استئصال الفلسطينيين

04:04 صباحا
قراءة دقيقتين
العقلية الصهيونية التي تحكم السلوك «الإسرائيلي» لم تتغير، فهي في جوهرها تقوم على إلغاء الآخر وإزالته من الوجود. والآخر هو الشعب الفلسطيني. فوجود الشعب الفلسطيني لا يشكّل عقبة مادية فحسب لقيام الكيان الصهيوني واستمرار وجوده، وإنما يكذّب كل ادعاءات الحركة الصهيونية حول حقوق مزعومة له. وقد تراوح التفكير الصهيوني في مواجهة هذه العقبة بين التزييف السياسي والتاريخي ومحاولات الاستئصال، وكلاهما لم ينجح. فمنذ البداية حاولت الحركة الصهيونية أن تقنع العالم بأن لا شيء هناك اسمه شعب فلسطيني، حتى وصل الحال بغولدا مائير رئيسة وزراء الكيان في الخمسينات أن تنفي وجوده، وبمسؤول صهيوني آخر أن يتمنّى لو يستيقظ ولا يجد قطاع غزة موجوداً. وارتبط الإنكار بالعمل الفعّال لاستئصال الفلسطينيين. كانت المذابح التي رافقت قيام الكيان أسلوباً لاجتثاث الفلسطينيين من أرضهم. ولعل أبرز محاولات الاستئصال ما قام به الكيان بعد احتلاله للضفة الغربية، فهو لم يتوقف عن ضم الأراضي وبناء المستوطنات وهدم البيوت، وهي أساليب استئصالية تعادل المذابح التي لم يتوقف عن ارتكابها.
وقد استصحبت هذه الأساليب أعمال القتل والاعتقال لمن يقاوم عملية الاستئصال. وكلما ازدادت أعمال الاستئصال ازدادت هستيريا المسؤولين الصهاينة. فإضراب الأسرى الفلسطينيين في السجون «الإسرائيلية» يقضّ مضاجع الكيان، لأنه يكشف للعالم الذي ارتاح في حضن المفاوضات الفلسطينية - «الإسرائيلية»، أن هناك شعباً مضطهداً، تنتهك حقوقه من كيان عنصري. وهذا يزيد من الضغط المعنوي على بلدان العالم التي تزعم حماية حقوق الإنسان، ويحفّز في الوقت نفسه الكثير من المناصرين الحقيقيين لحقوق الإنسان، لكي يزيدوا من فعالية نشاطهم ضد الاحتلال وضد الانتهاكات «الإسرائيلية».
وهو بهذا يربك الكيان ويضعه في صورته الحقيقية ككيان عنصري محتل. وهو ما خلق جواً من الهستيريا في مؤسسات الكيان المختلفة، بما فيها أجهزته الإعلامية التي أخذت تحرّض على المضربين وعدم الاستجابة لمطالبهم لإدراكها تداعيات هذا الإضراب على الكيان. كما بدأت أجهزة الكيان الأمنية حملة مسعورة، ليس فقط ضد الأسرى في السجون، وإنما أيضاً ضد الشارع الفلسطيني الذي يناصر بقوة من خلال تظاهراته واحتجاجاته، أسراه في مطالبتهم بحقوقهم.
وقد وصل الحال بهذه الهستيريا أن بدأ بعض المسؤولين يطالبون بتنفيذ الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين، وهي مطالبة تدل على العجز المعجون بالحقد الذي لا يستطيع أن يخفي العنصرية التي تنساب في كل عروق القوانين والإجراءات التي يتخذها عن أنظار العالم. وهي عنصرية تفضحها مقاومة الشعب الفلسطيني بكل فئاته للاحتلال وممارساته.
وستشتد هستيريا الكيان كلما تصاعدت هذه المقاومة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"