عادي
3 أطفال تعرضوا للضرب بعنف في يوم واحد

قانون وديمة يحمي الأبناء من عنف الآباء ويرتقي بالمجتمع

06:41 صباحا
قراءة 5 دقائق

استقبل مستشفى في مدينة العين ثلاثة أطفال في حادثتين منفصلتين، تعرض فيها أبناء لا تتجاوز أعمارهم 7 سنوات للضرب المبرح من قبل آبائهم، الذين برروا الأفعال بالضغوط النفسية والمادية والاجتماعية، ولم تمنعهم صيحات استغاثة الأطفال عن مواصلة كيل الضربات المؤلمة للأجساد الصغيرة، ليخلف الأب آثارا للاعتداء تتمثل بجروح وكدمات قد تندمل مع مرور الوقت، إلا أن الآثار النفسية لا بد من أنها ستعلق لتتحول إلى اضطرابات في الشخصية، كما أكد اختصاصيون نفسيون وتربويون، كما أن الذاكرة ستحتفظ بما يتسع لها في مخيلة الطفل من أحداث شهدها عنيفة ومؤلمة .

جاء قانون وديمة ليكون رادعاً لمن لا تردعه أخلاقه ودينه عن التعدي على الأطفال، وإن كان ذلك الاعتداء من قبل الآباء على فلذات أكبادهم حيث يتحول بعض الآباء إلى وحوش كاسرة تمارس أشكال العنف كافة على أطفالهم، والتي قد تعرضهم للوفاة أو الإصابة بعاهة جسدية دائمة، إلى جانب الآثار النفسية التي تخلفها تلك الاعتداءات المتكررة والعنيفة من قبل بعض أولياء الأمور الذين انتزعت الرأفة والرحمة من قلوبهم، ليمارسوا ضروباً مختلفة من الاعتداءات سواء بالضرب المبرح بآلات حادة أو السياط أو العزل في مواقع مظلمة لفترات طويلة، أو ربطهم في الأسرة لساعات زمنية طويلة، وغيرها من الأساليب التي يرفضها القانون والأعراف الاجتماعية والإنسانية والأخلاقية والدينية، وينبذها علماء النفس والتربية، لما لتلك السلوكيات الشاذة التي يبررها البعض بالضغوط النفسية أحياناً، والرغبة في تقويم سلوك الأبناء أحياناً أخرى، من عواقب وخيمة على سلوك ونفسية الطفل والتي تنعكس مستقبلاً على كافة جوانب حياته .

وأكد اختصاصيون نفسيون وتربويون أن قانون وديمة يعد من القوانين التي تعكس مدى اهتمام القيادة الرشيدة بحفظ حقوق الأطفال وحمايتهم من كافة أشكال الإساءة النفسية والجسدية والاجتماعية، كما أنه يضع دولة الإمارات في مصاف الدول المتقدمة التي تحرص على توفير كافة سبل الحماية لجميع أفراد المجتمع ومنها الطفل، حيث يعتبر القانون بمثابة الموجّه الأساسي والداعم لحفظ حقوق الأطفال من الأيادي العابثة بكيانهم، والواجبات والمسؤوليات والالتزامات التي ينبغي أن يطلع بها المجتمع بمؤسساته وأفراده تجاههم، كما أنه يضمن للطفل زيادة فرص التمتع بواقع أفضل ومستقبل أكثر إشراقاً وإيجابية .

وأشاروا إلى أن الآباء الذين يعتدون على أطفالهم بالضرب المبرح، كانوا تعرضوا خلال تنشئتهم للضرب من قبل ذويهم، لينقلوا بذلك سلوكيات تدفعها عوامل الانتقام، وأيضاً نقل ثقافة متخلفة في التعامل من الأبناء .

وحذّرت الدكتورة ريما عودة استشاري تربوي نفسي في مركز رعاية الأحداث، أولياء الأمور من اضطهاد الأطفال واتباع كافة أشكال القسوة والعنف في تربية الأبناء، وذلك لما تخلفه تلك الاعتداءات من آثار نفسية على الطفل الذي سينشأ بشخصية غير سوية، حيث يفقد الطفل الذي يتعرض للضرب المبرح ثقته بنفسه والقدرة على اتخاذ القرار، كما يتحول إلى شخصية مترددة ضعيفة وغير قادرة على تحمل المسؤولية، إضافة إلى انعدام القيم لديه، ليتشكل في نهاية المطاف إنسان مركب من الغضب والرغبة في الانتقام، حيث إن أغلبية الآباء الذين يضطهدون أبناءهم كانوا تعرضوا لأساليب العنف نفسها من قبل آبائهم .

وأشارت إلى أن قانون وديمة يشكّل خطوة متقدمة جداً في طريق حماية الطفل، كما أنه يعد منعطفاً سيرتقي بالمجتمع من خلال تقويم سلوكيات أولياء الأمور، حيث إن تطبيق قانون وديمة سيضمن ردع أولياء الأمور عن ممارسة العنف تجاه الأطفال، وتوفير الحماية النفسية والاجتماعية والإنسانية لهم، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى وجود مجتمع تنخفض فيه معدلات الانحراف لدى الأطفال .

وأضافت أن بعض الانحرافات السلوكية التي تنشأ لدى الأحداث تعود أسبابها إلى عدم وجود بيئة سوية لتنشئة الطفل، وهو ما يشير إلى ضرورة دراسة تطبيق قوانين أخرى تتضمن بند سحب حضانة الأطفال من الأسر في حال ثبوت وجود الطفل في بيئة تدفعه نحو الانحراف بكل أنواعه .

ولفتت إلى ضرورة التوعية بقانون وديمة في المؤسسات والدوائر الحكومية والخاصة، وأيضاً المدارس، وذلك بهدف إطلاع أولياء الأمور والأبناء على كافة بنود القانون، وذلك بهدف ردع الآباء الذين يمارسون سلوكيات العنف، إضافة إلى تنظيم دورات تدريبية واسعة النطاق لتدريب الآباء العدوانيين على إدارة الغضب وكيفية التعامل مع الضغوط النفسية .

وعن دور الأم التي يتعرض أبناؤها للقسوة والعنف في تربيتهم من قبل الآباء، قالت إن المرأة من خلال ما تتمتع به من عاطفة، تستطيع أن تؤثر في سلوكيات الزوج الغاضب وتحتوي مساحات انفعالاته وغضبه .

كما يتوجب على الأمهات الاطلاع والقراءة في موضوعات علم النفس المتعلقة بشخصيات مشابهة لشخصية زوجها، ومن ثم تبدأ التعامل معه من منطلق علمي نفسي اجتماعي، وأيضاً احتوائه في لحظات الهدوء الأسري والتذكير بالمحاسن والسلوكيات الإيجابية التي يمارسها الأبناء عند تجنيبهم العقاب بالضرب المبرح .

وناشدت أولياء الأمور عدم التهور في معاقبة الأبناء وضربهم وتعذيبهم، واتباع الأساليب العلمية الحديثة في التربية والتي تواكب نمط وأساليب تفكير الجيل الحديث .

ومن جانبه، ذكر الدكتور صالح الخطيب أستاذ مشارك في الإرشاد النفسي، أن ظاهرة العنف الموجّه للأبناء تعتبر من الظوهر القديمة والعالمية، حيث تشير الإحصاءات إلى انتشارها في كافة المجتمعات بنسب متفاوتة .

وأشار إلى تتعدد أشكال الإساءة أو العنف الموجه للأطفال، ولكن العنف الجسدي يعد من أكثرها شيوعاً، ويتم عادة عن طريق الضرب أو العض أو الكدمات أو الخنق، أو شد الشعر أو الحرق وغيرها، وفي معظم حالات الإساءة الجسدية للأبناء يكون الأب غير متعمد لإلحاق الأذى الجسدي بطفله، بل تكون ناجمة عن اتباع أساليب تربوية قاسية وغير سليمة، أدت إلى إلحاق الأذى الجسدي بالطفل والذي غالباً ما يكون مصحوباً بالسباب والشتائم .

وأضاف أن أسباب العنف الأسري بكافة أشكاله يعود لعوامل عدة، منها أسباب تكمن في شخصية الأب الذي يقلد ما تعرض له من عنف في طفولته، وأيضاً هناك أسباب اقتصادية، حيث يقوم الأب بتفريغ شحناته الانفعالية الناشئة من إحساسه بالفقر والفشل وعدم القدرة على تغطية المطالب المادية للأسرة . وقد تكون هناك دوافع اجتماعية للعنف الجسدي ضد الأبناء، وتتمثل في العادات والتقاليد السائدة في مجتمع ما والتي تتطلب من الرجل ألا يتعامل مع أسرته بغير العنف والقسوة، ومثل هذه الثقافة تكون سائدة في بعض المجتمعات المتخلفة ثقافياً .

وذكر أن آثار العنف الجسدي على الأطفال تتوقف على نوع العنف وشدته ومدى تكراره إضافة إلى عمر الطفل، وقد ينجم عنه إصابات وعاهات جسمية دائمة للأبناء، كما يتسبب في أضرار نفسية ذات آثار مدمرة لشخصية الأطفال الذين يتعرضون لمثل هذا النوع من العنف . أما من الناحية النفسية، فإن الطفل في هذه الحالة يتعرض لانهيار حاد في تقديره لذاته، إضافة إلى الشعور بالنقص والدونية والإحباط الذي تظهر أعراضه في عدد من الممارسات السلوكية غير السوية مثل التأخر الدراسي والهرب من المنزل والاكتئاب والقلق والتبول اللاإرادي والشعور بالذنب والخجل، وقد يلجأ إلى محاولة إيذاء نفسه أو شيوع الأفكار الانتحارية لديه، وقد يصل به الحال إلى إدمان المخدرات إذا كان في مرحلة الطفولة المتأخرة أو المراهقة .

وأكد ضرورة اللجوء إلى زيادة الوعي الأسري بمخاطر هذا السلوك عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، وسن القوانين الرادعة لمن يلجأ إلى هذا السلوك وعلاج الأشخاص الذين يتعاملون بهذا الأسلوب وتدريبهم على أساليب التربية السليمة للأبناء، وأيضاً تدريب الأب المسيء لأطفاله على أساليب تفريغ الشحنات الانفعالية والتي منها ممارسة الهوايات خاصة الرياضية .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"