استفتاء كردستان ووحدة العراق

02:45 صباحا
قراءة دقيقتين
وضع رئيس إقليم كردستان، وزعيم الحزب الديمقراطي العراقي، مسعود البرزاني، العصي في دواليب الأزمة القائمة بشأن الاستفتاء على استقلال الإقليم عن العراق، المقرر في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، بعدما رفض النداءات الموجهة إليه من جهات عدة، بينها الجامعة العربية، بإلغاء، أو إرجاء الخطوة المثيرة للجدل، خاصة أن أطرافاً محلية عراقية، وإقليمية، وعربية، ترفض فكرة الاستفتاء، وتعتبره تهديداً لوحدة العراق، وإطالة للأزمة القائمة بين بغداد والإقليم الذي تمتع بحكم ذاتي منذ حكم الرئيس الأسبق صدام حسين، ثم تحول إلى إقليم فيدرالي وفق النظام السياسي الذي اعتمد بعد الاحتلال.
يرفض البرزاني الحوار مع بغداد، ويرى أن هذا الحوار ممكن بعد الاستفتاء، وليس قبله، ما يضع الحكومة العراقية في مأزق كبير، خاصة أنها أعلنت عدم اعترافها بأية نتيجة تسفر عن الاستفتاء الذي تشهده كردستان وكركوك والمناطق الخاضعة لسيطرة البيشمركة في نينوى، وانضمت إلى موقف الحكومة أحزاب تركمانية ترى في الخطوة مقدمة لمزيد من الأزمات التي ستواجه العراق الموحد، في وقت حذر فيه المتحدث باسم الحكومة سعد الحديثي، من إمكانية وقوع فوضى أمنية في حال أصرت أربيل على المضي في مخططها لإجراء الاستفتاء.
من الواضح أن مرحلة ما بعد الاستفتاء لن تكون كما قبلها، واستكمال الخطوة الانقسامية ضد رغبة العراقيين، ستكون لها ارتدادات سلبية كبيرة على العراق، ووحدته في المستقبل، فالسلطة المركزية في بغداد لن تعترف بأية نتيجة يفرزها الاستفتاء، وكذلك الحال مع بقية الأحزاب التركمانية التي أعلنت مقاطعتها له وعدم الاعتراف بنتائجه أياً كانت.

يثير الاستفتاء مخاوف إقليمية ودولية من أن يكون ذلك فتحاً لباب جديد للخلافات في العراق، ما قد ينعكس سلباً على الحرب ضد «داعش» الإرهابي الذي قد يجد في الخطوة فرصة للعودة للاستيلاء على الأراضي التي خسرها في إطار الحرب التي تشنها ضده القوات العراقية، المسنودة بدعم التحالف الدولي، حيث ترى الولايات المتحدة أن الاستفتاء يشكل انحرافاً عن الأولويات العاجلة للمجتمع الدولي، مثل هزيمة «داعش»، وتحقيق استقرار البلاد.
كأن العراق لا تكفيه المتاعب التي يواجهها منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 وما سببه هذا الاحتلال من سلبيات ومآسٍ طالت كل مناحي الحياة، وهو اليوم يدفع ثمن ذلك من أمنه، واستقراره، ووحدة أراضيه، ومع إصرار البرزاني على المضي في مسعاه نحو الاستقلال عن الدولة المركزية كمن يحدث قطيعة بين راهن العراق ومستقبله، وما لم تحققه الحروب التي يعيشها العراق منذ سنوات عدة، سيفعله الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان، خاصة أن النزعة الاستقلالية عن الدولة المركزية ستتضخم أكثر وأكثر، وستضع بذرة تؤسس لتقسيم العراق، ما يشكل خطراً على العراق، ومحيطه.
تدارك الأوضاع قبل فوات الأوان من شأنه أن يمنع انقساماً في المستقبل، فبقاء العراق موحداً، مع بقاء إقليم كردستان بوضعه الحالي، لمصلحة العراق والمنطقة بأسرها، أما السير في الخطوات الانفرادية، من دون النظر إلى التداعيات، فإنه سيجلب للعراق كوارث الجميع في غنى عنها.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"