عادي
الكرة تجمع مقاتلي «فارك» مع ضحاياهم

نادي «لاباز» يؤرخ نصف قرن من الصراع في كولومبيا

02:27 صباحا
قراءة 3 دقائق
متابعة:ضمياء فالح

سلطت الصحافة الفرنسية الضوء على مشهد مجنون في كولومبيا: مقاتلو المعارضة المسلحة «فارك» يلعبون الكرة بنفس قميص ضحاياهم، بيد أن الفكرة التي تبناها محامٍ لحقوق الإنسان يدعى فيلكس مورا أوريتز (40 عاماً) أنتجت نادي لاباز (السلام) لكرة القدم ولا علاقة للاسم بعاصمة بوليفيا.
أراد أوريتز أن يكتب نهاية صراع مزّق الباد على مدى نصف قرن من الزمن، وأصبح النادي رمزاً للمصالحة بين الأطراف المتنازعة ليس على صعيد البلاد فحسب؛ بل على صعيد العالم أيضاً.
وفي حي سان بيرناردينو دي بوجوتا قرب العاصمة كراكاس، يوجد ملعب متواضع على ساحة ترابية كانت فيما مضى مفترق طرق لتوزيع المخدرات والابتزاز والجريمة.
يتحدث رئيس النادي أوريتز عن فريقه ويقول: «نحاول خلق مناخ تصالحي بعد الحرب. تأسس النادي في سبتمبر/أيلول 2017، وحينها لم تكن كولومبيا كلها تريد المصالحة، حتى إن بعض الفرق كانت ترفض اللعب معنا. 190 عضواً في «فارك» قتلوا أثناء عملية السلام. حصلت على دعم من رجال أعمال وسياسيين سهلوا دمج النادي في الدرجة الثالثة، واستطعنا تبديل الرصاص بالكرات قليلاً».
وحاضر أوريتز أمام لاعبي الفريق 8 ساعات قبل مباراة ودية أقيمت في نادي ليون الفرنسي على هامش ذكرى تحرير فرنسا في الحرب العالمية الثانية، ومن بين هؤلاء اللاعبين شقيقان هما جيسون وأليكسيز كامباز يقودهم الكابتن أندريس أستيريللا، والثلاثة من «ايباجيه» على بعد 3 ساعات من العاصمة، ويعلق أليكسيز: «نحن نقيم في ايباجيه؛ لأننا أصلاً مهجرون قسراً من نارينو (جنوبي البلاد على حدود الإكوادور) مثل ملايين الكولومبيين».
ونجم عن الحرب الأهلية أكثر من 260 ألف قتيل، و45 ألف مفقود، و6 ملايين مهجر، لكن منذ إيقاف الحرب في 2016 أبصر المشروع النور ليضيء جانباً من ظلمات الماضي، ويلعب المقاتلون السابقون الذين تقلدوا مناصب مدنية بعد تحول فارك لحزب سياسي، جنباً إلى جنب مع ضحاياهم. أدرك أوريتز أن جمعهم أحياناً مهمة مستحيلة، كما حصل في المباراة الودية في ليون؛ إذ لم يصطحب أوريتز الظهير فريد (28 عاماً)؛ لأن الحارس سيرجيو أحد ضحاياه. وعلق سيرجيو ساخراً: «يلقب حالياً بالفيلسوف؛ لأنه حصل على الماجستير في «الصراعات» بالجامعة، إنه أكاديمي بامتياز!».
ومن الغائبين أيضاً بريان أكيرو الذي اعترف بمحاربة «شياطينه الداخلية» وكسب المعركة ويعلق: «عندما كنت طفلاً، كان والدي جندياً ومات بسبب لغم من «فارك». لم يتعرف إلي ولا تربطني به أي ذكريات، وعانت والدتي كي تربيني ثم تزوجت، وزوجها أيضاً فقد أقاربه في الحرب، أمامنا فرصة جيدة الآن لنلعب سوية مع «فارك». أفضل لاعبي الفريق هو مايكول ريفيرا الذي لعب بشكل محترف في فريق رديف بوجوتا، وهو الذي سجل هدف التعادل بتسديدة رائعة أمام ليون». ويعلق: «كنت فرداً في عصابة، نبتز الناس في الشوارع ونبيع المخدرات، وارتكبت جريمة قتل، كنت سأضيع لولا فريق لاباز، كرة القدم أنقذتني من الشارع والجريمة، لاباز هو (سلامي) الداخلي». ويحلم أوريتز بأن يكون للنادي ملعب فيه مدرجات ونفق وغرفة ملابس، ويضيف: «كي نزدهر يجب أن يتقبل المجتمع وجودنا ونتلقى عقود رعاية، خلق السلام من أصعب وأنبل المهام على الأرض».
وعلى الصعيد الكروي يتولى الكشاف لاري البحث عن المواهب، ويقول: «عثرت على ثلاثة صبية في حي سان بيرناردينو مشردين. اثنان منهم يعبئان حشائش القنب في الجيب، واحد منهم كانت عيناه حمراوين من تعاطي القنب، لكن الثالث جاء من فنزويلا هرباً من الأزمة الاقتصادية».
ويتحدث الفنزويلي جريبر فاريتو دياز (19 عاماً) عن تجربته: «ظننت بقدومي للعاصمة أن العثور على نادٍ لألعب فيه مهمة سهلة، حتى العثور على عمل كان صعباً. عندما وجدني لاري لم أجرؤ على القول إنني أعيش في الشارع». ويتلقى أورتيز أحياناً انتقادات من مجتمعه؛ لأنه تحول من باحث عن المصالحة إلى باحث عن النقاط الثلاثة كي يضمن الصعود واستمرار الدعم المالي من رجال الأعمال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"