عادي
الجمود الوظيفي وعدم الشعور بالأمان أكبر مشاكل «القطاع»

إجازة اليوم الأسبوعية تنفّر المواطنين من القطاع الخاص

03:15 صباحا
قراءة 7 دقائق
استطلاع: عدنان عكاشة ومحمد صبري وعبد الرحمن سعيد

لطالما أكد صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن توفير الوظائف للمواطنين كان وسيبقى أولوية.
وفي رسالة الموسم الجديد، أكد سموّه كثرة الشكوى من ملف التوطين، وانخفاض نسبة رضا الناس عن تعامل المسؤولين مع هذه الظاهرة، قائلاً: «كثرت الشكوى من ملف التوطين، ونحن نسمعها، وانخفضت نسبة رضا الناس عن تعامل المسؤولين مع هذه الظاهرة، ونحن نرصدها. توفير الوظائف للمواطنين كان وسيبقى أولوية، حالنا حال جميع الدول في الشرق والغرب. ولنا وقفة جادة في هذا الموسم مع هذا الملف ومحاسبة ومتابعة، وقرارات جديدة بإذن الله».
«الخليج» تحاول في هذا الملف رصد العقبات التي تقف حائلاً دون توظيف المواطنين في القطاع الخاص.

«التوطين في القطاع الخاص» يكاد يصبح «موضوع الساعة» .. وبحثاً عن الأسباب الحقيقية وراء غياب المواطنين بنسبة كبيرة عن العمل بالقطاع الخاص، فتحت الخليج هذا الملف.. وفي هذا العدد تستكشف سبباً جديداً لهروب المواطنين من العمل ب«الخاص» وهو إجازة اليوم الواحد أسبوعياً التي تعتمدها مؤسسات «القطاع»، في حين يحظى موظفو القطاع الحكومي بيومين، بخلاف عدم وجود سياسات محددة للترقي، وهو ما يؤدي إلى الجمود الوظيفي.
ويؤكد مواطنون التقتهم «الخليج» أن إقرار يومي إجازةً أسبوعية في القطاع الخاص، وفتح الآفاق للترقي والتطور، سيشجعان الكثير من المواطنين على العمل فيه، والإحساس بالاستقرار والأمان الوظيفيين.
التفاصيل في السطور التالية:
أوضح المواطن سالم سعيد، أن من أهم أسباب عزوف الشباب عن العمل في القطاع الخاص هو إجازة اليوم الواحد.
وأضاف: تشكل الإجازات التي يمنحها القطاع الخاص بالمقارنة مع الإجازات التي يمنحها القطاع الحكومي أثراً كبيراً في عزوف الشباب عن العمل بالقطاع الخاص، وكذلك فارق الأيام في عدد من الإجازات الأخرى.
وقال المواطن جاسم محمد علي، إن إحجام المواطنين عن العمل في القطاع الخاص يرجع بشكل أساسي إلى الإجازة الأسبوعية التي تكون يوماً واحداً في القطاع الخاص، ويومين في القطاع الحكومي.


مميزات


وأشار سعيد الراشدي، إلى أن إحجام المواطنين عن العمل في القطاع الخاص يرجع إلى أسباب كثيرة، أبرزها، فضلاً عن الإجازة الأسبوعية، البدلات والمميزات التي يتمتع بها موظفو الحكومة ولا يحظى بها العامل في القطاع الخاص.
وأضاف أن إنتاج الموظف المواطن في سوق العمل ليس ضعيفاً، وكل مواطن يرغب في خدمة وطنه ويسهم في بنائه بشكل أكبر، وأنه في حال إقرار إجازة الأسبوعية ليومين، من المتوقع إقبال لافت من المواطنين على العمل في القطاع الخاص.
وأكد سالم العامري، أن إقرار إجازة اليومين الأسبوعية في القطاع الخاص يشجع الكثير من المواطنين على الالتحاق بالعمل في القطاع الخاص.


تركيز المؤسسات

ورأى عبد الله العبادي، الباحث عن عمل، أن عزوف المواطنين عن العمل في القطاع الخاص يرجع إلى غياب إجازة اليومين، والتي يتمتع بها موظفو الحكومة، إلى جانب عدم تركيز بعض مؤسسات القطاع الخاص على تنفيذ مبادرات التوطين بالشكل المتكامل المطلوب، كما أن موظفي القطاع الحكومي يتمتعون بمزايا عدة لا تتوافر في القطاع الخاص.
وأكد أهمية تخطي العقبات التي تواجه التوطين في القطاع الخاص، عن طريق التركيز على أهمية موازاة المناهج الأكاديمية لاحتياجات سوق العمل الفعلية والمستقبلية، وإعداد المخرجات العلمية من خلال الإرشاد الوظيفي على اختيار التخصصات التي تخدم متطلبات سوق العمل.


تأهيل الشباب


وقال ياسر بن محمد: إننا في حاجة لتأهيل الشباب المواطن للعمل في القطاع الخاص والذي للأسف الشديد لا يعرف هذا القطاع، وكل معرفته حول القطاع الحكومي أنه يقدم راتباً أفضل وساعات عمل اقل، والأهم إجازة يومين في الأسبوع، وغيرها من المزايا.
وأضاف أن بعض أبناء الدولة من الخريجين حديثاً يبحثون عن مناصب وظيفية معينة فور تخرجهم، وقبل أن يكون لديهم تراكم كاف من الخبرات العملية والعلمية في مجال العمل، ما يجعل من توظيفهم أمراً صعباً، وكان من الأفضل أن يقبلوا بأية وظيفة مناسبة، ولتحقيق ذلك لا بدّ من تشجيعهم مثل إجازة اليومين الأسبوعية.


الجمود الوظيفي


الشاب راشد عبد الله عزيز الشحي ( 32 عاماً)، يعمل في شركة خاصة متخصصة بحقلي الإطفاء والإنقاذ في أبوظبي، يقول: إن إجازة اليوم الواحد تدخل ضمن مجموعة من الأسباب والعوائق، التي تحول دون إقبال شباب الإمارات على العمل في القطاع الخاص، لكن بعض الشركات والمؤسسات الخاصة، المنتمية إلى هذا القطاع المهم جداً، أصبحت تمنح موظفيها، من المواطنين والمقيمين على السواء، إجازة أسبوعية يومي الجمعة والسبت، ما يضعف هذا السبب نسبياً، لكونه عاملاً معطلاً للتوطين في القطاع الخاص في الدولة، لكن هناك أسباب وعوامل أكثر قوة وحضوراً، تمنع المواطنين إجمالاً من الإقبال على العمل في هذا القطاع، أهمها ضعف الاهتمام بالمواطن في شركات القطاع الخاص، وافتقاره للامتيازات الوظيفية والمادية، والبيئة المهنية المحفزة، لافتاً إلى جمود مواطني القطاع الخاص في وظائف ومستويات وظيفية محددة لسنوات طويلة، من دون ترقية أو تحسين لدرجاتهم وامتيازاتهم.


امتيازات محدودة


محمد عبد الله راشد (41 عاماً)، يعمل في إحدى شركات الأسمنت في رأس الخيمة، ويسكن في منطقة خورخوير القريبة من مقر الشركة، متزوج ولديه 7 أبناء، يقول: إن إجازة «اليوم الواحد» أحد أسباب ابتعاد المواطنين عن العمل في القطاع الخاص، وهي سبب رئيسي، لكن هناك أسباب أكبر وأكثر تأثيراً وحسماً، تتمثل في محدودية الامتيازات المادية والوظيفية الأخرى، ليست على غرار ما يحظى به المواطنون في القطاع الحكومي، فضلاً عن عامل آخر، هو طول ساعات العمل في الخاص، التي تصل إلى 9 أو 10 يومياً، مقابل 8 في القطاع الحكومي.
ويحذر من عائق آخر يواجهه مواطنو القطاع الخاص، يؤدي دوراً كبيراً في إحجام أبناء الوطن عن هذا القطاع والالتحاق بمؤسساته، هو غياب «الأمان الوظيفي»، حيث يخضع المواطنون لمنطق القطاع الخاص، القائم على مبدأ الربح والخسارة.


دائرة التوطين


يقول خالد الغيلي، عضو المجلس الاستشاري في الشارقة، إن إنشاء دائرة خاصة للتوطين في الإمارة، والعمل على دمج شريحة من المواطنين في القطاع الخاص، مبادرة تنم عن رؤية استراتيجية حكيمة، عززها صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، بنظرته الأبوية المعتادة، وتكفل تحمل الحكومة للفروق المادية، وضمان كل حقوق الموظف على قدر المساواة مع الموظف الحكومي.
ويتحدث داود النقبي، عن مبادرة صاحب السموّ حاكم الشارقة، قائلاً: كعادته والدنا الغالي يفاجئنا بمكرماته ويحفنا برعايته الكريمة التي ننتظرها مثلما ينتظر الأبناء عودة والدهم، ليفرح كل واحد منهم بهديته. والدنا سلطان يوجه رسائله بالقول والعمل، لكل المديرين والمعنيين بشؤون المواطن بأهمية الاهتمام به، والتخطيط والسعي لتذليل الصعوبات التي تواجه المواطنين، وكلنا أمل بأن تشمل مكرمته كل المواطنين العاملين بالقطاع الخاص والبنوك بالإمارة.
ويقول خلفان الحريتي إن ما يقدمه سموّه من أجل الوطن والمواطن قد فاق كل التوقعات، ولم لا؟ فهو ضمير الاتحاد الذي لا يتوانى ولو للحظة واحدة عن توفير الحياة الكريمة للمواطنين القاطنين على هذه الأرض الكريمة، فشكراً لسموّه، لوقوفه مع جميع الفئات وجميع التخصصات، لتوفير فرص التوظيف والتوطين في القطاع الخاص.


الكفاءة والإنتاجية أساس التوطين


الكاتب والباحث الاقتصادي والاجتماعي نجيب الشامسي، المستشار الاقتصادي في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، يؤكد أن أبرز المعوقات في وجه عملية التوطين في القطاع الخاص، غياب رؤية شاملة واستراتيجية للتوطين في هذا القطاع الحيوي، ويجب أولاً أن يخضع التوطين المنشود لمبدأ المرحلية في تطبيقه، عبر التدرج في تفعيله، على مراحل مختلفة ومدروسة وممتدة زمنياً، وخضوعه لمعايير الكفاءة والإنتاجية والالتزام، وحصول المواطنين على الشهادات العلمية والمهنية التخصصية والتطبيقية.
ويشير إلى أهمية المتابعة الحثيثة من قبل وزارة الموارد البشرية والتوطين، لتعيين وتوظيف المواطنين في درجات وظيفية تتناسب مع مستوياتهم العلمية وخبراتهم ومهاراتهم وكفاءاتهم، لأن الأهم ليس مجرد زيادة أعداد المواطنين في شركات ومؤسسات القطاع الخاص، بل تمكينهم من الوظائف المتوسطة، والعليا تحديداً.
ويبين أن المواطن إذا وجد البيئة الوظيفية المحفزة سيعمل في القطاع الخاص بجدية وإخلاص وإنتاجية عالية، مؤكداً أن المواطن لا يتحمل مسؤولية إحجامه عن العمل في القطاع الخاص، لأن أي مواطن في أي دولة، يبحث عن العمل، ويريد أن ينتج، وتوفير المتطلبات المعيشية، واحتياجاته المادية، له ولأسرته.


«التقنية»: مهمتنا صناعة كفاءات إماراتية


المهندس عبد الله محمد المهيري، نائب المدير العام لكليات التقنية العليا للشؤون الإدارية، يضيء على القضية من جوانب مختلفة، موضحا أن الكليات تتبنى حالياً منهجاً جديداً، اعتمده صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، يقوم على تخريج «رواد أعمال» لا مجرد طلبة، وتحويل مشاريع الطلبة المتميزة إلى شركات ومؤسسات أعمال واقعية، بهدف دعم القطاع الخاص الوطني بطاقاتهم ومهاراتهم وأفكارهم المتميزة ومشاريعهم الواعدة، وتحفيز الشباب المواطنين على العمل والإبداع والإنتاجية العالية، وفق مفاهيم الجودة، في هذا القطاع.
ويضيف: أدرجت الكليات أخيراً الشهادات المهنية الاحترافية العالمية ودمجتها في مناهجها الدراسية، في ضوء اتفاقات مع المؤسسات والجهات الدولية، التي تصدر تلك الشهادات، بهدف رفع كفاءة ومهارات الخريجين الإماراتيين، ولتنسجم مع متطلبات سوق العمل المتطورة والمتزايدة، مؤكداً أن رؤية كليات التقنية تنصب على صناعة كفاءات إماراتية، يسعى القطاع الخاص لاستقطابها، ومن ثم تسخيرها في خدمة التنمية، بدلاً من السعي وراء هذا القطاع لتوطين الوظائف.


تقريب الامتيازات بعطلات مماثلة


دبي:إيمان عبدالله آل علي


أكدت وزارة الموارد البشرية والتوطين، أن قرار مجلس الوزراء بتحديد العطلات الرسمية في القطاع الحكومي لعامي 2019 و2020، ومنح القطاع الخاص عطلات رسمية مماثلة، وبما مجموعه 14 يوماً عطلة رسمية سنوية، تسهم في تقريب الامتيازات بين القطاعين، ما من شأنه جذب المواطنين والمواطنات، وتحفيزهم على العمل لدى القطاعات الاقتصادية المختلفة، لاسيما في ظل توحيد الإجازات.
وأوضحت أن القرار يعزز الجهود الوطنية لتحقيق مستهدفات الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 التي تركز على التوطين في القطاع الخاص الذي يعد القطاع الأمثل لتوظيف المواطنين واستقطاب الكفاءات منهم، وإعدادهم لقيادة الاقتصاد المعرفي القائم على التنافسية.
ورأت الوزارة أن المساواة في الإجازات بين القطاعين الحكومي والخاص تسهم بشكل كبير في تعزيز إنتاجية سوق العمل الذي يعد ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني، لاسيما وأن القرار يسهم في تعزيز الأواصر الأسرية والاجتماعية، ما يترك أثراً بالغاً لدى العاملين وينعكس إيجاباً على أدائهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"