد من أن البؤرة الموجودة في الكبد نتيجة لورم كبد أولي، والتفرقة بين المرضى الذين توجد هذه البؤرة لديهم على كبد سليم، أو المرضى الذين توجد لديهم على كبد متليف، مشيرا إلى أن هناك توصية بأن يكون الاعتماد الأساسي على الأشعة المقطعية ثلاثية الأبعاد، بالإضافة على درجة ارتفاع إنزيم ألفا فيتو بروتين، وهناك بعض الحالات المحدودة تحتاج إلى أخذ عينة من الكبد موجهة بواسطة الموجات الصوتية أو الأشعة المقطعية.

وإضافة إلى أنه يجب التقييم الشامل للمرضى عن طريق عمل تحليل وظائف كبد ورسم قلب وأشعة مقطعية على البطن والحوض والصدر، ومسح ذري على العظام بالإضافة إلى تحديد درجات المرض.

ويتم تقسيم مرضى أورام الكبد إلى مراحل تنعكس على قرار العلاج، وتم الاتفاق على اتباع خطوط التقسيم التي تمت التوصية بها من قبل بواسطة مجموعة برشلونة العالمية والتي تعتمد على الحالة الصحية للمريض ودرجة تليف الكبد ووجود تأثير الورم على الأوردة والشرايين الكبدية كأساس لتقسيم المرض إلى 4 مجموعات، الأولى والثانية يمكن التعامل معهما بواسطة فرق علاجية شافية، أما الثالثة والرابعة فيصبح العلاج التحفظي غير قادر التخلص من المشكلة الرئيسية.

وأكد أن هناك وسائل علاج مختلفة في العلاج عن طريق التردد الحراري والحقن بالكحول وسد الشريان المغذي للورم عن طريق الأشعة التداخلية والتدخل الجراحي والعلاج الدوائي.

ويقول الدكتور أوكال محمد (أستاذ طب الأورام بمستشفى مصطفى باشا بالجزائر) إن المؤتمر تناول الإعلان عن أدوية جديدة ظهرت في الأسواق الأوروبية تذهب مباشرة إلى الورم حيث توجد مستقبلات لها في خلايا الورم وهي لا تؤثر نهائيا على الخلايا السليمة حيث لا تذهب إليها، وهذه العلاجات تستخدم في أورام الثدي والقولون والمستقيم والرئة وهي تستخدم إلى جانب العلاج الكيميائي والجراحي.

وأكد أهمية الاكتشاف المبكر للأورام حيث إنه يضمن العلاج التام منها، مشيرا إلى أنه ثبت أن التدخين له دور قوي في الإصابة بسرطان الرئة، كما ثبت أن الأكلات السريعة خاصة من اللحوم تؤدي إلى أورام القولون والمستقيم، وأن الأكلات الخضراء تعطي وقاية من هذه الأورام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"