عادي
مدونة الفنون الإسلامية

الزخرفة النباتية.. رقصة النرجس

03:52 صباحا
قراءة دقيقتين
الشارقة - مني بو نعامة

تعتبر الزخرفة النباتية عنصراً مهماً من عناصر الزخرفة في الفن الإسلامي، وهي الزخرفة التي تعتمد في تكوين مفرداتها على العناصر الطبيعية، حيث كانت الطبيعة الملهم الكبير للفنان المسلم الذي تميزت شخصيته في تعبيره الزخرفي بين التحوير والتجويد المطلق والتكوينات الحرة. لذلك يعتبر العنصر النباتي في الزخرفة الإسلامية تقليداً صادقاً أميناً للطبيعة، حيث كانوا يستخدمون الجذع والورقة لتكوين زخارف تمتاز بما فيها من تكرار وتقابل وتناظر، وتبدو عليها مسحة هندسية جامدة تدل على سيادة مبدأ التجريد والرمز في الفنون الإسلامية.
وتعد زخارف الأرابسك من أكثر الزخارف النباتية ذيوعاً في الفنون الإسلامية، وقد عمت هذه التسمية حتى كادت تطلق على كل الزخارف النباتية الإسلامية، وهي تعني الزخارف المكونة من فروع، وقد بدأ ظهور زخارف الأرابسك في القرن التاسع الميلادي، وذلك ما توضحه التحف والزخارف الجصية التي كانت تغطي الجدران في مدينة سامراء في العراق، وفي مصر إبان العصر الطولوني، الذي كان متأثراً كل التأثر بالأساليب الفنية العراقية، حيث نشأ ابن طولون في سامراء ومنها نقل الأساليب الفنية التي كانت محبوبة في العراق إلى مصر، كما نرى بدء زخارف الأرابسك على التحف الخشبية التي عثر عليها في سامراء، أو التي ترجع أيضاً إلى العصر الطولوني. وقد تطورت زخارف الأرابسك في العصر الفاطمي حتى بلغت بعد ذلك غاية عظمتها في العالم الإسلامي منذ القرن الثالث عشر. كما أتقن المسلمون زخارف نباتية أخرى غير الأرابسك تتكون أيضاً من جذوع نباتية وأوراق تختلف في دقة تقليد الطبيعة بحسب العصور والأقاليم.
ففي إيران منذ نهاية القرن الثالث عشر الميلادي كانت الموضوعات الزخرفية النباتية مثالاً صادقاً للطبيعة، وذلك بتأثير الفن الصيني الذي تسربت كثير من أساليبه إلى الفن الإسلامي الفارسي على يد المغول في إيران، ثم انتشرت من إيران إلى غيرها من الأقاليم الإسلامية، كما نراها على بعض المشكاوات المصنوعة في سوريا أو مصر وعلى الخزف والقاشاني المصنوع في سوريا، وآسيا الصغرى في القرنين السادس والسابع عشر.
لقد كانت الرسوم النباتية منذ البداية عنصراً مهماً من عناصر الزخرفة الإسلامية، ولكنها كانت ترسم بطريقة اصطلاحية مهذبة اختلفت حول تفسيرها آراء العلماء. وتوجد على الكثير من العمائر والتحف رسومات نباتية دقيقة يمكن مقارنتها بالرسوم النباتية في عصر النهضة في أوروبا مثل الفروع النباتية وعناقيد العنب وأوراقه، وما إلى ذلك مما نراه في قبة الصخرة، وقصر المشتى، وسامرا، ومنبر جامع القيروان، كما نرى غيرها في زخارف العقود والنوافذ في ضريح السلطان قلاوون وفي الإيوان الرئيسي في جامع السلطان حسن.
وتعتمد الزخرفة النباتية كما هي الحال في الكثير من أنواع الزخرفة في قواعد التركيب على نظم معروفة من أبرزها، التناظر بكل أنواعه، كلي، نصفي، محور، ثم التكرار، وهو إعادة رسم العنصر الزخرفي مرات عدة أو توظيف عنصر واحد لمرات عديدة، والتناوب، وهو توظيف عنصرين فأكثر بتوزيع متناوب، توزّع وفق قواعد فنية دقيقة محددة من حيث التركيب. ومن أشهر الأزهار التي كانت تستخدم غالباً في الأعمال الزخرفية: التوليب، الخشخاش، ورد القرنفل، الطحالب، البنفسج، النرجس.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"