أول درس للإبداع

03:40 صباحا
قراءة دقيقتين
شيماء المرزوقي

إذا كنا بصدد الحديث عن الإبداع والتميز والابتكار، فأول نقطة يجب التركيز عليها تتعلق بالاستعداد الذاتي ثم الثقة بقدراتك وأفكارك، وعدم الالتفات للصعوبات والعقبات؛ لأنها جزء دائم من أي مهمة وعمل. ومع الإصرار والحماس لا يوجد مستحيل ولا توجد في قاموس المبدعين والمبتكرين مفردات من العجز أو شح الإمكانات أو تواضع في الخبرات؛ لأنهم دوماً يسدون أية فجوة ويعملون على تلافي أي قصور معرفي أو علمي بالمزيد من العلم، وفتح منافذ جديدة أمام أي معضلة، فهم يتقبلون الصعوبات بتوقعها قبل حدوثها. وخير دلالة على هذه الكلمات مراجعة التاريخ؛ حيث تعد دراسة تاريخ الاكتشافات والمخترعات التي تمت في حقب زمنية ماضية جديرة بالتوقف أمامها، والتأمل في أثرها الكبير في مسيرة الحضارة الإنسانية المعاصرة.
ولن أذهب بعيداً؛ حيث أستحضر مثالاً من الحضارة الإسلامية عندما نجح العالم أبو بكر الرازي في اكتشاف علاج طبي مذهل في العصر الذي عاش فيه، وتحديداً قبل نحو 1200
عام، وهو علاج الحساسية التي تصيب الجلد لدى بعض الناس. ليس هذا وحسب؛ بل إنه قام بصناعة مرهم علاجي لهذا العارض. والغريب والعجيب في قصة هذا العالم الشهير، أن في زمنه لم يكن هناك معدات متطورة يمكنها اكتشاف الجرثومة، التي يعانيها الجلد ولا مختبرات يمكن من خلالها معرفة نوع المرهم المناسب، ورغم هذا نجح في تقديم مرهم علاجي.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن كثيراً من علماء الإسلام، ظل الغرب وطوال قرون يدرسون أثرهم العلمي وتراثهم المعرفي الذي لا يقدر بثمن، وذهب الكثير من المؤرخين للتأكيد بأن جهود العلماء المسلمين، ودراستها والبناء عليها هي التي مكنت الحضارة البشرية الحديثة من النمو والتطور والتقدم، وهذا يقودنا لحقيقة بديهية وواضحة جداً تتعلق بالقدرات البشرية التي نملكها جميعاً، وتوظيف هذه القدرات التوظيف الصحيح نحو الابتكار، وتقديم مخترعات مميزة تفيد البشرية جمعاء، الاعتذار بشح الإمكانات أو قلة الموارد أو صعوبة الهدف، جميعها لا شيء أمام الإصرار والحماس والرغبة الصادقة العميقة لتحقيق منجز يلهم الآخرين، ويقدم لهم حاجة حياتية هم ينشدونها. إذا كنت تريد أن تكون مبدعاً فتعلم أول الدروس وهو وبشكل مختصر لا تيأس وحاول مراراً وتكراراً.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"