توعية الوعي

03:30 صباحا
قراءة 3 دقائق
عبدالله الهدية الشحي

عندما يتم ترحيل الوعي المجتمعي من منطقة القيم ومنهج ما يجب أين يكون ومن ساحة الفن الممكن المؤطر بالمبادئ النبيلة، إلى دائرة فكر القطيع عن طريق الاتّباعية المطلقة والكائنات الرقمية الوهمية، وحين يتسيد صناعة الاتجاه العام ويتقدم مشهده الاجتماعي والثقافي والفكري من لا يدرك حقيقة نفسه العبثية قبل معرفة واقعه الزائف الذي أسسه في عالم الإعلام الحديث، على جرف هش شيده مع مريديه الذين استخف بهم فتابعوه واتّبعوه وانبهروا من حيث لا يدرون بترّهاته، التي لا طعم لذائقتها الحياتية ولا رائحة لذوقها المجتمعي، حينها لا بد أن تصبح المنظومة المجتمعية جراء هذا بميثاقها وعرفها ونسيجها وثقافتها بلا أيقونة تحدد رؤاها، ولا هدف يرسم مسلك مسراها ويحدد دروب مبتغاها وبدون هوية واضحة توافق الحراك الحضاري بمعطيات الإبداع الذي يسهم في خلق الرقي للفكر الإنساني والتطور النهضوي.
حين نروج لحراكنا في فضاء التسويق الإلكتروني، من أجل زيادة عدد المتابعين ومدّ رقعة الانتشار وحين نقوم لنتحسس من فكرنا الذي لم يأكله ذئب التنوير، وإنما ألقاه الانبهار في جب سخافة مهرجي برامج التواصل الاجتماعي، وابتاعته قافلة الاختراق الفكري بثمن تغريبه عن عقله وعادات وتقاليد مجتمعه نكون نحن من ساهم في نشر الغث وتنجيم من لا يستحق أن يكون شيئاً مذكوراً، وحين نرى حضورنا بعيون الأحمق هبنقة الذي جعل في عنقه قلادة من ودع وعظام وخزف، وقال أخشى أن أضل نفسي ففعلت ذلك لأعرفها وعندما حولت القلادة ذات ليلة من عنقه إلى عنق أخيه قال لأخيه صباحاً: يا أخي أنت أنا فمن أنا؟ فإننا حتماً بحمق هذا الهبنقة نعمل على خداع أنفسنا ظناً منا بأن الذي سيأتي بكرامة معجزة المعمول وبمقدرة تفنيد ريح قميص المأمول، الذي سيرد بصر العرب ويعيد إليهم بصيرتهم هو أحد مشاهير برامج التواصل الاجتماعي فنستعين به، وفق نهج عين الرضا ومنهج العقل الجمعي دون دراسة لواقعه ومستوى فكره وثقافته وعلمه ودون دراية بمجال الفلك الذي يدور به وبنوعية متابعيه فنقع في هاوية المحظور ونكافئ من لا يستحق، يحدث هذا للأسف ونحن نوهم أنفسنا بأننا نحسن صنعاً حين اتخذناه خليلاً لحراكنا، بينما حقيقة الواقع تقول: بأن تسويقه مجرد جعجعة دون طحين، لكون جميع متابعيه لا شأن لهم بفكرنا وتفكيرنا؛ بل إن دعاية التسويق لمحلات الكرك الذي يقدمها هذا المشهور منذ زمن، لا تزال وستبقى الأهم بالنسبة له ولهم من غايتنا.
ونحن نعرف النظرية النقدية التي لا تستطيع بحال من الأحوال أن تقبل ظاهر الأشياء، وتعتبره مسلّماً به دون أن تبحث في الباطن ونعرف معها النظرية الوظيفية التي لا تسأل ولا تبحث عن المسببات التي لا تعني شيئاً بالنسبة للموقف ونحن ندرك مغزى المقولة التي تقول: «لا تحاول إقناع البقرة بأن الموز ألذ من العشب؛ بل حاول إقناع نفسك أن لا دخل لك فيما تحبه البقرة»، كان لزاماً علينا أن نشرح بكل وعي مقولة نجيب محفوظ: «النباتات لا تملك العقل، ولو غطيتها بصندوق فيه ثقب، لخرجت من هذا الثقب، تتبع الضوء، فما بالنا لا نتبع النور ونحن نملك العقول». فمتى ندرك أن الشمس لا يغطيها غربال وأن من لم يقرأ طيلة عمره كتاباً، لا يمكن أن يسوق للقراءة .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"