تركيا في مهمة تدمير ليبيا

03:10 صباحا
قراءة دقيقتين

تصر تركيا على إبقاء شرارات الأزمة وتعقيداتها مشتعلة في ليبيا، فعلى الرغم من الرفض الرسمي والشعبي الواسع على تدخلها الفج في الشؤون الداخلية لليبيا، بالاتفاق الأمني والعسكري، الذي وقعته مع رئيس ما يسمى حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، إلا أنها تتجاهل ذلك الرفض وتعزز حضورها بشكل أقوى من السابق، عززته بخطوتها الأخيرة بإحالة الاتفاق إلى البرلمان للمصادقة عليه.
تقضي الاتفاقية التي أرسلت إلى البرلمان التركي بتزويد حكومة الوفاق بمركبات وعتاد وأسلحة مختلفة الأنواع لاستخدامها في العمليات البرية والبحرية والجوية، إضافة إلى تبادل جديد لمعلومات المخابرات، كما تتضمن الاتفاقية بنداً ينص على إرسال «قوة ردع» سريعاً إذا طلبت حكومة الوفاق ذلك.
بالاتفاق الجديد مع فايز السراج، الذي زار أنقرة مؤخراً والتقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تشرع الأبواب أمام حضور عسكري تركي كامل، ومعه تدخل المنطقة مرحلة جديدة من التوتر، وهو أمر يضر دولاً مجاورة لليبيا، خاصة أن كلاً من مصر واليونان وقبرص اعتبرت ما أقدمت عليه أنقرة وحكومة السراج انتهاكاً للقانون الدولي.
لم يكن رفض الاتفاق إقليمياً فحسب، فالاتحاد الأوروبي كان له موقفه المعارض أيضاً، حيث وجه إلى الاتفاق تهمة خرق القانون المحلي والمواثيق الإقليمية، لدرجة تم الحديث عن طموح استعماري لأردوغان، الذي لم يعد يقتصر على ليبيا فحسب، بل وعلى سوريا أيضاً من خلال الحديث عن نيته استخدام ثروة الشعب السوري النفطية والغازية لتحقيق أطماعه التوسعية.
ما الذي يجعل الحكومة التركية تغامر بالتوجه نحو ليبيا؟ وماذا ستجنيه من وراء هذا التدخل الذي لم يعد خافياً على أحد؟
من المعروف أنه بموجب الاتفاقية الموقعة بين السراج وأردوغان، سيكون لتركيا مطلق الحرية في التدخل بالشأن الليبي، ما يعني انتهاك أراضي الدولة الليبية واعتبارها أراض تركية، خاصة أن الاتفاق يقضي بحضور عسكري وأمني تركي دائم، ما يخلق واقعاً سياسياً وعسكرياً مختلفاً، ويدفع بأطراف دولية للتقاطر إلى ليبيا لحماية مصالحها، خاصة فرنسا وإيطاليا.
لهذه الأسباب وغيرها الكثير، يبدو قرار الجيش الوطني، القاضي باستكمال تحرير العاصمة طرابلس من أيدي ميليشيات حكومة الوفاق، منسجماً مع الرغبة الشعبية في وقف الهيمنة التركية على القرار الليبي، والمعارك التي تدور على مشارف العاصمة منذ أيام، دليل على أن الليبيين على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية والمجتمعية لن يتركوا بلادهم فريسة للأطماع التركية.
ارتضت حكومة السراج لنفسها أن تتحول إلى دمية في أيدي خصوم الليبيين، سواء من دول كتركيا، الراغبة في استعادة هيمنة دولة الخلافة العثمانية المندثرة، أو من جماعات إرهابية كجماعة الإخوان المسلمين، التي اتضح أنها رأس الحربة في مشاريع التدمير التي تضرب كل البلدان العربية منذ 2011 وحتى اليوم.
لا يكفي أردوغان ما فعله في العراق وسوريا من تدمير ونهب ممنهج، ها هو ينتقل إلى ليبيا ليعيث فيها تدميراً وتخريباً.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"