استعادة المقاطعة

05:57 صباحا
قراءة دقيقتين

خلال الإعداد لمؤتمر مدريد الذي عقد في نوفمبر/تشرين الثاني ،1991 والذي شكل بداية مفاوضات مباشرة بين الكيان الصهيوني والدول العربية، ضغطت الولايات المتحدة من أجل رفع المقاطعة العربية عن إسرائيل، واستجابت معظم هذه الدول على أمل أن يؤدي ذلك إلى إقناع الكيان بجدوى السلام، جاءت هذه الخطوة، كما غيرها، سلفة مجانية من دون مقابل .

ومع أن المفاوضات فشلت جراء عدم التزام الكيان بالهدف الذي من أجله عقد المؤتمر وهو الأرض مقابل السلام، إلا أن بعض الدول العربية ذهب بعيداً في رفع العقوبات كلها وفتح مكاتب تجارية إسرائيلية على أراضيه، وبعضها نفض يده من المقاطعة وذهب أبعد من ذلك، ما أدى إلى اختراق اقتصادي إسرائيلي لمعظم الدول العربية .

في الأساس لم تكن المقاطعة العربية ترفاً سياسياً أو قراراً عشوائياً، إنما كانت اجراء اقتصادياً في إطار حرب مع عدو يحتل أرضاً عربية تستخدم فيها كل الوسائل المشروعة، والمقاطعة هي إحدى هذه الوسائل استجابة للشرعية الدولية ولقرارات القمم العربية، وقد أنشئ مكتب مقاطعة إسرائيل العام 1951 لهذا الغرض ومن أجل تفعيل المقاطعة ضد الشركات الإسرائيلية، وتلك الأجنبية التي تتعامل مع إسرائيل .

لقد أدت المقاطعة العربية للكيان الصهيوني والشركات الأجنبية التي تتعامل معه دوراً مهماً في الصراع معه، وفي محاصرته والتأثير البالغ في اقتصاده .

والغريب أن الولايات المتحدة التي مارست ضغوطها على الدول العربية لإنهاء المقاطعة، مارست وتمارس مقاطعة وحصاراً اقتصادياً ضد العديد من الدول التي ليست في حالة حرب أو عداء معها، ومع ذلك فرضت على العرب رفع المقاطعة، واستجاب العرب لها .

الآن ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي المتمثل في تسارع وتيرة الاستيطان والتهويد، وانسداد كل آفاق التسوية جراء السياسات الصهيونية المتطرفة، فإن تفعيل المقاطعة مجدداً يصبح أمراً واجباً وطبيعياً كوسيلة من وسائل الدفاع عن النفس، وذلك يستدعي إعادة الحياة إلى مكاتب مقاطعة إسرائيل، وإلى المشاركة الشعبية الفاعلة .

يتحدث الفلسطينيون والعرب عن بدائل يمكن اللجوء إليها لمواجهة الغطرسة الصهيونية، فلماذا لا تكون المقاطعة هي أحد البدائل المتاحة وغير المكلفة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً؟ الأمر يحتاج فقط إلى إرادة وقرار .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"