ابتزاز نووي

03:06 صباحا
قراءة دقيقتين
لم يكن صدفة أن تتحدث «إسرائيل» علانية، وللمرة الأولى عن «البقرة المقدسة» أو أن تسمح لأحد بالاقتراب من السر النووي الذي كان محظوراً على العالم الحديث عنه أو سؤالها عنه.
فجأة، خرجت وسائل الإعلام «الإسرائيلية» والسياسيون ومعهم خبراء نوويون عن صمت مديد، وبدأ الحديث عن مفاعل ديمونا النووي المتهالك الذي تجاوز عمره الافتراضي، بعدما أدى دوره في تصنيع ترسانة نووية تقدر بـ 200 قنبلة نووية كما تُجمع معظم أجهزة الاستخبارات العالمية ومراكز الأبحاث المعنية بالتسلح النووي.
النقاش داخل «إسرائيل» خرج إلى العلن لأول مرة خلال الشهر الحالي خلال منتدى للشؤون النووية عقد في «تل أبيب»، وأميط فيه اللثام عن وجود 1537 عيباً في جسم ونواة المفاعل الذي بني في أواسط الخمسينات وتحول الآن إلى قنبلة موقوتة تهدد المنطقة بأكملها إذا لم يتم إغلاقه بشكل عاجل.. حتى إن نواباً في «الكنيست» دعوا إلى عقد جلسة عاجلة للبحث في مصير المفاعل، وهي المرة الأولى في تاريخ «الكيان» التي يناقش فيها شأن نووي في «الكنيست»، إذ كان محظوراً مناقشة هذا الأمر تحت أي ظرف كان، باعتباره سر أسرار الكيان الصهيوني.
ليس في الأمر ما يدعو للاستهجان، إذ إن «إسرائيل» تعمدت إعطاء الضوء الأخضر للحديث عن مفاعل ديمونا النووي لاستخدامه في عملية ابتزاز للدول الغربية.. لماذا؟
من خلال تتبع ردود الفعل داخل «إسرائيل» وما يمكن استنتاجه من كلام قيل بهذا الخصوص، فإن المفاعل المذكور فقد قيمته كمنتج لمادتي البلوتونيوم واليورانيوم اللتين تستخدمان في الأسلحة النووية.. والأهم أن «إسرائيل» لم تعد بحاجة إلى أسلحة نووية، فلديها من مخزون القنابل ما يكفي لتدمير المنطقة، لذلك قررت التخلص من المفاعل.. لكن كيف؟
إن إثارة مسألة تقادم المفاعل والعيوب في جسمه وفي نواته، وبالتالي المخاطر الناجمة عن انهياره هدفها لفت أنظار الدول الغربية ووكالة الطاقة الذرية الدولية التي كان محظوراً عليها الاقتراب من المفاعل أو الحديث عنه، إلى الأمر، وفتح نقاش مع الحكومة «الإسرائيلية» للبحث في إمكانية التخلص من المفاعل بقصد تحميل هذه الجهات كلفة إغلاقه واستبداله بمفاعل آخر يعمل بالمياه الثقيلة للأغراض السلمية، وبالتالي وضعه تحت الرقابة الدولية كي تبدو أنها تلتزم بشروط وكالة الطاقة والقرارات الدولية ذات الصلة، ولكن من دون الاقتراب من ترسانتها النووية «الغامضة».
يبدو واضحاً أن هناك رائحة كريهة من وراء الحديث عن مخاطر مفاعل ديمونا الآن.. لكن أليس غريباً هذا الصمت العربي وكأن صدى ما يتردد داخل «الكيان» لم يصل إلى الأسماع بعد.. رغم أن المفاعل المذكور هو في الواقع.. في أحضان العرب؟!
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"