السودان وحقه في التغيير

03:21 صباحا
قراءة دقيقتين
من حق الشعب السوداني الشقيق، كما كل شعوب الأرض، أن يصبو إلى الحرية والأمن والاستقرار، وأن ينشد دولة القانون التي تؤمّن بالمساواة والعدالة، وأن تكون دولة لكل مواطنيها توفر لهم الحياة الكريمة وتبعد عنهم شبح الفقر والعوز، ولا تكون دولة فئة أو حزب أو جماعة. دولة يتساوى فيها الجميع لا يشعرون فيها بغبن أو سطوة قلة تنهب المال العام أو تمارس الفساد وكأن مال الشعب حق يجوز نهبه.
عندما بدأ الحراك الشعبي في السودان يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كانت الجماهير التي احتشدت في الساحات والميادين تطرح مطلباً واحداً هو تغيير النظام، لأنها وصلت إلى مرحلة لم تعد قادرة فيها على الصمت أكثر، والسكوت على مظالم عهد استمر نحو ثلاثين عاماً مثل كابوس يقض المضاجع ويقلّب المواجع ويرتكب الفواجع، وظل يمتص قوت الشعب من دون أن يقدم ما يكفي أبسط حاجاته، مكتفياً بوعود لا تسمن ولا تغني من جوع، وحوّل السودان إلى صحراء سياسية قضى فيها على كل رأي حر أو حزب يتعارض موقفه مع نهج وفكر جماعة «الإخوان»، ولم يترك للمجتمع المدني دوراً يؤديه في إطار التفاعل داخل المجتمع، بما يخلق الحيوية على مختلف المستويات الاجتماعية والثقافية والنقابية.
وكان في نهاية الأمر لا بد من نهاية لنظام فقد دوره وانتهت صلاحيته، من خلال حراك شعبي متواصل وتفاعل إيجابي من جانب القوات المسلحة السودانية.
وكانت حركة القوات المسلحة باقتلاع رأس النظام، وتقويض أركانه بداية لا بد منها للتغيير تحقيقاً لمطلب الشعب ونزولاً عند إرادته، وما كان تولي الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس العسكري الانتقالي إلا خطوة في الاتجاه الصحيح لتجسيد إرادة الشعب وإبعاد الشكوك من محاولة إعادة إنتاج النظام السابق بوجه جديد أو بنسخة منقحة تعيد الشعب السوداني إلى نقطة الصفر.
لهذا سارعت دولة الإمارات العربية المتحدة، انطلاقاً من حرصها على الشعب السوداني في تحقيق تطلعاته المشروعة، إلى التواصل مع المجلس العسكري الانتقالي بتوجيه من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، لبحث مجالات المساعدة للشعب السوداني الشقيق، كما أعلنت ترحيبها بتسلم الفريق أول الركن البرهان رئاسة المجلس العسكري، واعتبرت ذلك «خطوة تجسّد تطلعات الشعب السوداني الشقيق في الأمن والاستقرار والتنمية».
ومن منطلق الأخوة والحرص على السودان وشعبه، أعربت الإمارات عن ثقتها الكاملة بقدرة الشعب السوداني وجيشه الوطني على تجاوز التحديات، والمحافظة على الأرواح والممتلكات. كما تمنت على جميع القوى السياسية والشعبية والمهنية والمؤسسة العسكرية الحفاظ على المؤسسات الشرعية والانتقال السلمي للسلطة وضمان مستقبل أفضل لأبناء السودان والحفاظ على الوحدة الوطنية.
لقد تجاوب المجلس العسكري الانتقالي مع المطالب الشعبية في ضرورة الانتقال السلمي للسلطة من العسكريين إلى المدنيين وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تؤكد الحرص على الديمقراطية بمشاركة كل الأحزاب والقوى السياسية من دون إقصاء لأحد، ومحاكمة كل الفاسدين من دون استثناء، وترسيخ مبدأ الحوار لحل كل الخلافات المحتملة بروح من الأخوة والإيجابية.
إنها بداية التغيير المطلوب.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"