ليبيا.. القرارات وحدها لا تكفي

04:06 صباحا
قراءة دقيقتين

لا تنقص الأزمة الليبية قرارات ومواقف دولية. لقد صدر كثير منها في مجلس الأمن، وفي الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، والجامعة العربية، وفي المؤتمرات واللقاءات التي عقدت على مستويات مختلفة إقليمياً وأوروبياً ودولياً.
ما ينقص الأزمة الليبية، هو الفعل والإجراءات الميدانية التي تطبق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والداعية إلى حظر توريد السلاح، وإلزام الأطراف المتحاربة بوقف القتال، وعدم التدخل في شؤون هذا البلد العربي الذي سقط فريسة للقوى الدولية الطامعة في ثرواته، والتي تمكنت من إيجاد موطئ قدم لها، من خلال قوى محلية تتصارع على السلطة والنفوذ، وجماعات إرهابية وضعت نفسها في خدمة كل مخططات التدمير التي تستهدف الوطن العربي.
لقد كرر المجتمع الدولي يوم أمس الأول، مواقفه الداعية إلى التمسك بالحل السياسي في ليبيا، وهو ما أكدته روسيا والولايات المتحدة وأوروبا، لكن مثل هذه المواقف لا يحل أزمة، ولا يقدم حلاً، طالما هناك انتهاك يومي للقرارات الدولية، وطالما هناك دولة مثل تركيا، تواصل تحدي المجتمع الدولي ولا تُعير اهتماماً لأية قرارات أو التزامات، وتصر على المضي قدماً في عمليتي تخريب وتدمير ممنهجتين لليبيا، من خلال تصدير السلاح والمقاتلين والإرهابيين بحراً وجواً.
مثلاً، قرر الاتحاد الأوروبي تشكيل قوة بحرية بدأت عملها مطلع الشهر الحالي في شرق البحر المتوسط تحت مسمى إيريني ( السلام باليونانية) لمراقبة حظر الأسلحة إلى ليبيا، في إطار خطوات تم الاتفاق عليها في مؤتمر برلين، تهدف لوقف إطلاق النار والمباشرة بحل سياسي.
والذي حصل هو أن وقف إطلاق النار لم يتحقق، ولا العملية السياسية انطلقت، ولا القوة البحرية الأوروبية حققت عملية واحدة ناجحة لوقف تصدير السلاح والمقاتلين إلى ليبيا، حتى إن المبعوث الدولي غسان سلامة، قدم استقالته من منصبه لشعوره بأنه يتعرض لعملية خداع دولية، وعدم صدق في الوفاء بالالتزامات التي يتم الاتفاق عليها، وقد حذر أكثر من مرة من أن ليبيا تتجه للانزلاق نحو مزيد من الاقتتال والتفكك.
ووفقاً لأكثر من تقرير دولي، فإن أنقرة ما زالت ترسل المجموعات المسلحة التابعة لها من سوريا إلى ليبيا بشكل شبه يومي، عبر الطائرات والسفن، وقد بلغ عدد هؤلاء ما بين خمسة عشر ألفاً وعشرين ألفاً، وهم الذين يخوضون معارك حكومة الوفاق ضد الجيش الوطني الليبي، كما أن الضباط الأتراك يُديرون غرف العمليات في طرابلس ويشرفون على العمليات العسكرية، ويطلقون الطائرات التركية المسيّرة ضد مواقع الجيش الليبي.
تركيا تقوم بكل ذلك في ظل قرارات دولية بفرض حظر توريد السلاح، وفي ظل وجود قوة بحرية أوروبية تراقب، ولكنها لا تمنع، وفي ظل وجود أقمار صناعية عمياء من المفروض أن ترصد كل حركة باتجاه ليبيا جواً وبراً وبحراً.
إن التعامي عن التدخل التركي الوقح في ليبيا، والاكتفاء بالبيانات والمواقف السياسية، هو تهرب من تحمل المسؤولية، إن لم يكن تشجيعاً لأنقرة كي تمضي في غيّها وتخريبها، وتُمعن في التآمر على ليبيا والأمن القومي العربي.
وهنا نسأل: أين الموقف العربي؟ نكتفي بالسؤال؛ لأن الجواب أشد مرارة من العلقم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"