بيروت لا تموت

05:47 صباحا
قراءة دقيقة واحدة

كانت الجميلة تجدل شعرها وتتبرج، فقد اعتادت على ذلك كل يوم، ثم تسرح على الشاطئ، وتذهب إلى الجبل تستظل تحت أشجار السرو والسنديان، ثم تعود مساء إلى بيتها، وتذهب إلى الشارع مع رفيقاتها ورفاقها تصرخ وتهتف، كي تستمر الثورة على الفساد الذي حرمها من كل شيء، لكنه لم يستطع حرمانها من حب الحياة.
هذه العروس الجميلة اسمها بيروت، كلنا نعرفها بجمالها وغضبها وحزنها، نعرفها بصمودها الأسطوري في وجه الاحتلال، ومقاومتها الشرسة للحصار العاتي، ونعرفها بانتصارها على كل من حاول التطاول عليها.. نعرفها ببهائها وبريقها وثقافتها وحسن وفادتها لكل من يأتيها سائحاً أو زائراً أو حتى إذا كان عابر سبيل.
بيروت التي أحبت العرب وأحبوها، وأعطتهم وأعطوها.. بيروت هذه حاولوا اغتيالها يوم الثلاثاء الماضي في أبشع عملية تفجير شهدها التاريخ الحديث. أطنان من المواد الكيماوية انفجرت تحت أقدامها، وهي ما زالت تحاول النجاة من مآسيها المتراكمة، ولكنها لم تمت، هي الآن تجمع أشلاءها، وتضمد جراحها وتحاول النهوض. بيروت لم تمت، ولن تموت، هكذا عودتنا، وهكذا اعتدنا عليها.. بعد كل كارثة أو مأساة كانت تخرج من بين الرماد كالعنقاء.
بيروت، عروس العرب ومعشوقتهم الجميلة لا تموت.. لأنها تحب الحياة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"