انتهت المهلة.. فماذا بعد؟

05:09 صباحا
قراءة دقيقتين

رفض قطر يعني قبول العزلة وكأنها منهج أو مسار، وفيما يجري التنسيق الآن، على جميع المستويات، بين دول المقاطعة الأربع، في أفق الحكمة والعقل والمنطق، تحقق الدوحة المزيد من الخيبة بعد فشلها الذريع في إقناع العالم بمعنى استقلالها وبدلالة مفهوم استقلال الدول إجمالاً، وكأن الورطة، في تقدير الدوحة السقيم، تكتب المفاهيم والأعراف السياسية من جديد، وكأن الدولة الممتحنة أو المبتلاة اليوم بفكر إدارة الأزمة تبني مواقفها التي تضر بمصلحة شعبها في الأمداء القريبة والمنظورة والبعيدة على الطارئ والمؤقت والمرتبط بهذا التكتيك الصغير أو ذاك، فماذا بعد؟
انتهت مهلة الأيام العشرة، ومعنى هذا أن قائمة المطالب الثلاثة عشرة باقية وسيضاف عليها بعض الإجراءات ضد قطر، حيث ينتظر إعلان عقوبات مالية تصعيدية في القريب، كانت محل نظر دول المقاطعة خلال الأيام الماضية، كما ينتظر إصدار قوائم جديدة لإرهابيين ومتطرفين مرتبطين بقطر، متفق عليها من قبل دول المقاطعة، المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات، ومملكة البحرين، ومصر.
ولا جديد في المدى المنظور على صعيد مجلس التعاون الذي يواجه اليوم أكبر مشكلة في تاريخه، بسبب التعنت القطري، ونزوع الدوحة الدائم إلى اتخاذ سياسات تخالف، بشكل سافر، المعاهدات المتفق عليها في إطاره، بما فيها نظامه الأساسي وقانون إنشائه، وسوف يذكر التاريخ كيف حاولت دولة صغيرة مرتبطة بالتنظيمات الإرهابية وبجرائم ضد الإنسانية، تقويض الجهود العظيمة لقادة وشعوب منطقة الخليج في بناء منظومة إقليمية كانت تعد، حتى وقت قريب، الأقوى والأكثر وعداً وبشارة في الفضاء العربي بأكمله.
ليست إلا العزلة التي اختارتها قطر عن عمد ومع سابق الإصرار، حين فضلت أن تطير، خارج سربها، وداخل فضاء تعثرها، بجناحين متكسرين ومنتوفي الريش: الإيراني، حيث رغبة الدوحة، بكل جرأة ووقاحة، ومن دون اعتبار لمشاعر ومصالح جيرانها وأمتها، في توثيق العلاقة معه، والتركي الذي جاء إليها وفي صدره حلمه القديم المجلجل، وفي يده زجاجة حليب، وفي يده الثانية مقود دبابة.
وما خفي كان أعظم، ففي انتظار الدوحة في خلال الأيام المقبلة والزمن المقبل المزيد من الفضائح الموثقة التي تقول كل شيء، فتغني عن كل شرح وبيان، حيث أرشيفات الدول المقاطعة خصوصاً، والمتضررة عموماً، مكتنزة بأخبار وأسرار الشقيق الذي خان الأخوة والمودة، ومضى يستجدي عدوه الحقيقي وعدو أهله ضد أهله وعشيرته الأقربين.
حالة قطر الراهنة دليل تاريخي جديد على أن السياسة أولاً مبادئ وأخلاق، وأن سياسة الكذب والمراوغة والمبالغة سياسة هالكة بالضرورة، بقدر ما استهلكت، وبقدر ما أهلكت، فالدماء التي سالت، والبيوت التي هدمت، والأسر التي شردت، ستظل تشير، بالصوت العالي والحجة الدامغة، إلى دولة البغي والإجرام والإرهاب، الدولة التي سجنت نفسها في فكرة المرشد الضيقة، ثم أغمضت عينها، وراحت تحصي معاول الهدم والظلام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"