مهووس بالسلطة و«الخلافة»

03:19 صباحا
قراءة دقيقتين

يوماً بعد يوم، يُسفر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحالم باستعادة «الخلافة العثمانية» عن وجهه الحقيقي ونواياه الاستعمارية، مستحضراً مرحلة مظلمة من التاريخ الإنساني عندما كانت الأطماع الاستعمارية تشكل الوجه البشع للدول الغربية التي استباحت قارات وشعوباً، ونهبت خيراتها ومارست أبشع أساليب البطش والإرهاب، وما زالت آثارها حتى الآن تشكل علامة سوداء في تاريخ البشرية.
أردوغان هذا، يحاول أن يكون أحد سلاطين بني عثمان لعله يسترد مجداً ضاع وانتهى، ولن يعود مهما فعل؛ لأن التاريخ لا يعود إلى الوراء، كما أن عصر المعجزات انتهى مع رحيل آخر الأنبياء، وأردوغان مجرد إنسان يعيش حالة وهم والتباس؛ بين مهووس بالسلطة ومشروع خليفة.
آخر ما طلع به علينا أردوغان، قوله بمناسبة عيد الأضحى، إننا «عازمون على تتويج نضالنا الممتد من سوريا والعراق حتى ليبيا، بالنصر، لنا ولأشقائنا هناك»، في حين سار وزير دفاعه خلوصي أكار على نفس المنوال خلال احتفال نظمته وزارة الدفاع بمناسبة عيد الأضحى بالقول: إن «تركيا تقدم لقوات الحكومة الليبية الشرعية التدريب والتعاون، والاستشارات والدعم في المجال العسكري».
أردوغان يرى أن الغزو التركي المباشر للعراق وسوريا، من خلال «انكشاريته» المرتزقة والإرهابيين الذين يرعاهم، هو «نضال» يستكمله في ليبيا؛ أي أنه مصمم على أن تكون ليبيا على مثال ما «أنجزه» في البلدين العربيين المجاورين لبلاده؛ أي ساحة للإرهابيين يعيث فيها الخراب والتدمير والقتل، ويزرع فيها بذور التطرف والتقسيم.
أردوغان تحوّل بالفعل إلى عبء وخطر على المنطقة والعالم، وعلى تركيا أيضاً؛ لأن ما يقوم به في دول الجوار، وفي المحيطين الإقليمي المتوسطي والأوروبي، بات يهدد الأمن والسلم الدوليين.
فهو يستفز اليونان ومصر وقبرص والدول الأوروبية بالتفتيش عن النفط شرقي المتوسط، بعيداً عن المياه الإقليمية التركية؛ بل ويستفز مشاعر المسيحيين بتحويل «آيا صوفيا» إلى مسجد، كما أنه يعلن على الملأ أنه يرعى الجماعات الإرهابية ويُدرِّبها ويُرسلها إلى ليبيا، كما يفعل في سوريا.
ومن يتابع مواقفه يستطيع أن يدرك أن كلامه أقرب إلى الهذيان، وكأن لسانه قد فلت من عقاله، كقوله إن تدخل مصر في ليبيا «غير شرعي»، وهو يعرف تماماً أن غزو بلاده لليبيا هو غير الشرعي؛ إذ إن تركيا تبعد عن هذا البلد العربي آلاف الكيلومترات، في حين أن مصر المجاورة تمارس حقها الشرعي والسيادي في الدفاع عن أرضها وأمنها القومي من الغزو التركي.
وإذا كان أردوغان يعتبر الاتفاق مع رئيس ما يسمى «حكومة الوفاق» في طرابلس فايز السراج يُعطيه حق الغزو، فهذا الاتفاق مزور؛ لأن السراج ليس له الحق في توقيع أي اتفاق باسم الشعب الليبي، ولا يحمل تفويضاً بتقديم ليبيا «هدية» مجانية لأردوغان.
السراج تحوّل إلى دمية تركية، وإلى «حصان طروادة» يقوده أردوغان الحالم ب«الخلافة».!

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"