عادي
أعمال «بينالي الشارقة» تعبر عن جيل متميز من الصغار

ريم بن كرم: نستمد الأمل من اللاجئين

01:30 صباحا
قراءة 6 دقائق
أمل سرور

عبر عملها كرئيس لبينالي الشارقة للأطفال، واصلت ريم بن كرم الحاصلة على شهادة البكالوريوس في التصميم الداخلي من الجامعة الأمريكية بالشارقة، رسالتها الإنسانية التي تهدف إلى غرس قيم الجمال والمحبة والإبداع في نفوس الصغار، من خلال العمل الدؤوب والمثابرة على تطوير مهارات براعم المستقبل، وتنمية خبراتهم عبر بينالي الفنون الذي يطل اليوم على الإمارة الباسمة في دورته الخامسة.
وتمتلك بن كرم خبرة عملية واسعة اكتسبتها خلال سنوات عملها في مراكز أطفال بالشارقة، إلى جانب العديد من المشاريع التي نفذتها أثناء عملها في هيئة الطيران المدني بدبي، ومطار دبي الدولي.
وتقول إن البينالي جزء لا يتجزأ من ثمار مشروع إمارة الشارقة التي احتضنت الأطفال، سعياً منها إلى تأمين بيئة حاضنة تكفل للطفل حياة آمنة ومستقرة ومطمئنة.
شاركت بن كرم في عضوية منتدى الشارقة للتطوير منذ عام 2006. وتشير إلى أن الدورة الخامسة من البينالي التي تنطلق اليوم وتستمر حتى 15 فبراير المقبل، ستكون بمثابة ساحة حرة مميزة ومتفردة للأطفال اللاجئين الذين عانوا من الصراعات التي تمر بها بلدانهم، وسيكون البينالي خير ممثل للتعبير عن أحلامهم وآمالهم.
ترى ريم بن كرم التي ساهمت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، في تنظيم وتنفيذ العديد من الفعاليات، والمبادرات المجتمعية، بداية من مبادرة القافلة الوردية، ومؤتمر دورة الأندية العربية للسيدات عام 2012، أنه منذ انطلاق الدورة الأولى لبينالي الشارقة للأطفال والعمل جارٍ على تنفيذ جميع الأفكار التي تهدف إلى تنمية مهارات الأطفال والناشئة، من أجل بناء المستقبل الذي سيكونون أحد أهم عناصر بنائه.
ورفعت الدورة الخامسة للبينالي شعار: «عالم كبير بحدود خيالك»، واستهدفت الأطفال اللاجئين الذين قامت بن كرم على رأس فريق عملها في البينالي بزيارتهم في مخيم الزعتري بالمملكة الأردنية الهاشمية. وعن تفاصيل وكواليس تلك الزيارة وأمور كثيرة تخص بينالي الفنون فتحت رئيس بينالي الشارقة أوراقها «للخليج»، لنتصفح معها بعضاً من سطور الدورة الخامسة التي يشارك فيها الأطفال من مختلف بلدان العالم عبر هذا الحوار.

أبدأ معك من الأطفال اللاجئين. هل لي أن أقترب من رحلتك وفريق عمل البينالي إلى مخيم الزعتري في المملكة الأردنية؟

- صمتت لبرهة وكأنها تستعيد شريط ذكرياتها مع تلك الجولة، وبابتسامة هادئة ارتسمت على ملامحها بدأت حديثها قائلة:
«دائماً ما تهتم الشارقة ببناء الإنسان في دول العالم، والفضل في ذلك يرجع إلى اهتمام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ودعم قرينة سموه، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة؛ لذا كان من البديهي أن تعمل المؤسسات الحكومية والخاصة في إمارة الشارقة على هذا الهدف النبيل، ليكون شغلها الشاغل هو دعم القضايا الإنسانية التي يأتي في مقدمتها قضايا اللاجئين. الأمر الثاني هو هدف البينالي منذ بداية انطلاقه عام 2008، الذي يتلخص في إعطاء كل طفل فرصته في التعبير عن ذاته وكيانه، من خلال مشاركتهم في أعمالهم التي أبدعوها بأياديهم الصغيرة، ودعيني أقول إن دورات البينالي السابقة ركزت على مشاركات الأطفال من مختلف أنحاء العالم، بشكل جاء أكثر من مشاركات الأطفال من الإمارات، ولكن في في البينالي الرابع سلطنا الضوء على الكوادر الإماراتية، فجاءت أغلبية المشاركات محلية، من أجل أن نرسل رسالة من البينالي عن طريق الفن إلي العالم؛ ألا وهي أن دولة الإمارات أصبحت رائدة في المجال الفني؛ بل واستطاعت تغذية أطفالها بطريقة إيجابية منذ الصغر، ودرّبنا الصغار على الشفافية، وأن يعيشوا طفولتهم دون أن ينسوا غيرهم.
ومن هنا جاء حرصنا على مشاركة ذوي الإعاقة ونجحنا بالفعل في بناء جسر متواصل معهم من خلال البينالي؛ ولأن كل عام يختلف عن سابقه فاخترنا الأطفال اللاجئين أن يصبحوا فئتنا المستهدفة في الدورة الخامسة لهذا العام، ووقع الاختيار على حملة «القلب الكبير»، وأعترف أنه كان تحدياً كبيراً لنا، والحقيقة أننا نبحث دائماً عن الصعب لنختاره. وأتصور أنه سبب نجاحنا، فأنا شخصياً لاأحب كلمة «لا»، ولا أعرفها».

إذاً، «القلب الكبير» كان نقطة الانطلاق إلى اللاجئين؟

- مراسلتنا إليهم بدأت منذ عام 2016، عندما وجهنا إليهم طلباً برغبتنا في زيارة مخيم الزعتري، والحقيقة أنها كانت مفاجأة لهم، لكن هذا لايمنع ترحيبهم بنا.
وبعد ما يقرب من 3 أشهر جاءنا الرد بالموافقة على الزيارة، وكان التحدي الأكبر هو أن السفر قريب وألاّ تتعدى الزيارة 3 أيام، وقبلنا التحدي وسافرت على رأس فريق عمل البينالي، وكانت الفئة المستهدفة بالنسبة لنا هي الأطفال والشباب والناشئة أيضاً، والحقيقة أن هذه الرحلة غيرت حياتنا تماماً.
(صمتت بن كرم، فأدركت أن مشاهد تمر أمام مخيلتها في الزعتري في طريقها للوصول إليّ، وصدق حدسي حين أخذت نفساً عميقاً لتستطرد في الحديث عن تجربتها في الزعتري).
- منذ الوهلة الأولى التي حطت قدمي فيها أرض المخيم، وأنا أشعر أنني سأرى مفاجآت عديدة، وهذا ما حدث عندما دخلت بالفعل مدرسة للروضة والصف الابتدائي، وجلست وفريق العمل مع الأطفال اللاجئين، وقرأت في عيونهم التحدي والعزيمة والإرادة، واستطعت أن أرى الحياة بمختلف فنونها وآمالها وآلامها، وأوجاعها. الجميل أننا أحسسنا أن لديهم روحاً عالية من الشغف والابتكار ولوناً جديداً ومتميزاً من الإبداع.. طاقات متجددة لاتنظر إلى الوراء ولاتعرفه، ولاتلتفت إليه ولايشغل بالها. عندما نسألهم عن سوريا لايعرفونها؛ لأنهم ببساطة لم يروها وهم ذوو أربع وخمس سنوات. لقد وُلدوا على أرض المخيم، وسط المعاناة التي لم توّلد لديهم سوى الإبداع، وعندما نسألهم ما أحلامكم يأتينا الرد باعثاً للأمل والشجن: «العودة إلى وطننا سوريا». ومن الصغار انتقلنا إلى معسكر خاص بالفتيات وتنمية مهاراتهن، ولن أنسى صاحبة 16 عاماً، التي صممت خطة مدروسة لمستقبلها وبدأته بتعلم فنون تصفيف الشعر، وقررت أن تهاجر إلى أوروبا لتعمل في تلك المهنة، وتتخصص في ذلك الفن، وبدأت بالفعل في مراسلة جهات معنية في أوروبا.
ومما لفت نظرنا أيضاً خلال رحلتنا، هو عزة النفس التي يتمتع بها هؤلاء الصغار، ووعيهم بحقوقهم الإنسانية، وحسهم العالي في رفض مقابلة أي شخص أو جهة يستشعرون من خلالها أنها ستتاجر بمعاناتهم. وببساطة هم لايعيشون في الماضي، أجبرونا على احترامهم، وعدم التعامل معهم بمنطق الإشفاق ومبدأ التعاطف. سعدت برحلتي معهم وأعترف بأنني تغيرت كثيراً عقب عودتي، لقد أصبحت أكثر احتمالاً وصبراً وأملاً في الحياة.

ما أهم الورش والفعاليات التي قدمتموها للأطفال في مخيم الزعتري وعلى أساسها تم الاختيار بينهم؟

- بداية الورش نفذتها دانة المزروعي، وهي القيم العام لبينالي الشارقة للأطفال، وشارك فيها أكثر من 400 طفل، وهدفت إلى غرس روح التعاون بينهم من خلال تنفيذ عدد من الأعمال الفنية الجماعية وتوسيع مدارك الطفل في التخيل إضافة للتعبير عن أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم من خلال الرسم، وحملت الورشة الأولى اسم: «آلاف الأميال تحت البحر»، لتحث الأطفال على تحفيز خيالهم الإبداعي وتخيّل عالم ما تحت البحار، ورسم ما تخيّلوه على أوراق بمشاركة جماعية، تسعى لغرس روح التعاون فيما بينهم، بينما أتاحت الورشة الثانية التي حملت اسم: «حلمك حلمنا» للأطفال تخيّل أحلامهم الجميلة وطموحاتهم، وإخراج طاقاتهم الكامنة، ورسمها على الورق، ومشاركتها مع أصدقائهم الآخرين، ليتبادلوا الأفكار والأحلام، ويعبّروا عما يجول بخواطرهم.

حدثينا عن «عالم كبير بحدود خيالك»، شعار البينالي هذا العام.

- من الخيال ننطلق، وحرصت اللجنة منذ بداية تسلمها للمشاركات، على اختيار الأعمال المميزة والمتفردة، التي تحاكي روح هذا الشعار المعبّر عن حالة جيل متميز من الصغار.
وأعتقد أن المشاركات تعبر عن أفكار ذات معنى، وأهداف قيمة، تمثل أحلام وأفكار الأطفال وخيالهم الواسع، ضمن فئات البينالي الثلاث، وهي البيئة، والتصاميم المعمارية، والفنتازيا والواقع، لتستحق عن جدارة أن تحمل اسم الفائز لهذه الدورة التي تشارك فيها 27 جنسية عربية وأجنبية، يعرضون إبداعاتهم التي تحمل آمالهم وأحلامهم في متحف الشارقة للفنون على مدار شهر كامل.
وسيتضمن البينالي مجموعة من الأنشطة الفنية وورش العمل والفعاليات الثقافية والفنية الممتعة للجميع.

الأحلام لاتنتهي. هل لنا أن نتعرف إلى رؤيتك لبينالي 2017؟

- بابتسامة هادئة تنطق بالتفاؤل والإصرار أجابتني:
«يسعدني أن أشعر بأن بينالي الشارقة للأطفال، الذي يقام مرة كل عامين، هو أول بينالي مخصص للأطفال في الدولة ومنطقة الخليج العربي، اتسع نطاقه ليأخذ بعداً عالمياً، يستقطب الأعمال الإبداعية وينطلق بها إلى مجالات أكثر تألقاً وتميزاً، وهو ما جعله حدثاً رائداً لدعم مهارات الأطفال الفنية، والارتقاء بها نحو مستويات أعلى من الريادة والإبداع.
وكما قلت الأحلام لاتنتهي؛ لذا أطمح أن يصل بينالي الشارقة للأطفال إلى نفس مستوى بينالي الكبار. أقول هذا وأنا على يقين أننا سنصل لهذا المستوى بأطفال الإمارات».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"