عادي

العيد مع «كورونا» حب من بعيد وتواصل بلا زيارات

05:20 صباحا
قراءة 8 دقائق
جيهان شعيب

عيد الفطر المبارك على الأبواب، والفرحة بقدومه تسكن النفوس، والاستعداد لاستقباله تتهيأ له الأسر بما اعتادته من طقوس متنوعة.
لكن في ظل ظروف «كورونا» الاستثنائية، لابد أن يتقبل الجميع الاختلاف، فزيارات التهنئة بقدوم العيد، والمعايدات التي كانت رديفا ًمتصلًا به، لم تعد جائزة، في ظل الخطورة من انتشار الفيروس، وأيضاً الولائم التي كانت تفرد لها الموائد، ويجتمع حولها الأهل والأقرباء، ما عاد لها من موقع في العيد الحالي، فالتباعد الجسدي، وتجنب الاختلاط، هما الواجبان للتصدي لتفشي الإصابة بالفيروس الأعمى.
ولا شك في أن إرجاء أبناء المجتمع العادات التي درجوا عليها إلى حين زوال كرب «كورونا»، لا يعني التخلي عنها، وإنما هو التزام واع من الجميع بمواصلة التقيد بإجراءات الدولة الوقائية، والاحترازية، لمواجهة هذا العدو، وحتى تظل إمارات الإنسانية رائدة التحضر، والتميز في التعامل مع «كورونا» بكل ما أقرته من ضوابط.
التواد، والتحاب، والتهاني في العيد، يجب أن يترجمها الجميع إلى مسؤولية، يلتزمون فيها بالحفاظ على الصحة، والسلامة العامة لأنفسهم، وأسرهم، وأقربائهم، ومحيطهم الاجتماعي بالكامل، دونما تهاون، أو تجاوز، وفي ذلك تأتي الآراء:


التواصل الإلكتروني


استهلت حنان الجروان نائب رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، حديثها بتهنئة الدولة حكومة وشعباً، بعيد الفطر المبارك، آملة أن يعيده الله على الجميع باليمن والبركات، قائلة: الحقيقة أوصانا ديننا الحنيف بإقامة الشعائر، «ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب»، وشعيرة العيد نقيمها بصلاة العيد، والتكبير، وارتداء الجديد، وفي هذا العيد علينا أن نقتصر على إقامة سننه، والاحتفال به مع أسرنا الصغيرة في بيوتنا، من دون تعريض أحبابنا، وإخوتنا للخطر، حيث لا يصح أن نقدم شعوراً وقتياً، على أهمية المحافظة على صحة وحياة الآخرين، ونهدر بذلك جهود الدولة بصفوفها الأمامية، التي بذلت الغالي والنفيس في محاربة وباء كورونا المؤذي.
فالدولة سابقت الوقت لإقامة المستشفيات المؤقتة، وإجراء مئات الآلاف من الفحوص، وسخّرت المستشفيات والفنادق للعلاج، والحجر، وهناك من سهر الليالي لأجل صحتنا من أطباء، وممرضات، ورجال أمن، ومسؤولين، عقدوا مئات الاجتماعات لأجلنا، فهل تكون مكافأتنا لهم بتصرفات غير مسؤولة نهدر فيها كل ما تحقق من إنجازات؟
هل يكون ثناؤنا عليهم، وشكرنا لهم، بالإسهام في نشر الوباء، بحجج واهية؟ الحقيقة لقد آن الأوان لأن نشارك مع الصفوف الأمامية بالبقاء في البيوت أيام العيد، وأن نعوض لقاء الأهل والأصدقاء، بالتواصل الإلكتروني، وعقد لقاءات عن بعد، لنحتفل لاحقاً حين القضاء التام على الوباءز نحتفل بتقدير جهود الدولة، وبشفاء المرضى، ونحتفل بسلبية فحص كل مشتبه في إصابته بالمرض، أي أن نحتفل بالوصول إلى رقم (صفر) في الإصابات.


مسؤولية جماعية


ووجّه د. سيف الجابري أستاذ الثقافة والمجتمع، رسالة لأفراد الدولة في قوله: أخي المسلم للعيد فرحة، وابتسامة، فحققها بالتباعد الجسدي، وترجم الحب إلى عمل، وسلّم على أهلك بالنظر والإشارة وعن بعد، فذلك خير لكم جميعاً، وأسلم للتكاتف، والعمل يداً بيد مع توجيهات الحكومة الرشيدة، لنركب سفينة النجاة مع الساعين نحو بر الأمان، لنعبر هذه الأزمة الصحية العالمية، التي سوف تنجلي بجهودنا نحو تحقيق السلامة في مجتمعنا، بأخذ الحيطة والحذر في هذه المناسبة السعيدة لأيام عيد الفطر المبارك، أعاده الله عليكم، وعلينا، وعلى المسلمين، بكل خير، وصحة، وسعادة.
ولنعلم أن المسؤولية علينا جميعاً، فكن أنت الملتزم بأدوات السلامة، وكن قدوة حسنة في بيتك، وبين أهلك، وأقربائك، واترك العاطفة جانباً، وخذ بالعزم لحماية نفسك وأهلك، فهذا هو العيد الحقيقي، أن نكون سالمين غانمين من عوارض هذا المرض، الذي علينا أن تعامل معه بالحذر، وباتباع توجيهات الجهات المختصة لسلامة المجتمع الاماراتي، الذي هو جزء من هذا العالم الذي يعاني هذه الأزمة، وبالتكاتف سنصل إلى الخير.


ملتزمون يا وطن


وأكد د. منصور جاسم الشامسي مستشار الموارد البشرية، أن التباعد، وتجنب الاختلاط، ضرورة ومسؤولية، والتزام بإجراءات حكومة دولة الإمارات ضد وباء فيروس كورونا، إلى جانب أهمية تقيد الجميع بالتدابير الاحترازية والوقائية للحد من انتشاره، وأيضاً تطبيق المسافات الآمنة، والحدّ من الخروج من المنازل، إلّا للضرورة، أو لدواعي العمل، ولغرض شراء الحاجات الأساسية كالدواء، والغذاء، قائلاً: جاءت إجراءات الدولة مدروسة، وتنم عن الحس الإنساني، والوطني، وكفيلة بتحقيق نجاحات طيبة في مسألة الحد من انتشار الوباء العالمي المستجد.
وأيضاً خففت الدولة، وللضرورة، بعض الإجراءات في الآونة الأخيرة، ومنها عودة القطاع الخاص لممارسة بعض أعماله، لتلبية احتياجات الناس، ولبعض الأسباب الاقتصادية، وأيضاً أتاحت للمراكز التجارية فتح أبوابها ضمن ساعات محددة، مع تطبيقها التام للتباعد الجسدي بين مرتاديها، وتحديد مسافات آمنة، إلى جانب بقية الإجراءات الاحترازية الأخرى، وكل ذلك في نطاق رقابة حكومية، فيما تعلق هذا التخفيف في الإجراءات بقطاع الأعمال فقط، ولم يشمل الحياة الاجتماعية، بحيث قد يتصور البعض أنها أصبحت طبيعية، تماماً، كفترة ما قبل «كورونا»، وأن المجتمع الإماراتي قد تجاوز مشكلة الوباء العالمي المستجد، وهذا تصور غير دقيق، وغير مسؤول، حيث إن مرحلة مكافحة الوباء لا تزال مستمرة في الدولة، والحكومة، كغيرها من حكومات عالمية، لا تزال في مرحلة مقاومة الوباء، وهذا يتطلب استمرارية تعاون أفراد المجتمع الإماراتي معها، بحيث يكون هناك وعي، وإحساس بالمسؤولية من جميع أفراد المجتمع، بضرورة استمرارية تطبيق التباعد والتمسك به، على وجه التحديد، مع التقيد بالبيانات الحكومية الرسمية في هذا الشأن، بمعنى أن شعار (ملتزمون يا وطن) لابد من تطبيقه حقيقة، والالتزام في هذا الظرف الحرج، بما يعكس ضمير الأفراد، وحرصهم على تحقيق السلامة العامة، وعدم تعريض المجتمع، والآخرين للخطر.
وكذلك من واقع المحافظة على صحة الموارد البشرية التي تعني في النهاية (الإنسان)، و(رأس المال البشري)، وهذا يشمل ضرورة عدم القيام بالدعوات العامة للولائم، والحفلات، واللقاءات، والمجالس المشتركة، حتى في جميع المناسبات، بما فيها الأعياد، في ظل هذا الظرف الصحي الوقائي الطارئ العالمي، حيث لابد من الصبر، وعدم الضجر، أو التململ، أو الشكوى، وهذا يتطلب تنمية الحياة المنزلية بالعديد من الأنشطة، والهوايات، والمهارات التي يمارسها أفراد الأسرة داخل منزلهم.


التهنئة عن بعد


وتمنى جاسم المازمي عضو المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، رئيس مجلس أولياء أمور الطلاب والطالبات، أن يتقبل الله طاعات الجميع، وعساهم من عواد العيد، قائلاً: هي عبارات التهنئة التي اعتدنا على إلقائها عند زيارة والدينا، وإخوتنا، وأقربائنا، وكم هو جميل يوم العيد، يومٌ يجمع المتحابين، والمتخاصمين.. يومٌ بلا شحناء، ولا ضغينة، يوم يسعد فيه الصغير والكبير، فجميعنا نحب آباءنا وأمهاتنا، وإخوتنا، وأهلنا، ومعارفنا، وأصدقاءنا، ونتمنى رؤيتهم، وأخذهم بالأحضان، ومعايدتهم، وتقبيل رؤوس الكبار منهم، ولكن يجب علينا أن نعي تماماً أن محبتهم تكون بالاستمرار بالتباعد الاجتماعي، والاكتفاء بالسلام والتهنئة من بعيد، ومن غير ملامسة، أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، أو بالاتصال الهاتفي، فالعيد هذه السنة ليس كغيره من السنين، فجائحة فيروس كورونا ما زالت تلقي بظلالها علينا، وما زالت تحصد أرواحاً في بعض الأحيان، بسبب إهمال، واستهتار البعض، وإصرارهم على التقارب الاجتماعي، والمخالطة من غير اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية.


توظيف التقنيات


يقول جاسم محمد البلوشي عضو مجلس أمناء مؤسسة ربع قرن: لم نتخيل يوما أننا سنصلي في البيوت مع نعمة كثرة المساجد في الدولة، ولم نتخيل أن أولادنا يبقون في المنازل مع وجود افضل أماكن للزيارة في الدولة، ولم نتخيل أننا نعزي أحبابنا في فقدان أحبائهم بالهاتف فقط، ولكنها الضرورة الماسة التي فرضت نفسها لمواجهة هذه الجائحة.
وهنا يأتي دور المواطن الواعي، المواطن المسؤول. في الأيام العادية كنا نتغنى بأننا واعون، ومسؤولون، ولكن هذه الأيام، وبالأخص أيام العيد، آن الأوان لنثبت أننا على قدر المسؤولية.
كم هي جميلة عاداتنا وتقاليدنا في أيام الأعياد، ولكنها ستكون اجمل إذا ادخرناها في هذه الأيام لننعم بها في المستقبل، فالتهاون في الإجراءات الاحترازية، نتائجه ستكون للأسف مكلفة، وبقاؤنا في بيوتنا وتوظيف التقنيات، كبديل للتزاور، هو ما يجعلنا مواطنين واعين، ومدركين لحجم المسؤولية، ومشاركين في الإجراءات، لدعم الجهود المشتركة للدولة لمواجهة فيروس كورونا.
يجب أن ندرك جميعاً أن شخصاً واحداً حاملاً للفيروس، يمكن أن يحيل الوطن كله، لوضع لا تحمد عقباه، إذا تعامل مع الأمر باستهتار، ولا مبالاة، وعرِّض أهله، وأقاربه للخطر بالدرجة الأولى، ووضع مجتمعه أمام وضع صحي مرتبك، ويكفي أن نعرِّف المستهتر في زمن فيروس كورونا، بأنه الفرد الذي لا يطبق الإرشادات الاحترازية التي توصي بها الجهات المختصة.


التسلح بالوعي


وتأسّف د.جاسم ميرزا رئيس مجلس إدارة جمعية الاجتماعيين، على اعتقاد البعض أن الأمور في العيد ستكون طبيعية، مثلما كانت في السابق، قائلًا: نريد أن نؤكد أننا ما زلنا في مرحلة الخطر، وفي حاجة للتباعد المكاني، فليس من الضرورة أن نحتفل بالعيد العام الجاري، كما السابق، فلا داعي للزيارات والمعايدات، ويجب أن نلزم بيوتنا، ونتعايش مع الوضع الراهن، ولا نتهور، ونعتقد أن الفيروس انتهى، ونعود لحياتنا الطبيعية، فيما نحن ما زلنا في مرحلة نحتاج فيها إلى الوقاية، وعدم التجمع، أو الاختلاط.
كورونا أزمة، وسوف تمر، ولكننا نحتاج إلى الصبر، والتروي، والمشكلة في استعجال البعض، في حين أن تجاوز الأمر بأكمله يعتمد على تسلح الجميع بالوعى، والإلمام بخطورة الوضع، ولذلك لا نريد أن نسمع عن تزايد أعداد الإصابات، خاصة بين المواطنين الذين يعتبرون العيد مناسبة للتزاور، في حين يجب عليهم في العيد الحالي أن يتم ذلك باستخدام تقنيات الفيديو لمعايدة كبار السن، والأطفال، حفاظًا على سلامة الجميع، وحتى لا تضطر الدولة لفرض إجراءات أكثر شدة.


مواصلة الالتزام


ونوه الباحث د. محمد حمدان بن جرش السويدي، إلى انه عندما هبت رياح «كورونا»، وعبرت القارات واجتاحت العالم، بسرعة فائقة، كانت بمثابة الصدمة للحكومات، والشعوب، التي وضعت الاستراتيجيات المناسبة للحد من انتشاره، ولجأت إلى إغلاق الأبواب في وجه هذا الوباء، وتنافست المختبرات والجامعات، من أجل التفوق في إيجاد دواء يقضي عليه، ويطهر العالم من الكوارث التي تسبب بها هذا الفيروس الذي ضرب اقتصاد الدول، وحجر البشر في منازلهم، وجعل المجتمعات تتخذ إجراءات صحية، ومنها التباعد الجسدي، وارتداء الكمامات، والقفازات، فضلاً عن حالة التوتر، والخوف من انتقال الفيروس، إلى أفراد المجتمع، بسبب أي استهتار من عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي أقرتها الدول.
وذهب للقول: الحرص على الوقاية خير من العلاج، وحجم المأساة التي يصنعها المستهتر قد يكون ضحيتها أشخاص أبرياء التزموا بالبقاء في منازلهم، ولكن انتقلت لهم العدوى بفعل فرد منهم، وبعدما كانوا في أمان، وصحة، وسلامة، تبدل حالهم إلى صراع مع هذا الوباء، الذي لا يرحم صغيراً، ولا كبيراً، وكم من مشاهد مؤلمة تبكي القلوب، فهذا طفل يبعد عن أسرته، وهو يبكي ولا يعرف لماذا أبعدوه عن أمه، وهي جنته، ورغم التنبيه والتحذير من مخاطر الاختلاط في هذه الفترة الحرجة، وضرورة التباعد الجسدي والاجتماعي، إلا أن البعض يتهاون في اتباع الإجراءات الاحترازية، وبعدها يجد نفسه تحت وطأة الألم، إما باكياً على إصابته، وإما حزيناً على فقدان أحد أفراد أسرته بسببه.
وبعد أيام سيحل علينا ضيفاً عزيزاً، هو عيد الفطر، وبكل تأكيد سنستقبله، وسنفرح، ولكن سنتخلى عن بعض العادات والطقوس التي كنا نمارسها فيه، حفاظاً على سلامة الأسرة، والمجتمع، حيث علينا الالتزام بالتباعد، وعدم الاستهانة، حتى لا تتحول فرحة العيد إلى كارثة، والفرح إلى بكاء وحزن، فبأيدينا أن نقرر أي باب نفتح، وأي باب نغلق، فالعيد الحالي في زمن «كورونا» مختلف في طقوس الفرح والبهجة به، حيث يجب أن يظل التباعد هو نافذة السعادة المشرعة فيه، وأيضاً عدم الاختلاط، فما أجمل أن يأتي العيد، وينتهي، من دون أي إصابات، أو حوادث، أو فاجعة، إذ على الجميع أن يدركوا خطورة الموقف في زمن أصبح فيه التباعد خيراً وسلامة، وعليهم ألا يجعلوا «كورونا» يحتفل معهم، ويفتحوا له الأبواب، فأرواح الجميع غالية على الوطن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"