زيارة تطوي صفحة الماضي

03:20 صباحا
قراءة دقيقتين
زيارة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إلى العراق، زيارة تاريخية بأبعادها السياسية، ومعانيها الوطنية والقومية. صحيح أن أمير الكويت كان زار العراق العام 2012، لكن تلك الزيارة كانت في إطار القمة العربية التي عقدت في العاصمة العراقية آنذاك، لكنها الأولى الرسمية منذ الغزو العراقي عام 1990.
هذه الزيارة تعني أن البلدين تجاوزا تلك الأيام الكئيبة التي خيمت على علاقاتهما، وما حملته من أسى، وجفاء، وقطيعة، وما تركته من ندوب على علاقات تاريخية وجغرافية، وأواصر قربى جمعت بين شعبين شقيقين جارين، جراء سياسات حمقاء، وداء عظمة وغرور بلا حد أوديا بصاحبه في نهاية المطاف.
ولم يترك الغزو ما تركه من شرخ عميق بين الشعبين العراقي والكويتي فحسب، بل ضرب التضامن العربي في الصميم، ورسخ حالة من الانهيار ضربت الأمن القومي العربي في الصميم، وترك الأمة أشبه بأشلاء تكاد المعجزات لا تقوى على جمع شتاتها، فانهار جدار الصد العربي على التخوم العربية للأمة، وتخلخلت أبواب الحماية على الجبهات في مواجهة العدو «الإسرائيلي»، وضرب العجز كل مفاصل الأمة التي ذهب ريحها، وسقطت في أشداق الحروب الأهلية، وبين أنياب المنظمات الإرهابية، وكادت تضيع في قبضة جماعات الإسلام السياسي التي هيئ لها أنه آن أوان تسنم السلطة هنا وهناك، كي تعيث فساداً تحت راية «الإخوان».
الشيخ صباح الأحمد يزور العراق الآن، وقد تعافى من شرور الإرهاب تقريباً، بعدما أسقط «دويلة الخلافة»، وهو الآن يستعيد عافيته ودوره العربي شيئا فشيئاً، كما أنه يضمد الجراح الغائرة التي خلفها الاحتلال في جسده من ضرب لوحدته الوطنية، وإطلاق لخبائث الطائفية والمذهبية، وسعي للتجزئة والانفصال.
الشيخ صباح الأحمد يحط رحاله في بغداد وقد طوت الكويت صفحة الماضي منذ سنوات، وهي تكرس واقعاً جديداً - قديماً يؤكد مبدأ الأخوة، وحسن الجوار والتعاون بين الأشقاء العرب، ويدفع بقوة نحو تطوير العلاقات في مختلف الميادين. وكما دأبت الكويت على دعم وتمكين العراق في تجاوز تداعيات ما تعرض له من أعمال إرهابية، ووقوفها إلى جانبه في معركة دحر الإرهاب، فإنها تقف إلى جانبه في جهود إعادة الإعمار. فقد وقع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في فبراير/ شباط الماضي اتفاقية منحة بقيمة 25 مليون دينار كويتي (85 مليون دولار) مع صندوق إعادة إعمار المناطق العراقية المتضررة جراء الإرهاب.
صحيح أن مسؤولي البلدين تبادلا الزيارات خلال السنوات الأخيرة على مستويات مختلفة، لكن زيارة الشيخ صباح الأحمد هذه تحمل أكثر من معنى، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة على وقع التهديدات، والحشود العسكرية، والتلويح بالحرب، ما يستلزم تكثيف الاتصالات والمشاورات بين قادة البلدين اللذين يقعان في قلب هذا الصراع، نظراً لموقعهما على «حد السكين»، كما يقال، ويمكن لقادة البلدين نظراً لعلاقاتهما الإيجابية مع كل الأطراف أن يلعبا دور الإطفائي الذي يستطيع أن يطفئ الجمر قبل إن يتحول إلى حريق.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"