التحركات التركية في ليبيا

03:01 صباحا
قراءة دقيقتين

لم تعد التحركات التركية في ليبيا الهادفة إلى إعادة مجد الدولة العثمانية خافية على أحد، فالرئيس رجب طيب أردوغان حوّل ليبيا في الآونة الأخيرة إلى أرض مستباحة، تعبث بها قواته، جنباً إلى جنب مع المقاتلين الأجانب الذين يتم إرسالهم عبر مدن تركية مختلفة للقتال إلى جانب الميليشيات التي تسيطر على العاصمة طرابلس.
يدرك الجميع أن هدف أنقرة تكريس خططها وأطماعها في البلدان التي احتلتها وخرجت منها بفعل الحرب العالمية الأولى، ولهذا نجدها مصرة على التدخل في الشؤون العربية، كما هو حاصل اليوم في العراق وسوريا وليبيا، وفي طريقها للتدخل في شؤون دول أخرى ترى أنها كانت تحكمها ذات يوم.
وعلى الرغم من المواقف التي تعلنها أطراف ليبية عدة ترفض الوجود التركي في بلادها، إلا أن أردوغان يصّر على السير في طريق تفتيت الجبهة الداخلية عبر تبني جماعة أثبتت الأحداث أنها مجرد أداة لتمكين تركيا من العودة إلى المنطقة العربية، التي احتلتها باسم دولة الخلافة العثمانية، وفي هذا السياق يمكننا فهم التصريحات التي أدلى بها المستشار عقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبي، عندما طالب القوى المجاورة لليبيا باتخاذ موقف شجاع إزاء التدخل التركي في بلاده، قائلاً إن «هذا التدخل لن توقفه بيانات التنديد والشجب والتعبير عن القلق والرفض، بل بالمواقف الأخوية الصلبة والدعم العلني لحق الليبيين في الدفاع عن أراضيهم».
يرى صالح، أن «الشعب الليبي وجد نفسه أمام ضباع الإرهاب والتخويف والذبح والتنكيل، ونقلت إليه هذه الضباع على متن طائرات وسفن تحمل رايات دولة تدعي الإسلام وأخلاق وقيم الإسلام وهي أبعد ما تكون عنه»، كما اعتبر أن «تلك الدولة (يقصد تركيا)، لها تاريخ دموي أسود ليس في ليبيا وحدها بل حيث حضر جنودها وولاتها وسلاطينها وفرماناتها وفي أكثر من دولة عربية وأوروبية».
وعلى الرغم من أن عناصر الحل السياسي في ليبيا موجودة ومتوافرة، بحسب مراقبين، ما يعطي مؤشراً لنجاح مؤتمر برلين الدولي المقرر أن ينعقد خلال الشهر الجاري، إلا أن أردوغان يحاول استغلال ذلك بفرض أجندته السياسية عبر إبداء رغبته في إيجاد حل للأزمة القائمة في البلاد، والتي زادت تعقيداً بدخول قوات تركية إلى الأراضي الليبية، متجاوزاً بذلك كل الخطوط الحمر.
يستميت أردوغان، لإعادة خلط الأوراق في ليبيا، مستفيداً من حالة الانقسام في الصف الداخلي، وقد وجد في القوى المحلية التي تسيطر على العاصمة طرابلس، فرصة لتعزيز حضور تركيا في المشهد، بعدما ارتضت هذه القوى لنفسها أن تتحول إلى قفاز قذر لتمرير خططه، حيث يحاول تصدير أزمته الداخلية إلى الخارج.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"