جواتيمالا.. استفزاز لا يفيد!!

03:42 صباحا
قراءة دقيقتين

انضمت جواتيمالا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كثاني دولة تنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، لتدشن بذلك خطة تنفذها واشنطن بعناية لدفع عدد أكبر من الدول لنقل سفاراتها إلى القدس لتؤكد أن الرؤية الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط تتقاطع كلياً مع رؤية العالم الحر لها، بمن فيهم حلفاء للولايات المتحدة.
يوم أمس أعلن رئيس جواتيمالا جيمي موراليس أن بلاده قررت نقل سفارتها في «تل أبيب» إلى القدس المحتلة، لتصبح بذلك أول دولة تدعم موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المثير للجدل المتمثل في الاعتراف بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل»، الذي أعلنه في السادس من شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
القرار الاستفزازي الذي اتخذه موراليس جاء في أعقاب اتصال هاتفي أجراه مع رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو، وأبلغه فيه أنه أعطى تعليماته لوزارة خارجيته لبدء التنسيق اللازم لتحقيق الخطوة، والبدء بنقل السفارة من «تل أبيب» إلى القدس المحتلة.
قرار جواتيمالا لم يكن مفاجئاً لأحد، فقد كانت واحدة من الدول التي عارضت القرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص برفض قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لـ«إسرائيل» ونقل سفارتها إليها، ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية تواصل ممارسة الضغط على الدول التي تمنحها مساعدات مالية، وبضمنها جواتيمالا، لنقل سفاراتها إلى القدس، وهو ما أعلنه ترامب بشكل صريح عشية مناقشة الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار الأمريكي، لأن الولايات المتحدة مصدر أساسي للمساعدات المالية التي تحصل عليها جواتيمالا وهندوراس، وهما دولتان تقعان في أمريكا الوسطى، وتواجهان أزمات مالية مستمرة، إضافة إلى دول أخرى عدة.
رغم ذلك فإن القرار الذي اتخذته جواتيمالا لا يجب أن يمر مرور الكرام، فمثل هذه الخطوة تفتح الباب أمام مزيد من الدول لاتخاذ نفس الموقف، خاصة في ظل السعي الأمريكي المستمر للحصول على مزيد من الدول التي يمكنها الخضوع للمشيئة الأمريكية، بما فيها الدول التي أعلنت امتناعها عن التصويت في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام، إذ يمكن لواشنطن ممارسة الكثير من الضغوط عليها للحصول على مبتغاها.
الأسوأ في ما يحدث هو الترهل الذي أصاب الموقفين العربي والإسلامي من الخطوات الأمريكية و«الإسرائيلية» الساعية لكسب المزيد من الدول لنقل سفاراتها إلى القدس المحتلة، حيث فقدت الدول العربية والإسلامية قدرتها على التأثير في القارات المختلفة، بعدما تركت هذه الدول للولايات المتحدة و«إسرائيل» فرصة الاستفراد بها وانتزاع مواقف مؤيدة لهما، فيما انسحبت الدول العربية والإسلامية من ميدان صناعة التأثير، بعد أن كانت لها صولات وجولات في الماضي، وكانت القضية الفلسطينية حاضرة في نشاطاتها وعلاقاتها مع مختلف الدول وفي كافة قارات العالم.
الموقف الأمريكي أصبح أكثر وضوحاً في عهد الرئيس دونالد ترامب في ما يخص وضع القدس المحتلة، فعلى الرغم من التزام الولايات المتحدة بمبادرات السلام، التي تضع القدس في قائمة الحل النهائي في إطار مفاوضات مباشرة، إلا أن واشنطن كسرت هذه القاعدة، وأكدت أنها طرف منحاز للجانب «الإسرائيلي»، وهو ما اتضح بشكل جلي وواضح بتحركاتها الأخيرة، الأمر الذي ينسف عملية السلام برمتها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"