الضم.. والصدع «الإسرائيلي»

03:21 صباحا
قراءة دقيقتين

ربما بدأ البيت «الإسرائيلي» المبني على مظلمة تاريخية في التصدع بعد التباين العلني بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير حربه وشريكه بيني جانتس حول خطة ضم أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية. ولا يتعلق الأمر ب«مبادئ» يكفر بها الأول ويؤمن بها الثاني. كما يجب ألّا يتبادر إلى الذهن أن هذا التباين حدث من أجل الفلسطينيين و«زهداً» في أراضيهم، وإنما تحركه حسابات داخلية تخص نتنياهو وجانتس في علاقة بالتفاعلات الدولية والإقليمية حول الخطة المشؤومة.

يقول جانتس، إن موعد الخطة «ليس مقدساً»، وأبلغ ذلك الولايات المتحدة عبر سفيرها ديفيد فريدمان ومستشار البيت الأبيض آفي بيركوفيتش. أما نتنياهو فما زال يدافع عن تنفيذ خطته في الأول من يوليو/تموز، ويزعم أنها «لن تسيء إلى السلام»، بينما الوقت يضيق، والإدارة الأمريكية التي زينت لنتنياهو المضي في التهام المزيد من الحقوق الفلسطينية، أصبحت محاصرة ومختنقة بأزمات لا حد لها، وترامب الذي يواجه انتخابات حاسمة لفترة رئاسية ثانية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لم يعد واثقاً بالفوز مثلما كان عليه حاله حين وقّع على تهويد القدس وإطلاق «صفقة القرن». وبسبب خطة الضم، أصبحت واشنطن بدورها مأزومة، وحاولت عبر وزير خارجيتها مايك بومبيو التنصل قدر الإمكان من المسؤولية، واعتبار تنفيذ الخطة أو عدمه «شأناً إسرائيلياً»، في الوقت الذي تبدو فيه إدارة ترامب متصدعة ومرتبكة بشأن التنسيق مع نتنياهو وجانتس لإيجاد مخرج من هذه الورطة، ربما سيتم الإعلان عن ذلك خلال الساعات المتبقية قبل بداية الشهر.

إذا تراجعت «إسرائيل» عن خطة الضم كما تم الإعلان عنها فلن يتغير شيء كبير على الأرض، فالاحتلال ما زال يعبث ويعربد، والسلطة الفلسطينية تتكسر أطرافها ومواردها في كل يوم. ولكن مجرد التأجيل قد يكون مكسباً للفلسطينيين يمكن استثماره في المرحلة المقبلة، خصوصاً إذا غَرُب ترامب وفريق «صقوره» من البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر، وحينها قد يجد نتنياهو نفسه وحيداً في مواجهة المجتمع الدولي الذي تجمع كل دوله ومنظماته على رفض خطة ضم المستوطنات والأراضي الخصبة في غور الأردن؛ لأنها تتعارض مع المصالح الدولية المرهونة بحل الدولتين، وذلك ما يفسر المواقف الحاسمة للجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي لوح بشكل واضح بفرض عقوبات على «إسرائيل» إن مضت في الخطة غير المشروعة.

تصدع البيت «الإسرائيلي» يجب أن تقابله وحدة في الموقف الفلسطيني بكل ألوانه، فذلك هو الذي يردع الاحتلال ويحد من عنجهيته، وهو ما عبر عنه الإعلام «الإسرائيلي» في الأيام الأخيرة بالخوف من استخدام الفلسطينيين «سلاح يوم القيامة»، وهو حل السلطة الوطنية وإلغاء «اتفاق أوسلو»، وهو ما يقود إلى تعرية «إسرائيل» تماماً، ويجعلها مجدداً في مواجهة الفلسطينيين والعالم كله الذي بات يدرك أن هذا الاحتلال الطويل أصبح عبئاً ثقيلاً على الشرعية الدولية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"