من ليبيا إلى الصومال

04:03 صباحا
قراءة دقيقتين

كانت أبواب «مؤتمر برلين» لم تغلق بعد، وعلى متن الطائرة التي كانت تقله من برلين إلى أنقرة فتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان معركة جديدة في القارة الإفريقية، هذه المرة في الصومال التي كان وضع فيها قدمه للمرة الأولى عام 2011 عندما كان رئيساً للوزراء، أثناء المجاعة التي ضربت البلاد يومها، بذريعة المساعدة وتقديم الدعم للجياع والفقراء، حيث تم استغلال الوضع الإنساني من أجل تمهيد الطريق للخطوات الأبعد والسيطرة على مقدرات الصومال. ومن أجل بلوغ هذا الهدف تم تقديم إغراءات لتحسين صورة تركيا مثل تقديم 1200 منحة دراسية في الجامعات والمعاهد التركية بكلفة 70 مليون دولار، على أمل أن يصبح هؤلاء بعد التخرج أحصنة طروادة تركية في خدمة أهداف أردوغان العثمانية، كما تم المساهمة ببرامج إغاثية وتنموية عدة بقيمة 414 مليون دولار.
ولتعزيز هذا التواجد ودعمه وتحويله إلى مخلب قط تركي في القرن الإفريقي ومنطقة البحر الأحمر وخليج عدن، تم في مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي وبحضور قائد أركان الجيش التركي خلوصي أكار ورئيس وزراء الصومال حسن علي خيري، افتتاح أكبر قاعدة عسكرية خارج الأراضي التركية، على بعد كيلومترين جنوبي العاصمة مقديشو، بمساحة 400 هكتار وتضم ثلاثة مرافق للتدريب ومخازن للأسلحة والذخيرة.
الجديد اليوم، أن أردوغان كشف اللثام عن مطامع أخرى تتعلق بالنفط الصومالي المحتمل على السواحل، إذ أبلغ الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية في رحلة العودة من برلين مشاركة تركيا في أعمال التنقيب عن النفط هناك، وقال «هناك عرض صومالي.. يقولون هناك نفط في مياهنا، وأنتم تقومون بهذه العمليات مع ليبيا وبوسعكم القيام بها هنا». أضاف «هذا مهم جداً بالنسبة لنا، لذلك ستكون هناك خطوات نتخذها في عملياتنا هناك».
يذكر أن الصومال أجرت مسحاً شاملاً على الاحتياطي النفطي في مياهها الإقليمية في إطار اتفاقية مع شركة سبيكتروم البريطانية، واستغرق المسح سبعة شهور خلصت فيه الشركة إلى وجود 50 حلقة نفطية تغطي مساحة 173 كيلو متراً مربعاً.
تسعى تركيا من كل ذلك إلى التمدد الاستراتيجي في عمق الأمن العربي بعد أن تمكنت من وضع قدمها في الشمال السوري، وهي الآن تحط في ليبيا والصومال ومنطقة الخليج، وهو ما يعزز أوراقها في بعض الملفات الإقليمية، ومحاولة محاصرة دول في المنطقة، إضافة إلى محاولة تقديم نفسها كبديل إقليمي قوي وقادر على حماية مصالح القوى الغربية.
هناك هدف آخر من التمدد في الصومال نظراً لأهميتها الاستراتيجية في منطقة شرق إفريقيا، إذ إن التواجد في الصومال يعطي أنقرة إطلالة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب حيث تريد تركيا بناء قدرات تجعل منها قوة إقليمية سياسية واقتصادية وعسكرية، قادرة على لعب دور ما في تحديد مصير الأزمات والتحديات التي تواجهها المنطقة.
هذه هي تركيا أردوغان. تلعب في أحشاء الوطن العربي كما تريد، في تهديد لكل الأمن العربي.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"