مواقف أمريكية مضرة بالسلام

04:22 صباحا
قراءة دقيقتين
مع مرور كل يوم، تراكم الولايات المتحدة الأمريكية مزيداً من المواقف التي تقود عملية السلام في الشرق الأوسط إلى الانهيار، فهي تدل على عدم رغبة لدى إدارتها الحالية في مساعدة أطراف الصراع لإيجاد تفاهمات من شأنها أن تنقذ التسوية، خاصة منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، الذي اتخذ سلسلة من القرارات والإجراءات تصب جميعها في صالح دولة الاحتلال «الإسرائيلي».
آخر القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في هذا الاتجاه ما ورد في التقرير السنوي لوزارة الخارجية حول حقوق الإنسان من تغيير لوصفها المعتاد لمرتفعات الجولان بكونها محتلة من قبل «إسرائيل»، إلى «منطقة تسيطر عليها «إسرائيل»»، كما لم يشر قسم منفصل من التقرير إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، اللذين احتلتهما «إسرائيل» إلى جانب مرتفعات الجولان في حرب عام 1967، الأمر الذي يعني إسقاطاً لمشروع «حل الدولتين»، الذي ينادي به المجتمع الدولي.
الموقف الأمريكي الجديد يحرم الفلسطينيين مما تبقى من أراضيهم، ويعد ضوءاً أخضر للاحتلال؛ لرفع وتيرة الاستيطان، وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم التي تم احتلالها قبل 70 عاماً، وهو موقف يضاف إلى سلسلة من القرارات الهادفة إلى ضرب جوهر القضية الفلسطينية، واغتيال حلم أجيال متعاقبة من أصحاب الأرض، الذين تم تهجيرهم بمساعدة من الدول الكبرى، التي ترى في مصلحة «إسرائيل»، كما هو حاصل في الموقف الأمريكي، أولوية لسياستها، وقد عبرت واشنطن عن ذلك باعترافها بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، فيما دعمت هذه القرارات بخطوات عملية توجت بدمج سفارتها بقنصليتها في القدس ووقف الدعم لوكالة «أونروا»، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ودعم سياسة الاستيطان الذي تفشى كالسرطان في الآونة الأخيرة، من دون أن تتخذ أي إجراء لوقفه، أو التنديد به.
من الواضح أن القرار الأمريكي الأخير، الذي يسقط صفة الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية والجولان السورية، يعد استمراراً لنهج الإدارة الأمريكية الحالية، وهو موقف ضد مصلحة الشعب الفلسطيني والسوري اللذين يتطلعان لاسترداد حقوقهما المسلوبة، كما أنه قرار يتعارض مع كافة قرارات الشرعية الدولية، التي صدرت خلال العقود الماضية، وجميعها تمنح الشعب الفلسطيني الحق في إقامة دولته وعلى ترابه الوطني على حدود عام 1967.
لا شك أن القرار الجديد سيزيد من تعقيد الأزمة في المنطقة، فهو لا يساعد في إيجاد حلول، بقدر ما يراكم جبالاً من عوامل عدم الثقة بين الأطراف المعنية بأزمة الشرق الأوسط، خاصة أن المجتمع الدولي يدرك حقيقة أن الأراضي الفلسطينية والجولان السورية تقع تحت الاحتلال «الإسرائيلي»، وفق قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي.
القرارات الأمريكية الأخيرة تطرح تساؤلات عن الهدف من وراء اتخاذها، وإن كانت لها صلة لتمرير ما يسمى «صفقة القرن» التي تروج لها واشنطن منذ مدة، غير أن المؤكد أننا أمام سياسة أمريكية لم تعد تخفي انحيازها لصالح دولة الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة بشكل خاص، والعربي بشكل عام.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"