مفهوم السلام عند الحوثيين

03:03 صباحا
قراءة دقيقتين
لم يكد ينتهي التحرّكان العربي والدولي، لتحقيق السلام في اليمن بعد اتفاق ستوكهولم في السويد، الذي وقع منتصف الشهر الماضي، حتى عاد الحوثيون ليثبتوا أنهم ليسوا أهلاً للسلام ولا يرغبون في تحقيقه، وأن همّهم الوحيد يكمن في تنفيذ أجندة خارجية، تهدف إلى زعزعة الاستقرار في اليمن ودول المنطقة كافة.
وجاءت عملية استهداف المعسكر التدريبي لقوات الجيش الوطني في قاعدة العند الجوية في لحج عبر طائرة مسيّرة إيرانية الصنع، وأدت إلى مقتل وجرح العديد من الضباط والجنود والإعلاميين، لتؤكد حقيقة هذه الجماعة ومشروعها الإجرامي، الذي يتخطّى إمكاناتها إلى الاستنجاد بالخارج، حيث أكدت عملية الأمس حقيقة ما أثاره التحالف العربي في أكثر من مناسبة، من أن عملية تهريب الأسلحة من الخارج عبر منافذ عدة، من شأنها أن تطيل أمد الحرب، وتضع عراقيل حقيقية أمام السلام، خاصة أن قاعدة العند كانت تستخدم لمحاربة التنظيمات الإرهابية في البلاد، من بينها «داعش» و«القاعدة» الإرهابيّان.
كان اتفاق السويد القاضي بانسحاب القوات الحوثية من موانئ الحديدة الثلاثة، التي تشكّل مصدراً رئيسياً من مصادر التهريب، فرصة لبدء تطبيق هدنة طويلة الأمد، تبحث بعد نجاحها سلاماً دائماً في بقية جبهات القتال في البلاد، إلا أن موقف جماعة الحوثي المتعنّتة ورفضها تطبيق الاتفاق، رغم إشراف الأمم المتحدة عليه، أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، وأكد المؤكد أن الجماعة بارعة في نقض العهود والاتفاقات، كما كان يحدث سابقاً عندما تكون طرفاً في أي اتفاق.
لقد وضعت سلوكات جماعة الحوثي الإرهابية المجتمع الدولي أمام مسؤولية كبيرة، تتمثّل في إلزامها بتنفيذ الاتفاقات التي وقّعتها، وعلى الأمم المتحدة أن تكون واضحة تجاه التسويف الذي تمارسه الجماعة بالانسحاب من الحديدة والتعاطي مع بقية الملفات العسكرية والسياسية والاقتصادية، خاصة أن المتمردين يرفضون التجاوب مع المبادرات المتصلة بتحسين الوضع الإنساني لأبناء الشعب اليمني، وقد فضحت الأمم المتحدة الموقف اللا إنساني الذي اتخذته الجماعة المتمثلة بعرقلة وصول المساعدات إلى مختلف المناطق التي تقع تحت سيطرتها وسيطرة الشرعية كذلك، بالإضافة إلى ما تقوم به من سرقة لمواد الإغاثة وتسخيرها لصالح أتباعها.
لقد أثبت الحوثيون، وفق وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، أن التلاعب الذي يقومون به يهدد اتفاق السويد والخطوات القادمة للعملية السياسية، كما أنه يعرّض فرص السلام في اليمن للفشل، ما يؤكد أنهم المعرقلون لجهود السلام في اليمن والمنطقة ككل.
عملية الأمس يمكن أن تكون نقطة تحوّل في مسار الأحداث في اليمن، وإذا أدى ذلك إلى انهيار السلام في البلاد، فإن المسؤول الأول عنه سيكون جماعة الحوثي، التي ارتضت لنفسها أن تتحوّل إلى أداة لتنفيذ مخطط خارجي، يستهدف استقرار اليمن والمنطقة بأسرها، وهو المخطط الذي يجب أن تدرك الجماعة أنه لن يمر.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"