مرايا «كورونا»

03:08 صباحا
قراءة دقيقتين

فرضت حكومات كثيرة على شعوبها وبلدانها حالات إغلاق اقتصادي كبيرة وعزلة اجتماعية في محاولة لإيقاف انتشار وباء فيروس كورونا. وأمرت السلطات السكان بالتزام منازلهم لمدة ليست بالمعروفة بعد، ولكن هذا لم يكن الخيار الأنسب بالنسبة للملايين من الأشخاص الذين يعملون بأجر يومي.
في الهند تزدحم عادة منطقة تجمع العمال في حي نويدا في العاصمة دلهي بمئات الرجال المياومين الباحثين عن قوت يومهم الذي قد يحمله لهم أحد أرباب العمل الباحثين عن عمال.
ولكن المكان هذه المرة كان خالياً والمنطقة كانت هادئة تماماً، لدرجة أن صوت العصافير كان يسمع في أحد أكثر الأماكن اكتظاظاً فيما مضى.
يحاول بعض الرجال عبثاً العثور على فرصة عمل أياً كانت ليعود لأسرته ببعض المال كي يسد حاجاتهم الأساسية.
يواجه الملايين من الهنود الذين يعملون بأجور يومية المصاعب نفسها منذ إقرار الإغلاق الذي أعلنه رئيس الحكومة، ما يعني أنهم سيحرمون من أي دخل في الأسابيع الثلاثة المقبلة، ومن المرجح أن الكثير منهم سيواجهون شحاً في الطعام في الأيام القادمة.
يذكر أن الهند أعلنت عن تسجيل 500 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، مات منها 10 على الأقل.
ووعدت الحكومات المحلية في ولايات عدة، منها أوتار براديش شمالي البلاد وكيرلا في الجنوب والعاصمة دلهي، بدفع أجور العمال، كما تعهدت حكومة مودي بمساعدة الذين يعملون بأجور يومية والذين تأثروا بقرار الإغلاق. ولكن هناك مصاعب وتحديات عملية للوفاء بهذه التعهدات.
تقول منظمة العمل الدولية إن 90% من القوى العاملة في الهند يعملون في القطاع غير الرسمي، ويعمل هؤلاء كحراس أمن ومنظفين وساحبي عربات نقل الركاب وباعة جوالين وغيرها الكثير من المهن، كما تم إغلاق كل المواقع الأثرية في الهند، وهو ما أثر سلباً في أولئك الذين يعملون في قطاع السياحة ممن ليسوا موظفين رسميين. ولا يحصل معظم هؤلاء على أي رواتب تقاعدية أو إجازات مدفوعة الأجر، حتى المرضية منها، أو أي شكل من أشكال التأمين.
نتفهم ضرورة إغلاق البلاد ونتفهم ضرورة التباعد الاجتماعي، فخطر فيروس كورونا كبير وعلى الناس حماية أنفسهم منه. ولكن كيف سيتمكن هؤلاء المياومون من إطعام أسرهم إذا استمر الوضع على ما هو عليه لعدة أسابيع؟ الذين يأتيهم قوت يومهم قد يلتزمون مساكنهم، ولكن بالنسبة للبعض الآخر، فالخيار سيكون بين السلامة والجوع، فأيهما سيختارون؟

بي بي سي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"