عادي

أهمية النقد

03:37 صباحا
قراءة دقيقتين
علاء الدين محمود

النقد عملية مهمة ولازمة في تطور كافة أنواع الإبداع، مع التطور الكبير الذي تشهده الأجناس الإبداعية من سينما ومسرح وموسيقى ورواية وشعر وقصة وغيرها من الفنون، والاهتمام الكبير بها على مستوى العالم العربي، إذ إن النصوص والأعمال الإبداعية تجد محكها الحقيقي في النقد، ولكن هل تكفي القبعة الأكاديمية وحدها في خلق ناقد لا يخضع من الانحياز والأهواء والشخصنة؟ والأخيرة هذه مهمة جداً إذ تعكس دور العواطف والانفعالات من كره وحب في توجيه الناقد، وقراءته وتأويله للنص، بالتالي في حكمه على النص والعمل الإبداعي المعين، فالواضح أن الأفكار لا تجري في فراغ، بل في أذهان وعقول الأشخاص، وهذا يجعلنا نتحسس موقع الناقد جيداً، فالناقد منحاز بلا شك، منحاز لميوله ولمدرسة أدبية ما، أو تصور معين حول الكتابة في المجالات المختلفة.
والتعريفات السائدة حول عملية النقد تحتشد بها كتب التعليم والموسوعات على الإنترنت، وهي التعريفات التي ما زالت تمتلك صلاحية ومشروعية، ومعمول بها، تلك التي ترى في النقد «ذلك التعبير المكتوب أو المنطوق من متخصص يسمى ناقداً عن سلبيات وإيجابيات أفعال أو إبداعات أو قرارات، يتخذها الإنسان أو مجموعة من البشر في مختلف المجالات من وجهة نظر الناقد. وكذلك يذكر مكامن القوة ومكامن الضعف فيها، وقد يقترح أحياناً الحلول، وقد يكون النقد في مجال الأدب، والسياسة، والسينما، والمسرح وفي مختلف المجالات الأخرى، أو هو كذلك يهتم بالنظر في قيمة الشيء». وعلى ضوء ذلك التعريف فإن الناقد هو شخص أكاديمي مؤهل، يحمل أدوات معرفية تمكنه من التفكيك والتأويل والانفتاح على النص أو العمل الإبداعي، وهذا التعريف القديم ما زال سائداً، يتراجع حيناً، لكن في مجمله يؤكد على أهمية النقد، على تلك العملية التي تشبه المفرزة، التي تضع الشروط والتعريفات والأدوات لتميز بين عمل جيد وآخر غير جيد، أو تفككه من أجل تقييمه لقراءة ما وراءه، وتبرز قيمته ومن ذلك تنشأ مدارس النقد.
هنالك بعض المحاولات التي سعت للسؤال حول أهمية هذه العملية، أو لماذا يقوم بها أناس دون آخرين مستصحبين تلك التطورات الكبيرة في التقنيات على مستوى الانفجار الكبير في المعلوماتية، المتمثلة في انتشار وسائل التواصل الاجتماعي حتى صار الجميع يكتب، وبالتالي انتهت تلك الوصاية الطويلة على المتلقي، وفي ذلك كتابات كثيرة بذلت من فلاسفة وباحثين، ولعل أكبر تلك المحاولات هي التي قام بها رونان ماكدونالد الذي نعى الناقد لمصلحة القارئ، وهو يستند هنا فعلياً إلى تطور وسائل الاتصال. لقد نعى ذلك الناقد الأكاديمي المتخصص النقد، وجعله ممكناً للجميع، غير أن موت الناقد المتخصص لا يعني عملياً موت النقد، بل تؤكد هذه المحاولات على أهمية النقد في مجمل العمل الإبداعي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"